الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

موتي ملكٌ لي

موتي ملكٌ لي
3 سبتمبر 2009 02:24
ترجمة: أديب كمال الدين * ولدت الشاعرة الأسترالية الكبيرة اليزابيث ريدّل عام 1910 وتوفيت عام 1998. وقد عملت في صحافة بلدها محررةً أدبيةً وناقدةً منذ عام 1939. وعبر مجاميعها الشعرية العديدة حققت لنفسها مكانةً متميزةً في خريطة الشعر الأسترالي المعاصر، بسبب من أن شعرها يمتاز بقدرة لا تضاهى على الإيجاز، والغور في النفس البشرية، والقراءة الذكية للحياة الأسترالية حيث تندمج لغة الأمل مع الأسى مع الطبيعة الآسرة. أربعة في الساحة «ليس من شيء لتعمله وهناك زمن لتعمل اللاّشيء فيه» قال الرجلُ العجوز. الكلبُ.. الحمامة تعبا من الكلام، وانصرفا إلى النوم. حلمَ التمثالُ وهو على قاعدته وسُجِنَ في جسده المرمري كان البحرُ تحت أزرقَ، هادئاً وعميقاً «ذلك ما أريده. ليس من شيء على الإطلاق لأفعله إلى أن أموت» لم يتحفّز الكلبُ، ولكنّ الحمامة المطمئنة جالت بعينيها إلى الأعلى نام الرجلُ العجوزُ وشعاع من الشمس فوق رأسه. «مولي»(1) التي أغرقتْ نفسها في «دروينت»(2) أخلع حذائي مبكّرة كانت الريحُ تغنّي عن نباتاتِ الأسلِ تلك حيث الأوزاتُ السود لم تعد تجيء حيث يتجمّد قلبُ الأرضِ بقسوة مثلما يتجمّد قلبي حيث يصيحُ طائرُ الزقزاقُ فوق الماء الأسود والعربة المجلجلة والكلاب التي يتبع بعضها بعضاً في الغسق. *** أخلع حذائي أتممتُ ثمانية عشر عاماً من حياة الآخرين، ولكن الآن سأجعل موتي ملْكاً لي. ليس من مزيدٍ من القلق فمَن ظلالها تمّر بجانبي فوق الجدار تمشي معي سويّة. ليس من مزيدٍ من أيّ شيء فقط الظلام والسقوط مثل حجر في المرجِ والظلامِ، والاستلقاء بهدوء ماعدا أن تتأرجح قليلاً، بهذه الطريقة أو تلك ما بين الأعشاب، وقت المغرب، فوق المدّ. تعال وامشِ معي في أيّ صباحٍ من صباحاتِ الأحد وسأريكَ المنظرَ الطبيعيّ لموتي... تربضُ البلدةُ على التلالِ المطلّة والنوافذ المصابة بالعمى للشارع الوحيد تخفي أطرافي الأخرى، مثلما الزعرور البريّ يخفي ساقَ النبات وبجانبِ النهرِ فإنّ شعاعَ الذهبِ المنحدر للسنديان والصفصاف، القصب والعلّيق، مكان العشب حيث أنا والحبّ سنستلقي الحبّ الذي لا وجه له، الحبّ الذي لم يعد يستلقي معي أرى شكلَ النهرِ كلّه الآن حتّى البحر الملآن، وكلّ ذلك يمتدّ تحت، وكيف للصخرة العارية أن تفصل تدفقه وكيف سأتمدد تحته ماسكةً البردي. ابحثْ عني تحت هذه الشجرة اللطيفة، قريباً قريباً من الحافة الخضراء لن أكون بعيدةً عن بيتي القاسي، أيها الحبّ، عندما تبحث عني. أخلع حذائي، أخلعْ حذائي الصغير كنتُ الفتاة المسكينة الحمقاء التي أغرقت نفسها ولكنهم لن يتركوني أستلقي فوق تلك المياه الباردة سيدفونني في مكانٍ مرتفعٍ قريبةً من السطح في المقبرةِ التي في أعالي النهر شابةً، ميتةً، ذابلة. الذاكرة الذاكرة التي من العشبِ تشبه بحيرةً خضراء ورائحةَ بطيخاتٍ بين الجفاف والمطر كان فصل الخريف، والمدّ يذهب بعيداً وجميع الأقمار كانت صفراء. كان وقتاً لطيفاً بدون انفعال أو قلق حين انتظرنا الشعلات لتنطفئ والشمع أن يكتسي بقشرةٍ في المذبح والتويجات الأخيرة لتموت فوق الرخام والذهب والغناء كي ينتهي والصلوات كي تعجز من جديد. موسم فراق وداعاً، قالَ الدخان مندفعاً من المدخنة ووداعاً، قالت الريح وهي تصفرُ إلى الطير وانحنى الدخانُ والريح إلى الماء: هل سمعَ تلك الـ «وداعا»؟ وداعاً، قالَ الطير إلى صاري المركبِ الذي يمسّ الغيومَ مسّاً رقيقاً، والغيوم أجابت وداعاً والكلامُ الثلاثي مضى فوق الماء ضائعاً في تنهيدةِ الريح. وداعاً، قالت السمكة إلى الريحِ، إلى الماء أنا أسبحُ سريعاً ولكنه يسبح أسرع مني أيّتها السمكة، أيّتها السارية والطير أيّتها الغيمة، أيّها الدخان والماء أخبروه: إننا كلّنا قلنا: وداعاً. زمن الحياة امتلكتُ جسدي مرّةً ولكن جسدي يمتلكني الآن انه يَحْنيني، يكسّرني يلوي أصابعي، يشقق أظافري يلوّنني بالأحمر والرمادي والبنيّ يشظّي عظامي، يمزّق جلدي يرشحّ اللونَ من شفتيّ وعينيّ. يخبرني جسدي ما الذي ينبغي عليّ فعله ولماذا وما أن أعطيتُ الأوامر: الحبّ هنا، الحبّ هناك كان التحمّلُ علاقة غرامية قصيرة الأجل، مضجرة، مؤلمة، جسدي يبخسني حقّي ولكنني أستطيع القول الآن إن كلّ شيء قد انتهى أُنهِيَ البكاء مع التقبيل. كلّ شيء هادئ ماعدا رغبة صغيرة قديمة متمردة: غُصّة عبثية من الذكرى في الدم. (1) اسم الفتاة (2) مدينة أسترالية * شاعر عراقي مقيم في استراليا
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©