من المنتظر أن تعلن شركتا «جوجل» و«إنتل» هذا الأسبوع عن اختراق حاسم في مجال تطوير أجهزة إلكترونيات المستهلك وصناعة البثّ التلفزيوني من خلال إطلاق أول “منصّة تلفزيونية ذكية” Smart TV Platform. ونقلت صحيفة “فاينانشيال تايمز” في عددها الصادر أمس الإثنين عن كبار المسؤولين في الشركتين العملاقتين المقيمتين في “وادي السيليكون” بولاية كاليفورنيا، أنهما على وشك الإعلان عن صفقة شراكة بينهما تهدف لنقل خدمات الويب المتنوعة إلى شاشة التلفزيون، وسيتم الاحتفال بإطلاق هذه الصفقة ضمن فعاليات “مؤتمر جوجل السنوي للتطوير” الذي سيعقد في وقت لاحق من الأسبوع الجاري في مدينة سان فرانسيسكو.
تعتمد شركتان «جوجل و«إنتل» على الجمع بين “معالج إنتل أتوم” الذي تنتجه “إنتل”، و”نظام أندرويد للتشغيل” الذي تنتجه “جوجل” لابتداع البرامج التطبيقية التي ستتكفّل بتحقيق التكامل بين خدمات الإنترنت والتلفزيون.
وبالرغم من أن الشركتين لم تحققا حتى الآن إلا القليل من النجاح في تكنولوجيا صناعة أجهزة التلفزيون، إلا أنهما تفكران الآن في الاستفادة من خبرات مزودي الخدمات وصنّاع الأجهزة التلفزيونية من أجل إضافة خدمات الإنترنت إليها وإثراء محتوياتها.
وقال بول أوتيلليني المدير التنفيذي في شركة إنتل في مؤتمر صحفي عقده الأسبوع الماضي: “إن الثورة الجديدة التي نوشك على إطلاقها، تمثل في الحقيقة أضخم تغيّر يطرأ على جهاز التلفزيون بعد تحقيق تقنية البثّ بالصور الملوّنة”.
وخلال معرض إلكترونيات المستهلك الذي نظم في شهر يناير الماضي، سارع صنّاع أجهزة التلفزيون إلى عرض خدمات جديدة منقولة من شبكة الإنترنت إلى الشاشات التلفزيونية مثل أفلام الفيديو التي تقدمها شركة “نيتفليكس” و”سينماناو” و”فودو” كما عرضوا الصفحات الخاصة بمواقع اجتماعية شهيرة مثل “تويتير دوت كوم” و”فيسبوك” والمنقولة مباشرة من شبكة الإنترنت إلى الشاشات التلفزيونية.
ومنذ عام 2008 وحتى الآن حدثت بعض الاختراقات الهادفة إلى نقل خدمات الإنترنت إلى شاشات التلفزيون، إلا أنها لم تكن تمثل في مجموعها أكثر من جهود وأفكار مبعثرة لم تتمكن من تحقيق الهدف المرجو منها.
ويقول كورت شيرف المحلل الرئيس في شركة “باركس أسوشييتس” للبحوث: “لو سألتني قبل عام حول هذا التطور، لقلت لك من دون تردد بأن شركتي إنتل وجوجل لا تمتلكان المقوّمات اللازمة لتحقيق هذا الهدف. إلا أن إنتل يبدو وكأنها اكتسبت قوة دفع بعد إنتاج معالجها المصغّر المرن، كما أن نظام التشغيل الذي ابتدعته جوجل يفتح آفاقاً لا حدود لها في مثل هذه التطبيقات”.
وتقول مصادر إنتل إن “رقاقة أتوم” الأخيرة يمكنها أن تقدم أداء أفضل في مجال خدمات الصوت والصورة، وبتكلفة يمكنها أن تغلق الباب في وجه المنافسين.
وينقل تقرير الفاينانشيال تايمز عن إريك كيم رئيس مجموعة إنتل ديجيتال جروب: “هذه هي بداية النمو الانفجاري. ونحن الآن بصدد تحقيق الإطلاق الهائل للخدمات المدمجة المشتركة بين الإنترنت والتلفزيون”.
وتوقع محللون أن تعمد “جوجل” إلى استدراج كل أولئك الذين يعتمدون على نظام “أندرويد” للتشغيل إلى بناء البرامج التطبيقية التي يمكنها أن تساهم في تهيئة جهاز التلفزيون لاستقبال وتشغيل خدمات الإنترنت مقابل المكاسب الإعلانية التي يمكن أن تجنيها من وراء هذا التطور. وذلك لأن مطوري الأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية يريدون الحصول على قطعة من كعكة الإعلانات الضخمة التي ستتيحها ظاهرة الانفتاح التام للتلفزيون أمام الخدمات الهائلة لشبكة الإنترنت.
وأما من حيث الفوائد المنتظرة من هذا التكامل بين التلفزيون والإنترنت، فإنها لا تكاد تعدّ أو تحصى، فهي تغني عن شراء مشغّل أسطوانات “بلو- راي” طالما أن شركة بثّ واحدة للأفلام عن طريق الإنترنت مثل “فودو” Vudu يمكنها أن تبثّ سيلاً لا ينقطع من الأفلام إلى أجهزة التلفزيون المنزلية وبوضوح يبلغ 1080 بيكسيل. ولن يجد المرء حاجة بعد الآن للجلوس خلف جهاز اللاب توب ذي الإمكانات المحدودة طالما أن آخر الأخبار المصوّرة وصفحات المواقع الاجتماعية والدردشة بالكلمة والصورة ستكون كلها متوفرة على شاشة التلفزيون الضخمة وذات الوضوح العالي. وسوف تكون أجهزة التلفزيون القابلة للتوصيل بالإنترنت جاهزة لتحقيق هذه الوظائف كلها من دون الحاجة للأجهزة المعقدة فيما عدا “كابل” الاتصال بشبكة “الإيثرنت” أو الاستغناء عنه باستخدام جهاز “بلوتوث” وجهاز استقبال البثّ بالحزمة العريضة.
وكان خبراء أسواق الأجهزة الإلكترونية قد أظهروا تفاؤلاً كبيراً باقتراب هذا الحلم من التحقيق؛ ومنهم “ليام ماكابيه” الذي دعا من خلال مقال نشرته مجلة “فوربس”، مشتري أجهزة التلفزيون ألا يفاجأوا عندما يلاحظون أن أجهزتهم مصممة سلفاً للتوصيل بالإنترنت. وتوقع “ماكابيه” أن يحدث ذلك قبل نهاية العام الجاري، وأشار إلى أن كل الأجهزة ستكون مزوّدة بهذه التقنية.
عن صحيفة “فاينانشيال تايمز”
ومصادر أخرى
عدد اليوم
