الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السياسة هناك تهدد الاستقرار الاجتماعي

السياسة هناك تهدد الاستقرار الاجتماعي
5 يوليو 2008 02:30
بتوظيفهم لأسعار الوقود المرتفعة، والصراعات الداخلية وسط التحالفات الحزبية يسعى المعارضون السياسيون للإطاحة بزعيمين اثنين في أهم ديمقراطيتين بجنوب شرق آسيا -رغم أنه لم تمضِ سوى شهور على بدء ولايتهما الانتخابية- وهو ما ينذر بتكريس حالة من عدم الاستقرار والاضطرابات الاجتماعية، ففي الأسابيع الأخيرة تعالت في وجه كل من رئيس الوزراء التايلاندي ''سماك ساندراجيف''، ونظيره الماليزي ''عبد الله بدوي'' أصوات متصاعدة تدعوهما إلى الاستقالة! وفيما تمكن رئيس الوزراء ''بدوي'' من تمرير قرار حكومي برفع أسعار الوقود بعد انتصار رمزي حققه خلال تصويت برلماني جرى في 13 يونيو الماضي وأدى إلى انسحاب أحد الشركاء من الائتلاف الحكومي، طالبت المعارضة التايلاندية، وإن كانت قد فشلت في ذلك لاحقاً، بالتصويت لسحب الثقة من حكومة رئيس الوزراء ''سماك'' على خلفية سياساتها الاقتصادية، والنزاع الحدودي مع كمبوديا المجاورة· ومع أن رئيسي الوزراء حصلا معاً على تفويض شعبي واضح في الانتخابات البرلمانية خلال الستة أشهر الأخيرة، إلا أنه ومهما كانت تلك الانتصارات الانتخابية حاسمة، فقد ساهمت فقط في تكريس الانقسامات الاجتماعية بين الناخبين واستقطاب المزيد من المعارضين إلى الحلبة السياسية، وحسب المراقبين تشكل الاضطرابات السياسية التي يجتازها البلدان اختباراً حقيقياً للمؤسسات الديمقراطية وقدرتها على تدبير الخلاف دون الانزلاق إلى الفوضى أو العنف، وفي هذا الإطار يقول ''مايكل مونتيسانو'' -مختص في شؤون جنوب شرق آسيا بجامعة سنغافورة-: ''إن البلدين معا يملكان أنظمة متكلسة، بحيث تسعى كل من تايلاند وماليزيا إلى البحث عن وسائل لضمان التدبير السلمي للخلاف السياسي''· للوهلة الأولى يبدو أن التوقيت المتزامن للمشاكل البرلمانية في تايلاند وماليزيا وليد الصدفة، لكن الصراعات السياسية تؤشر في العمق إلى مدى التنافس المحتدم بين التصورات والرؤى المختلفة لقيادة البلدين، ففي تايلاند انتقلت الانتقادات إلى الشارع، حيث نزل عشرات الآلاف من المتظاهرين لأسابيع متوالية في مشهد شبيه بالاحتجاجات الطويلة لعام 2006 التي انتهت بانقلاب عسكري ضد رئيس الوزراء ''تاسكين شيناوترا''، وفيما حاول متزعمو الاحتجاجات الحالية استغلال استياء الناس وتذمرهم من أسعار الوقود والغذاء المرتفعة، ظل الهدف الأساسي مصوباً نحو رئيس الوزراء السابق ''تاسكين'' الذي يُتهم بتحريك الحكومة الجديدة، وسعيه لإفشال قضايا الفساد المرفوعة ضده في المحاكم· وبالنسبة للنخبة الملكية في العاصمة ''بانكوك'' شكلت الدعوات الشعبوية التي ركز عليها ''تاسكين'' لاستقطاب المزارعين واعتناقه للرأسمالية العالمية تحدياً مباشراً لنفوذهم في البلاد، ولم يكن غريباً أن يأتي الدستور الجديد للبلاد الذي صاغه الجيش