الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تناقض المعايير يسقط الطفل في دوامة الحيرة

تناقض المعايير يسقط الطفل في دوامة الحيرة
6 يوليو 2008 00:49
تختلف عملية تهذيب الطفل وأساليبها من أسرة لأخرى، حسب ثقافة الأبوين وشخصيتهما وظروفهما ونظرتهما إلى الحياة بشكل عام· وتشتكي كثير من الأمهات من سلبية الأب مع الأبناء، أو من ''خشونة وجفاف'' أسلوبه أو قسوته أواتباعه سياسة التخويف والغلظة· كما أن الكثير من الأمهات يلجأن إلى تخويف أطفالهن بأنهن سيخبرن الآباء بما يفعلون لمعاقبتهم، إلى غير ذلك من أساليب التربية· تؤكد الدكتورة كريمة العيداني، الخبيرة التربوية والنفسية في وزارة التربية والتعليم، أن ''وسائل وأساليب التعامل مع الطفل وتعويده السلوك المهذب تختلف من أسرة إلى أخرى، فبعض الآباء يميلون الى الشدة، بينما تميل الأم إلى اللين، بل وتختلف من طفل الى آخر رغم تأكيدات الوالدين المستمرة بأنهم لا يفرقون بين هذا وذاك، أو أنهم لا يفرقون بين الذكور والإناث· وهناك من الآباء من ''يتبسَّط'' ويغالي في علاقته بابنه ويترك له ''الحبل على الغارب'' من دون حدود أو قيود أو معايير، بل ويمعن في التدليل كأن يسمح لابنه الصغير أن يضربه، أو يسبه، ويظهر له سعادته ورضاه أن فعل ذلك· وهذا النموذج، يتناقض بلا شك مع نموذج الأب المتزمت المخيف''· وعندما نسأل الأب عن سر ذلك، تتابع الدكتورة العيداني، يسارع إلى القول: ''إن والدي كان قاسياً عليّ أثناء طفولتي، ولم أنعم بالتدليل، وكنت أشعر بالغيظ من جراء ذلك، ولا أود أن يتكرر مثل هذا الإحساس مع ولدي''· أي أنه يخشى على ابنه من التربية القاسية المتزمتة من وجهة نظره، ومن ثم فإنه يتخلى عن ممارسة سلطته كأب أو حتى الدفاع عن نفسه حتى وصل تدليله الى الحد الذي أصبح فيه طفله جريئاً إلى هذه الدرجة''· وتضيف الدكتورة العيداني: ''يجب أن يعرف الآباء والأمهات أن الطفل منذ اكتمال عامه الأول يتعلم اللعب، ويستمتع أحياناً بإيلام الآخرين عندما تسيطر عليه نزوة أو فكرة أو رغبة ما، فهو يشد شعر الأم أو ''يعض'' الأب، فإن وجد تشجيعاً منهما ورأى ضحكاتهما يستمر، لكن إذا واجه استنكاراً ورفضاً من أي منهما منذ الوهلة الأولى فإنه سيتعلم تماماً بأن مثل هذا السلوك غير مرغوب فيه· صحيح أن الطفل لن يتعلم السلوك المهذب من أول مرة، لكن بتكرار الرفض، وبتكرار عدم قبول مثل هذا التصرف سوف يفكر ألف مرة في تكراره· وعلينا ألا نخاف من إظهار غضبنا حتى لا يعتاد الطفل التصرف غير المقبول''· في المقابل، ترى الدكتورة العيداني، أن الطفل في أعماقه يصاب بالقلق النفسي والتوتر والغيظ الداخلي المكتوم من استسلام الأب له· وعندما تقول الأم إن طفلها سعيد باستسلام الأب له، فهذا كلام عار عن الدقة والصحة، وعليها أن تعلم أن الاحساس الصحيح والدقيق لطفلها يكون نسيجاً من الانفعال الشديد ومشاعر الذنب· فالطفل لا يسعد بأي حال بصورة الأب المهزوم''· وبشكل أكثر تفصيلاً، تنبه الدكتورة العيداني، إلى ضروة ''فهم حقيقة النزعة العدوانية تجاه الأب من طفلهما، فقد يكون هذا التصرف موجهاً تجاه شخص آخر، كالأخ الجديد الذي استقبلته الأسرة لينافسه في حب الوالدين، والاستحواذ على اهتمامهما مما يشعل غيرته، فيصب جام غضبه على الأب الذي يبالغ في إظهار تقبله لمثل هذه التصرفات، أو أن يكون سببه موجهاً الى الأم نفسها التي قسمت اهتمامها بينه وبين شقيقه، لكنها لم تعوده على تقبل مثل هذا النوع من المزاح، فيحول الطفل غضبه الى الأب الذي يستقبل انفعالاته بتشجيع وإطراء''· وتحذر الدكتورة العيداني الآباء والأمهات من ''خطورة تقبل مثل هذه التصرفات التي تثير الآن الضحك، وإن كانت لا تشكل مشكلة بحد ذاتها إلا أنها تمثل تناميا لسلوكيات غير مهذبة ترفضها الأم، كما أنها قد تساهم مستقبلاً في تطور السلوك العدواني، وفقدان المعايير الضابطة للسلوكيات غير المرغوبة، مما يوقع الطفل في حيرة وتوجس بخصوص المقبول والممنوع، وبالتالي يوجد لديه أسباب للقلق· لهذا، على الأب والأم أن يتفهما ذلك جيداً، وأن يتفاهما على تحديد الممنوع والمسموح، ويتفقا على أساليب الثواب والعقاب بشكل تدريجي، وأن يبديا عدم تقبلهما لمثل هذه السلوكيات ورفضها والغضب منها باعتبارها سلوكيات غير مقبولة· وان كانت مقبولة في الماضي فإن ذلك كان لاعتبارات خاصة بعمر الطفل، أما وقد كبر فإن عليه أن يتخلى عن مثل تلك التصرفات، مع مراعاة التدرج في الحزم والشدة حتى يتخلى الطفل عنها بشكل نهائي''· وثمة أمر آخر، بحسب الدكتورة العيداني، ينبغي أن يتنبه اليه الوالدان في مثل هذه الحالة، وهو الصور التي تبقى عالقة في أذهان الأطفال عندما يكبرون، ذلك أن الكثير من المشاكل والاضطرابات والذكريات غير المريحة أو السلبية التي يحملها الكبار هي نسيج متراكم قابع في الذاكرة منذ الطفولة، ومن ثم على الآباء أن يحرصوا على ايجابية الصورة بينهم وبين أطفالهم بقدر الإمكان، وأن تكون محددات الصور ومعالمها تحمل في مفرداتها قيم الاحترام والقبول''·
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©