السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خطر والفرصة.. رؤية نقدية للإستراتيجيات الأميركية في المنطقة

خطر والفرصة.. رؤية نقدية للإستراتيجيات الأميركية في المنطقة
3 سبتمبر 2009 02:21
عنوان كتاب «الخطر والفرصة: رحلة سفير أميركي في الشرق الأوسط» شائق كمضمونه، لأنه مزيج من مذكرات وتصورات، لمؤلفه السفير الأميركي السابق ادوارد. ب. دجيرجيان، يتناول فيه حقبة امتدت نحو أربعين عاما أمضاها في وزارة الخارجية الأميركية والسلك الدبلوماسي، كان له فيها مساهمة فعالة في رسم سياسة بلاده. وهو يقدم رؤية نقدية للاستراتيجيات الأميركية الجديدة لمواجهة التحديات في العالمين العربي والاسلامي، وللدبلوماسية الأميركية في منطقة الشرق الأوسط، منطلقا من خبرته التي اكتسبها عاملا مع ثمانية رؤساء أميركيين ديمقراطيين وجمهوريين بدءا من كينيدي، وانتهاء بكلينتون. وقد أراد أن يوفر لجمهور القراء فرصة مشاركته في التجارب التي مر بها، أثناء خدمته في الشرق الأوسط، بكل تفاصيلها الدقيقة، وأحداثها العاصفة، ونوادرها المسلية، ومن خلال منصبه الرفيع طور علاقات مهنية وثيقة مع كثير من قادة المنطقة، وكان ناصحا رئيسيا لقادة سياسيين ورسميين شغلوا أعلى المناصب، وساهم في رسم سياسة الولايات المتحدة في المشرق، وكان له دور فعال في ماعرف بمفاوضات التسوية، وكذلك في اطلاق الرهائن الأميركيين في لبنان، وتشكيل التحالف الدولي لمناهضة غزو صدام حسين للكويت. رؤية نقدية المعروف عن هذا السفير أنه يواصل حضوره الدبلوماسي والفكري بغض النظر عن انتهاء خدمته الرسمية سنة 1994، كونه يملك رؤية نقدية استراتيجية للسياسة الأميركية في المنطقة العربية وقارة آسية وبخاصة في أفغانستان وباكستان وكشمير. لذا لم يغب عن ساحة الدبلوماسية الأميركية، ففي العام 2003 ترأس مجموعة استشارية مشتركة بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي للدبلوماسية العامة. وفي العام 2006 احتل منصب مستشار أول لمجموعة بيكر- هاملتون لدراسة أوضاع العراق، وهو الى اليوم المدير المؤسس لمعهد جيمس بيكر الثالث للسياسة العامة في جامعة رايس، حيث يتابع عمله في دراسة السياستين الداخلية والخارجية على السواء. يؤكد دجيرجيان في كتابه القيم أن التحدي الذي يواجه الأميركيين اليوم من أخطر أنواع التحديات ويسميه: صراع الأفكار بين قوى الاعتدال والتطرف في العالمين العربي والاسلامي، وفي رأيه أن راسمي السياسة الأميركية وضعوا افتراضا مغلوطا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي يقوم على القول: ان عصر الايديولوجيات الراديكالية سقط نهائيا، فأسسوا استراتيجيات قاصرة لتعزيز مصالح أميركا في النطقة العربية والعالم. ومن هنا يشخص الأخطاء التي وقعت فيها السياسة الأميركية، ويقترح على الادارات المقبلة: ? أن تتعلم الولايات المتحدة الأميركية كيفية التعامل مع الأمور الدينية والاثنية والثقافية المعقدة في الشرق الأوسط. ? ألآ تفرض نظامها السياسي على العالمين العربي والاسلامي. ? المساعدة في تهميش الراديكاليين، وتخفيف تأثيرهم بدعم التجربة الديمقراطية في الحياة، بشكل يتناغم مع الاطار الثقافي لمجموعة القيم والمثل السائدة في المنطقة. ? وضع استراتيجيات متجانسة وضرورية تعرف كيف تتعامل بشكل فعال مع خطر وشيك، وفرصة دينامية يفرضها الصراع في العالم الاسلامي. رسالة إلى