السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حيل جديدة يبتكرها المتسولون لإبتزازات خلال رمضان

حيل جديدة يبتكرها المتسولون لإبتزازات خلال رمضان
3 سبتمبر 2009 22:54
قصاصات من الورق يحملها أطفال من مختلف الأعمار والجنسيات، تحمل بين طياتها تقارير طبية وصور مرضى، كأحدث طرق التسول المبتكرة في رمضان، هذه الظاهرة التي يراها البعض مزعجة، ويراها آخرون فرصة لإظهار روح التضامن وترجمة حقيقية لعمل الخير، ويراها فريق ثالث، وهو الفريق المنتفع، فرصة ذهبية لا تعوض لتحقيق المكاسب. أساليب مبتكرة من جهته أنور عيسى الذي صادف أحد المتسولين بجانب موقف للسيارات في الحي السكني الذي يقطن فيه، يتحدث عن أسلوب جديد في التسول ينفذه رجل من جنسية آسيوية، فقد رأى المتسول المزعوم يركن سيارته على طرف الشارع، ويطلب من السيارات التوقف وإعطاءه ما تجود به أياديهم. يصمت أنور، ويستذكر هذا الموقف قائلاً: «إن هؤلاء الذين نراهم في الشوارع ويعمدون إلى كل أساليب الاحتيال والاستعطاف ليسوا فقراء ولا محتاجين ،لأن الفقير يصبر ويكون عفيفاً، ولا يسأل الناس، ويتحمل جميع مصاعب الحياة، مثل هؤلاء الفقراء الحقيقيين هم من يجب أن نبحث عنهم، ونعطيهم، ونتصدق عليهم عن طريق الجمعيات الخيرية في كل حي أو في كل شارع .أما المتسولون فلا صدقة فيهم، وهم جعلوا من سؤال الناس مهنة لهم ،لأنها تدر عليهم الكثير». ويضيف قائلاً: «ما يزعجني أنَّ النساء المتسولات أصبحن يطرقن أبواب الشقق السكنية، ومنهن قويات البنية، ويرتدين ثياباً فاخرة، ويطلبن أي شيء غالباً، و هناك أيضاً من الرجال من يفعل ذلك، أو يدعي أنه أعمى أو أصم، فيعطف الناس عليه، والآن نرى نشاطاً لهذه الظاهرة كوننا في شهر رمضان ، ومع قدوم العيد فإنَّ شغف الناس بالتصدق يزداد». اعترافات متسولة بسؤال إحدى المتسولات، التي رفضت ذكر اسمها خوفاً من الملاحقة، أكدت أنَّ كثيرين يمارسون التسول كباراً وصغاراً، ولكن كلاً بأسلوبه، وعن أماكن تواجد المتسولين أشارت محدثتنا، وهي مرتدية عباية متواضعة تجعل من يشاهدها يتوهم للوهلة الأولى أنها فقيرة ، إلى أنَّهم يتواجدون إما في الشقق السكنية، أو بين الطرقات والأحياء السكنية النائية، أو في الأسواق ليلاً، أو في أنفاق المشاة. وعن دخلها اليومي تقول: «لا يخرج عن كونه رزقا من عند الله»، ففي الأيام العادية لا يتجاوز دخلي مائة درهم، لكنَّه يرتفع خلال شهر رمضان، لا سيما في العشر الأواخر منه، إلى مبالغ كبيرة نسبياً، وذلك استناداً إلى حرص الناس على إخراج زكاة الفطر». عادة موسمية بدورها تعتقد شادية عبد الوهاب أنَّ مسألة التسول في الشهر الفضيل أصبحت عادة لدى البعض، ممن يعملون على اكتساب المال أو طلبه من المارة، وتلاحظ شادية أنَّه على الرغم من «أنَّ ظاهرة التسول موجودة في مجتمعاتنا في شهر رمضان الكريم، وفي غيره من باقي أشهر وأيام السنة، إلا أنَّ المتسولين يزدادون في هذا الشهر لكي يستعطفوا مشاعر الناس، ويطلبوا منهم بدل الثواب والأجر، والتصدق والزكاة عن أموالهم، وعن عائلاتهم، بمنح هؤلاء الطالبين المتسولين ما تجود به أنفسهم». عن تجربتها تقول شادية:« لقد وقعت ضحية لإحدى المتسولات من النساء، حيث اقتحمت باب السيارة من غير استئذان، وبدأت تجهش بالبكاء المتواصل، وتستعطفني وتحلف ألف يمين ويمين أن يكون المبلغ الموجود بالمحفظة من نصيبها، لم يكن بيدي حيلة غير إعطائها كل الموجود، خوفاً من الله، ورغبة في كسب الأجر في هذه الأيام». ورغم علم شادية بأن ما قامت به هو أمر يخالف ضميرها إلا أنها لم تستطع خذل