الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شجرة الحب أجمل ما في المدينة المحرمة

شجرة الحب أجمل ما في المدينة المحرمة
6 يوليو 2008 00:52
الشعراء كتبوا ويكتبون عن الحب، لكن شجرة في حديقة المدينة المحرمة في بكين مثلته بأجمل وأصدق صورة، حيث يلتقي العشاق والمحبون تحت هذه الشجرة وأمامها الأزهار الصفراء· والحب أجمل نعمة وهبها الله للبشر، وعندما تجسده الطبيعة فكأنها تقول: بدون الحب لا طعم ولا استمرار للحياة· هكذا أوحت لي ''شجرة الحب'' في الحديقة الإمبراطورية التي كان الناس في الماضي محرومين من دخولها لأنها خاصة بالإمبراطور وحاشيته وعائلته· أمام شجرة الحب هذه، ينتظر الشباب والكبار أيضاً دورهم لالتقاط الصور التذكارية، وليتعاهدوا على الحب والوفاء تحت فرعيها اللذين تعانقا ليشكلا شجرة واحدة هي شجرة الحب الذي لا تستمر الحياة إلا به، ولا تزدهر الحضارة الإنسانية إلا في ظله· لم تترك السلالات الإمبرطورية المتعاقبة قصورها الأسطورية فقط، بل تركت حولها مساحات واسعة من الحدائق الجميلة التي تمتاز بطرازها الصيني التقليدي الذي يتميز بأنه يشكل جزءا من الطبيعة بجبالها ومياهها وأزهارها وأشجارها المتنوعة التي يمتد عمرها مئات السنين· لكن هذه الحدائق ليست للمتعة والاستجمام فقط، وهي بالتأكيد ليست لحفلات الشواء، وإنما هي كتاب مفتوح يضم لوحات فنية منقوشة وكتابات تعرف السائح بتاريخ أصحابها، كما أن هذه القصور تشكل متحفا يضم نماذج من الأدوات والأثاث واللوحات الخاصة بمن أقاموا فيها من الأباطرة ورجال البلاط والكهان والزوجات والمحظيات· وأهم من ذلك كله أن الساحات والممرات الموزعة بين الحدائق، تشكل في الأعياد والعطل الأسبوعية مناسبة لإظهار مختلف الفنون الشعبية، فترى الزوار يعقدون حلقات عفوية يقدمون فيها عروضاً فنية من الغناء والعزف على الآلات الموسيقية والرقصات التقليدية التي لا تؤدى بحركات الجسم وحده، وإنما بحركات الأيدي التي تمسك بشرائط حريرية ملونة، تقوم بتدويرها بسرعة لتشكل عشرات من أقواس قزح سرعان ما تجتذب السياح الغربيين إلى حلبات الرقص ليشاركوا الراقصين والراقصات من أبناء المدينة فرحتهم ومهارتهم الفنية التي تظهر جمال هذه العروض التراثية، وأهمية الحرير وما يمثله بالنسبة للصينين· أما اللوحات المحفورة بأيدي فنانين من عهود قديمة فهي تقع بين السلالم الحجرية المؤدية إلى القصور حيث نتعرف على فن النقوش الصينية، وخاصة التنين رمز الإمبراطور منذ آلاف السنين· ومن أشهر هذه اللوحات واحدة منقوشة على صخرة وزنها 200 طن وطولها يزيد عن ثلاتة أمتار، وسماكتها متر وسبعين سم· ويقولون إنها نقلت إلى القصر بجرها على الجليد· وعلى جانبي الدرج المقابل لهذه اللوحة تمثالان متشابهان لأسد ولبؤة· وقد سألتني الدليلة إن كنت أميز بينهما، فلم أستطع فقالت: انظري إلى الأسد وقد وضع يده اليمنى على كرة تمثل الأرض كدليل على القوة والسيطرة، بينما وضعت اللبؤة يدها اليسرى على شبلها الوليد· السلطة والجبروت من جهة وحنان الأمومة من جهة ثانية هما الرمزان اللذان وضعهما النحات الصيني للتمييز بين الذكر والأنثى· لا يستغرب زائر العاصمة الصينية كثرة الحدائق لأن المدينة غنية بالمياه حيث يوجد فيها قناة وأربعة أنهار· والمدينة المحرمة بقصورها وحدائقها محاطة بسور مرتفع وخارج السور خندق مائي عرضه 52 مترا· كما أن أمام القصور برك مائية كبيرة لاستعمالها في إطفاء الحرائق لأن القصور مسقوفة ومزينة بالخشب، وإن كانت سطوحها مغطاة بالقرميد· كانت أبو ظبي معي في هذه الزيارة، وكنت أتذكر بإعجاب وتقدير حدائقها وغابات النخيل التي حولت الصحراء إلى جنان تموج بالخضرة والأزهار· وهنا لا بد أن نتذكر دائما الجهود الكبيرة والنفقات الباهظة التي خصصت لهذه الحدئق الجميلة التي تعد رئة العاصمة لتنقية الهواء فضلا عن جمال المنظر ومتعة وراحة الناس، لأن الحدائق وحدها تجمع كل الفئات دون تمييز بين صغير وكبير، ولأن كل البشر بمختلف أعمالهم واهتماماتهم بحاجة إلى الراحة ويبحثون عن الخضرة والأزهار الجميلة، وما علينا إلا ان نحميها ونحافظ عليها ونقدم العناية والنظافة التي تسعد الجميع·
المصدر: بكين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©