الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السودان بين الفشل والفساد

5 يوليو 2008 02:32
''إنها دولة فاشلة وفاسدة وخاسرة'' هذه هي الأوصاف التي أطلقها السيد ''باقان أموم'' -الأمين العام للحركة الشعبية، الجنوب، ووزير رئاسة مجلس الوزراء في الخرطوم- على الدولة السودانية، ودعا كل شعب السودان لمواجهتها للقضاء على ذلك الوضع المهين، ولم يصـــدر تصريح السيد ''باقان'' المشار اليه حتى فتحـــت عليه نيران من عدد من قادة حزب المؤتمر الوطني يدعو بعضهم لطرده من الحكومة ويصفه آخرون بالخيانة ويطلب تقديمه للمحاكمة· لو صدر هذا الوصف للحالة في السودان من زعيم سياسي آخر من خارج الحركة الشعبية لتحرير السودان لما كان له ما حدث من صدى ولما شغل الصحافة السودانية والرأي العام طيلة أسبوع بأكمله، ولكن عدم الثقة الذي أصبح ''فيروساً'' مستمراً بين قيادتي الحزبين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، هو السبب وراء هذه الصفحة والحملة الإعلامية العنيفة التي شنتها الصحف الموالية للحزب الحاكم ''المؤتمر الوطني''· والدليل على ما نقول أن كـــل زعماء الأحزاب السياسية المعارضـــة، يصفــــون الحالـــة الماثلة في الســودان بذات الوصف، ولكن بلغة أقل حدة ووضوحاً، إن ذنب السيد ''أموم'' أنه كان صريحاً أكثر مما يلزم في نظر البعض، وكان مباشراً أو كما يقول الوصف الإنجليزي فإنـــه كان (Blunt)· إن من يتابع تصريحات الصادق المهدي -زعيم حزب الأمة المعارض- وخطبه السياسية في المساجد، يجد أنها كلها تصور الحالة في السودان بالتدهور المريع، إنه يقول هذا رغم أنه توصل مؤخراً إلى نوع من التفاهم والتراضي المحدود مع زعامة الحزب الحاكم، وفي آخر حديث لـ''المهدي'' في خطبة صلاة الجمعة قبل الأخيرة، قال إن السودان يتجه في مساراته كلها نحو هاويتي التشظي والتدويل، وقد وصل سيادته إلى هذا القول بعد أن عدّد المشاكل التي تواجه السودان وموقف الحزب صاحب الأغلبية الميكانيكية في جهاز الدولة برفض الحلول التي يطرحها المعارضون ويتمسك بسياساته رغم خطئها وخلطها، وفي نفس المعنى تقريباً تحدث ''حسن الترابي'' -زعيم حزب المؤتمر الشعبي المعارض- وكذلك فعل ''محمد ابراهيم نقد'' الأمين العام للحزب الشيوعي السوداني· أما على صعيد خارج السودان، فإن وصف الحالة السودانية الحاضرة هو الفشل والفساد، وفي هذا فقد أعلنت مجلة السياسة الخارجية الأميركية -تعتبر مصدراً علمياً متزناً- أن السودان هو الدولة الثانية في ترتيب (الفشل) بالنسبة لدول العالم، ولا تسبقه في هذا المجال إلاّ دولة الصومال· وحقيقة الأمر أن الأزمات والمشاكل تمسك بالسودان من كل جانب، بعضها عسكري، وبعضها سياسي وهذا البعض يكمل ذاك البعض، ولعل آخر الأزمات مشروع قانون الانتخابات العامة الذي تلكأت الحكومة عليه ولم تقره من مجلس الوزراء إلاّ أخيراً، ثم قدمته قبل يومين للمجلس الوطني (البرلمان)، رافضة الأخذ بما اقترحته أحزاب المعارضة من تعديلات ليكون أكثر عدلاً وديمقراطية، ومع هذا وقبله فإن الحزب الحاكم يقدم رجلاً ويؤجل أخرى حول تعديل عدد كبير من القوانين السارية والتي تعارض الدستور، ومجمل بقائها سارية سياسة عملية الانتخابات في العام المقبل، وكأنها عبث لا علاقة له بالتعبير الحق عن رغبات الجماهير التي تتوق نحو الانتقال إلى الحكم الديمقراطي وإنهاء الواقع الحالي· محجوب عثمان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©