المتسولة. جمعيات خيرية بدوره يؤكد سالم الجابري أن هناك جمعيات خيرية مختصة بإعانة المحتاجين، وكف المحتاج عن التسول، وحتى إن كانت مسألة الاحتياج كبيرة للأكل والشرب مثلاً، أو لإعالة أسرة أو لدفع مصاريف علاج، أو أن يكون الشخص المحتاج مريضاً وغير قادر على العمل. يسترسل الجابري قائلاً: «بدل التسول وطلب المال للمساعدة، يجدر بالطالب أن يقدم أوراقه الثبوتية للجمعيات والمؤسسات الخيرية، وفي حال ثبوت احتياجه، سوف تتم مساعدته، وهذه الطريقة أفضل من جلوس الشخص المحتاج أمام المساجد، أو بين مواقف السيارات، أو في الأحياء السكنية البعيدة». حكاية احتيال من جانبه يساهم محمود عبد السلام في الحوار قائلاً: «لقد امتزج الغث بالسمين، واختلطت الأمور، فلا نعرف المحتاج من غير المحتاج، حيث نجد كل متسول يتفنن في طريقة تسوله، منهم من يحكي لك قصة حياته، ومنهم من يستند إلى بعض الفحوصات والتقارير الطبية، ومنهم من يذرف الدموع، ويروي قصة مؤلمة، كل ذلك من أجل استعطاف وإقناع الناس ليعطوه المال». يضيف شارحاً وجهة نظره بهذا الشأن: «المتسولون موجودون في كل مكان، يحاصروننا بنظراتهم، يستفزون الناس بإلحاح غير طبيعي، ينتشرون كالوباء بصور مريبة ومربكة، حتى غدت رؤية جحافلهم في كل المحافل التي يرتادها الناس شيئاً مألوفاً، وربما لا يثير في بعضنا أي إحساس أو ملاحظة، فهم بداخل الحافلات والقطارات وحولها، وفي أبواب المخابز، وعند ملتقى كل الطرقات، يتسابقون بضراوة، ويتزاحمون بشدة، ويقفزون من كل جانب، مستعملين كل الوسائل والحيل للوصول إلى ما دسست في جيبك من دراهم، ولا يهم إن كنت قد خططت لطريقة صرفها، وهذا ما حدث معي مع أحد المتسولين الذي أ كد لي أنه يريد مائة درهم لاغير، وهو محتاج كثيراً لها، ولايستطيع العودة إلى الشارقة، لأنَّه لا يملك أجرة التاكسي، وبعد ساعتين اتصل بي صديقي، وقال إن متسولاً طلب منه مبلغ مائتي درهماً، وزاد شكي به بعد استفساري عن ملامحة ولبسه، حينها أيقنت أننا تعرضنا للاحتيال من نفس المتسول». وصلات أدعية يقارب هاني فياض هذه الظاهرة قائلاً: «تختلف حرفة التسول بين جميع محترفيها، فلكل طريقته في ابتزاز مشاعر الآخرين، وفي كيفية إقناعهم بحالته في عجالة، ليتمكن من استجداء عطف وحُنو المارة، وكي ينال ما تيسر من دراهم نظير ما ردده، و ما حفظه عن ظهر قلب من أدعية ودعاوى». يصمت محدثنا قبل أن يضيف: «كلمات العطف تُشعرك وكأن الأبواب المغلقة ستفتح في وجهك، وأمورك المُستعصية ستُحل إذا تكرمت ووضعت يدك في جيبك، أما إذا أبيت فهناك متسولون مشاكسون مستعدون لأن ينهالوا عليك بالسباب والشتائم أو الدعاء عليك بشر الأدعية بعد انصرافك، إذا تأكدوا أنك لم تستسغ الطعم، من خلال استعمالهم لجميع أنواع وأساليب «المسكنة»، المتبوعة بوصلات الأدعية». يختم محدثنا قائلاً: «في أحيان كثيرة، أضطر لإعطاء المتسولين للخلاص من إلحاحهم، وفي المقابل أتمنى أن يكون هناك عقاب رادع يطال كل من تسول له نفسه استغلال أفراد المجتمع، لجمع الأموال بطرق وأساليب غير قانونية». لا أخذله شريف محمد يعطي رأياً مختلفاً بقوله: «مهما كان المتسول كاذباً حين يطلب أو يمد يده فلا أستطيع أن أخذله، خصوصاً حين يقول «ساعدني الله يخليك». لكنه يستدرك قائلاً: «أرى أنَّ كثيرين منهم لا يستحقون الصدقة أبداً، فمنهم نساء قويات البنية يستطعن العمل في أي شيء، والكف عن التسول، لكنَّ هذه المهنة أصبحت جزءاً من حياتهن، وقد علمَّن أطفالهن الصغار على مد أيديهم للناس».
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©