في العام الماضي لتقويض سلطات السياسيين المنتخبين وتعزيز صلاحيات الجهاز الإداري، إلى جانب القضاة والجنرالات، وجاء انتخاب ''سماك'' الذي يرأس حزب ''القوة الشعبية'' الذي أسسه ''تاسكين'' لإحياء التوتر السياسي بين الأطراف المختلفة على الساحة التايلاندية· أما في ماليزيا فإن التنافس بين النظامين الجديد والقديم يختلف عن نظيره في تايلاند، حيث يتزعم ''عبدالله بدوي'' المنظمة الوطنية الموحدة للمالايا منذ استقلال البلاد في العام ،1957 لكن نجاحها طيلة السنوات السابقة في تحويل ماليزيا من بلد متخلف إلى اقتصاد صناعي نشط تراجع في الفترة الأخيرة بسبب تهم الفساد الموجهة للحكومة، والامتيازات التي يحصل عليها المالايا دون غيرهم، وفي هــــذا الإطـــار انتقل ''أنور إبراهيم'' -نائب رئيــــس الوزراء السابـــق- إلى زعيم للمعارضة، متعهـــداً بإسقاط الائتلاف الحكومي الحالي خلال الشهور القليلة القادمة، وبتفكيك -في حالة صعوده إلى الحكم- نظام الرعاية الذي تخص به الدولة عرقيـــة بعينهــــا ما يثير استياء الأقليات الأخرى· لكن ''أنور إبراهيم'' الذي يعد بكل تلك التغييرات الطموحة يواجه تهماً أخلاقية يقول إنها ملفقة من قبل الحكومة للنيل من مصداقيته وإجهاض طموحاته السياسية، ومع أن خطاب ''أنور إبراهيم'' قد ينطوي على مبالغات في رأي بعض المراقبين، إلا أنه يعكس الرمال المتحركة تحت أقدام رئيس الوزراء ''عبدالله بدوي'' بعد المكاسب التي حققتها المعارضة في الانتخابات الفدرالية وانتخابات الولايات خلال شهر مارس الماضي، وهو ما شجع المنتقدين داخل حزبه بالجهر بأصواتهم· ويعبر عن الوضع الماليزي المضطرب الصحفي ''ستيفان جان'' بقوله: ''نظرياً يملك بدوي تفويضاً شعبياً، لكن الأمر يختلف عندما يفقد المرء القدرة على حشد التأييد داخل حزبه''، ومن بين القواسم المشتركة التي تجمع ماليزيا وتايلاند في المرحلة الحالية هو استياء الناخبين من زعمائهم المنتخبين الذين يبدو أنهم انفصلوا عن القضايا الأساسية التي تهم المواطنين، كالمصاعب الاقتصادية والارتفاع الصاروخي في أسعار المواد الغذائية، والأكثر من ذلك أن الزعيمين معاً، ''بدوي، و''سماك'' تراجعت سلطتهما في الفترة الأخيرة، ما أثر في قدرتهما على الحركة واتخاذ المبادرات· والمفارقة اللافتة أن كلا القائدين يعيشان تحت ظلال الزعماء السابقين الذين يتفوقون عليهم في الرأسمال السياسي، فمن جهة طالب رئيس الوزراء الماليزي السابق ''مهاتير محمد'' الذي خلفه ''بدوي'' في العام 2003 باستقالة هذا الأخير بعد الأداء السيئ في الانتخابات الأخيرة، لكن مع إصرار ''بدوي'' على البقاء في منصبه استقال ''مهاتير محمد'' من الحزب تعبيراً عن احتجاجه، أما بالنسبة لرئيس الوزراء التايلاندي ''سماك'' فإنه يعيش تحت تأثير ''تاسكين'' الذي يعتبر أول زعيم تايلاندي يبقى في منصبه حتى انتهاء ولايته الانتخابية· سيمون مونتلايك-تايلاند ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©