الرئيس يتضمن الكتاب 11 فصلا في 309 صفحات مليئة بالنظريات والنوادر والوقائع المسلية، مكتوبة بمزيج من الدبلوماسية والأدب وهي: الفصل الأول: خطاب في الميريديان، والثاني: الاسلام والديمقراطية، والثالث: بيروت، والرابع: دمشق، والخامس: القدس، والسادس: العودة الى طريق دمشق، والسابع: حل النزاع العربي الاسرائيلي، والثامن: بغداد، والتاسع: علوم السياسة الطبيعية للطاقة، والعاشر: الدبلوماسية العامة وصوت أميركا، والحادي عشر: التحدي الاستراتيجي في قوس الأزمات. وبين المحطات المهمة في الكتاب يشير التمهيد الى النقاش الذي دار في أروقة الكونغرس الأميركي للاجابة عن سؤال: لماذا يكرهنا العرب والمسلمون؟ وقد ترأس المؤلف مجموعة استشارية لدراسة الموضوع، وقدم رؤية استراتيجية للدبلوماسية الأميركية في أكتوبر 2003 بعنوان: تغيير العقول.. كسب السلام. فلاحظ أن الدبلوماسية الأميركية يجب أن تبنى على «حقيقة أن الشرق الأوسط وجنوب آسيا من أكبر مناطق انتاج النفط والغاز» في العالم. وقبل الفصل الأول وضع رسالة الى الرئيس القادم، يبدو أن الادارة الأميركية تتبناها في عهد أوباما، يقول فيها: «ان العدو الذي سيواجه الولايات المتحدة والمجتمع الدولي لن يكون غير التطرف والارهاب، وتصارع الأفكار بين قوى التطرف والاعتدال في العالم الاسلامي هو تحدي الأجيال القادمة...». ثم ينصح السلطات أن تتجنب الشعارات السياسية المنمقة التي لا تؤدي الى نتائج... ويقول: «ان سياسة الولايات المتحدة لا بد وأن تعمل على دعم قوى الاعتدال وتهميش المتطرفين والراديكاليين سواء كانوا علمانيين أم متدينين». وفي الرسالة يطالب المؤلف بأن تكون امدادات النفط والغاز من الشرق الأوسط أعلى سلم الأولويات فيؤكد أن «العمل على وضع سياسة أميركية للطاقة تستجيب للظروف الطارئة في الحفاظ على الطاقة وايجاد مصادر بديلة لها، يشكل تحديا للسياسة العامة، ولا بد وأن تتصدى له وتضعه في سلم أولوياتك». استدراكات الكتاب كما قلنا حافل بالنقد والمراجعة، يشوبه التكرار حينا، لكنه ينصح بخوض صراع الأفكار (خدمة للطاقة) بطريقة شاملة، تغطي الميدان الثقافي لتحقيق هدف تغيير العقول، وهذه تحتاج الى تدريب مستمر في اللغات وبرامج التعليم الثقافي ومنها اللغات العربية والفارسية والأوردية والأفغانية والتركية... بهذه الطريقة يمكن تحسين صورة أميركا لدى العرب والمسلمين، لأن الاحصاءات تشير دائما الى تفاقم موجة العداء للولايات المتحدة في المنطقة، وقد بلغت مستويات تثير الذعر والاشمئزاز طبقا لاستطلاعات الرأي سنتي 2005 و 2006 . وبخبرته الدبلوماسية يرسم المؤلف اطارا مستقبليا للسياسة الأميركية مكررا الأهداف المعروفة حول التسوية والتنمية ومحاربة الارهاب والطاقة ومنع الانتشار النذووي والأنظمة الحرة وحقوق الانسان... كلها شعارات براقة في الكتاب أكثر مما هي اطار استراتيجي لأنها جربت سابقاً وسقطت، وأوصلت مكانة أميركا الى الحضيض، وكانت في معظمها اسما على غير مسمى كما قال الكاتب في الفصل الأول. فالمشكلة ليست في كره العرب والمسلمين لأميركا بل في كره أميركا بادارتها السياسية للعرب والمسلمين وانحيازها الكامل للعدو الصهيوني. ? الكتاب: الخطر والفرصة ? المؤلف: ادوارد. ب. دجيرجيان ? المترجم: الدكتور السيد عليوه ? الناشر: دار الكتاب العربي، بيروت
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©