الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

حافلات «فولفو» تنافس «تاتا» في عقر دارها

حافلات «فولفو» تنافس «تاتا» في عقر دارها
3 سبتمبر 2009 22:42
حين عينت شركة «فولفو» الشاب أكاش باسي كأول موظف لها في الهند في عام 1997 لتطوير نشاطها في ثالث اكبر اقتصاد في آسيا، قام أكاش باسي بتكليف مكتب استشاري لدراسة ما إن كانت فكرة تسويق الحافلات مجدية. وأعد المكتب الاستشاري تقريراً من 600 صفحة وكانت خلاصة التقرير «لا تشغل بالك، فالسعر الذي تتوقع فولفو أن تبيع به حافلاتها وهو 82000 دولار يعتبر شديد الارتفاع في الهند، والحافلات المصنعة محلياً ثمنها لا يتجاوز ربع هذا الثمن».. ويقول باسي إنه وقتها «كان رد فعلي بسيطاً أخذت التقرير وألقيته في أقرب صندوق قمامة». وأطلقت «فولفو» في الهند عام 2001 واستطاعت في خلال بضع سنوات تكوين سوق جديدة واليوم أصبحت «خذ فولفو» عبارة شائعة في الهند تستخدم عند ركوب باص أقاليم فاخر أياً كان نوع الباص. ازدهار فولفو في الهند أضحت السوق الهندية صورة نادرة للنمو السريع للباصات فولفو على الرغم من الأزمة الاقتصادية العالمية، ومن أجل تعزيز هذا النمو فتحت الشركة مصنع بناء باصات في بنجالور أصبح أكثر مصانع فولفو إنتاجية وكفاءة في العالم. وبلغت الشركة هذا النجاح إلى درجة أنه يصعب تصور الأوقات العصيبة التي مر بها أكاش باسي في بداية المشوار، ولكنه تعلم دروساً قيمة ومفيدة عن تقديم منتج فاخر في سوق ناشئة وخصوصاً في دولة كالهند يفكر المشتري فيها مرات قبل أن يقرر الشراء. يقول باسي في وصفه لأيام الافتتاح متحدثاً من رئاسة الشركة الموجودة على مشارف بنجالور عاصمة تكنولوجيا المعلومات النسخة الهندية من سيليكون فالي «رغم أننا كنا شركة عملاقة على مستوى العالم إلا أنه على مستوى الهند لا شيء». السوق قبل فولفو قبل وصول «فولفو» الهند مرت سوق الباصات الفاخرة الهندية بمراحل وتغيرات جذرية على مدى عقود، كانت معظم الباصات مكونة من شاسيه لوري «شاحنة» مصنع محلياً في تاتا موتورز أو أشوك ليلاند وجسم علوي بدائي يثبت أعلى الشاسيه. وكان سعر الباص شديد الرخص نحو 1.2 مليون روبية، وكانت هذه الباصات خشنة وتصدر أصوات الخشخشة والصلصلة أثناء شق طريقها في الطرق الوعرة لشبه القارة الهندية من الهيمالايا في الشمال إلى غابات كيرلا الكثيفة في الجنوب. غير أنها لم تكن مريحة، ورغم شدة حرارة الجو في الهند كان من النادر أن تكون مزودة بأجهزة تكييف. وعادة ما كانت الأمتعة والحقائب توضع فوق سطح الباص معرضة للأتربة والأمطار والسرقة. وكانت الحافلات البطيئة بمحرك 110-120 حصاناً تأن وتنهج أثناء زحفها خلال مهرات الجبال أو سعيها لتجاوز المركبات الأخرى مع إصدارها ضجيجاً وحرارة من قسم الركاب، وكانت النوافذ المفتوحة تعرض الركاب للتراب وضجيج الأبواق الذي تشتهر به الطرق والشوارع في الهند. وبالنسبة للمسافرين من رجال الأعمال المستخدمين هذه الباصات كان من الصعب عليهم أن يحتفظوا بنشاطهم وأناقتهم عند حضورهم اجتماعا في مدينة الوصول اليوم التالي، هذا إذا حدث أنهم تمكنوا من الوصول وكان المشغلون هم من يتولى صيانة الباصات بشكل غير دقيق وغير تخصصي ما كان يتسبب في الكثير من الأعطال. الآن باسي هو المدير العام لشركة «فولفو إنديا» التي تضم حالياً منتجات فائقة الجودة، حيث نجد أن محرك الباص الفولفو البالغة قدرته 240-260 حصاناً على غرار جميع الباصات العصرية يتم تركيبه وتثبيته بطريقة ملائمة في الخلف، وبالتالي فهو أقل ضجيجاً ويتيح المزيد من المساحة للركاب. وقدرة حافلة «فولفو» تبلغ ضعف قدرة نظيرتها الهندية وهذا يترجم إلى إمكانية أعلى للسرعة وصعود المطالع الجبلية. الآن في وسع رجال الأعمال من الركاب أن يؤدوا مأموريتهم في جهة الوصول دون الحاجة إلى المبيت نظراً لراحة الباص وسرعته بذلك يوفرون نفقة الفندق. وبحسب باسي فإن شاسيه الحافلة المصمم على نحو مخصص يعني أن داخل العربة براح واسع وأنه يمكن تخزين الأمتعة في داخلها ليس على سطحها. وتكييف الهواء وجسم الحافلة المعزول يعني أنه يمكن الإبقاء على النوافذ مقفولة مما يمنع ضجيج الطرق وأتربتها. كما توفر فولفو خدمة ما بعد البيع مع تأكيدها على أن عمر باصاتها يبلغ نحو 10 سنوات مقارنة بثلاث سنوات عمر نظيراتها التقليدية. هذا وتجري فولفو دورات تدريب سائقي عملائها لأغراض السلامة من جهة والعناية بالباص من جهة أخرى. وكانت هناك مشكلتان: الأولى سعر الحافلة الفولفو الأعلى والثانية زيادة تكليف الوقود لتشغيل محرك أكبر. وحين تحرك مستر باسي في سعيه لبيع منتجه الجديد سخر المشغلون منه، بحجة أنه لا داعي للإنفاق الزائد على فولفو في وقت يرغب الركاب في ركوب باصات تقليدية أدنى، وأنه لن يوافق أحد على شراء فولفو. ويقول باسي «بالتأكيد كانت هناك مقاومة كبيرة، وفشلت في أحيان كثيرة في الترويج للباص. وكانت الطريقة لاختراق السوق هي الوصول مباشرة إلى الركاب والحصول على رضاهم عن فولفو وكانت وجهة نظره في هذا أنه ما إن يجرب الركاب حافلة عصرية إنهم لن يعودوا أبداً إلى الوراء». اختراق السوق قرر ماسي أن يختبر السوق أولاً، ففي عام 2001 أمدت «فولفو» مجموعة مختارة من المشغلين 20 حافلة، والخطوة الأولى كانت إقناع المشغلين بأن وعود فولفو بخدمات بعد البيع ليست مجرد كلمات، وأرسل مستر باسي في صمت متدربين لركوب كل حافلة. وحين كانت تحدث أي مشكلة كانوا يبلغونه فوراً الأمر الذي كان يسمح له بإرسال وحدة خدمة إلى المركبة العاطلة، فبدأ المشغلون يدركون فائدة الشراء من مصنع يقوم في ذات الوقت بصيانة مركباتهم، الأمر الذي أتاح للمشغلين أن يبتعدوا عن الاستثمار في الورش ومرافق الصيانة وأن يكثفوا نشاطهم في بيع تذاكر الحافلة، ووجد المشغلون أن في وسعهم زيادة حصتهم في السوق عن طريق استخدام فولفو وزادوا التذاكر بنسبة 35 في المئة. وراحت فولفو تزيد إعلاناتها في دور العرض السينمائي وكافة الوسائط الإعلامية الأخرى، وبدأت فولفو سريعاً في اكتساب حصة جيدة في السوق. اليوم أصبحت سوق الحافلات الفاخرة في الهند ثاني أكبر الأسواق بعد الصين مع مبيعات بلغت 600-700 باص في السنة. كما أن لفولفو نحو 60 في المئة من حصة السوق. وتنطوي هذه السوق على تنافس أشد، فنجد أن تاتا وأشوك ليلاند قد افتتحتا مصانع جديدة لبناء الباصات الفاخرة، بينما نجد أن شركات دولية من أمثال ايسوزو ومرسيدس راحت تستثمر في مجال سيارات الركوب. والتحدي الذي يواجه باسي هو كيف يحتفظ بنصيب السوق، وهو يتوقع أن تزيد المبيعات بنحو 25 في المئة معظمها يأتي من مصنع بنجالور المتطور حسب أحدث التقنيات العالمية والذي تبلغ طاقة إنتاجه 600 حافلة. كذلك بدأت «فولفو» اختراق سوق باصات ما بين المدن حيث تبيع لحكومات بنجالور وغيرها من المدن الكبرى. وهناك برنامج حكومي لشراء 14 ألف حافلة خلال السنوات المقبلة حسب مشروع تجديد المناطق الريفية وهو ما ينطوي على فائدة كبرى لفولفو. وهو متفائل من حيث التنافس المتزايد، وطالما تبني الهند المزيد من الطرق ويزداد أهلها ثراء فلابد أن يزيد نصيب الباصات أيضاً. «كل ما تحتاجه الباصات هو الناس ونحن في الهند لا نعاني من ندرة الناس» حسب باسي. (عن فاينانشيال تايمز)
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©