السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نايس يحدد سبل التعايش السلمي بين البشرية والعالم البيئي

نايس يحدد سبل التعايش السلمي بين البشرية والعالم البيئي
5 سبتمبر 2009 01:39
قام أرني نايس مؤلف «علم البيئة والجماعة وأسلوب الحياة» عبر مؤلفه بعملية تحليل عميقة للعلاقة بين الإنسان والبيئة بغرض التوصل إلى أفضل السبل التي تساعد سكان الأرض في التعامل مع البيئة باحترام وتقدير يجعل البيئة قادرة على منحنا السلام المنشود. الدور الشرير في بداية الكتاب يتحدث نايس عن أزمة البيئة والحركة البيئية العميقة من خلال عدة محاور: أولا: خطورة الموقف، ويقصد به أن الجنس البشري هو أول الأجناس على الأرض التي لديها القدرة الفكرية للحد من أعدادها بشكل واع والعيش في توازن ثابت وفعال مع الأشكال الأخرى من الحياة، ومع ذلك فهناك ثقافة عالمية ذات طبيعة أولية تقنية صناعية تتجاوز الآن كل بيئات العالم وتنتهك ظروف الحياة لأجيال المستقبل ونحن جميعا -المشتركون بهذه الثقافة- بدأنا نتساءل عما إذا كنا قبلنا هذا الدور الشرير الذي اخترناه سابقا، وإجابتنا هي تقريبا سلبية بالإجماع. ثانيا: أيديولوجية وممارسة الإنتاج والاستهلاك، بمعنى أن التقدم صار يُقاس عن طريق معدل استهلاك الطاقة واكتساب وتراكم الأشياء المادية، فالمتطلبات المادية من أجل الحياة الجيدة تُعطي الأولوية، بغض النظر عما إذا كانت الحياة التي تمت ممارستها هي بالجودة نفسها، ويشير الكاتب إلى أن «احداث التغيير في أيديولوجية الإنتاج والاستهلاك تتطلب تغير أكبر في الآلية الاقتصادية بما يؤدي لتخفيف سرعة الاتجاه المادي بتعظيم الاحتياجات وجذب مستهلكين جدد نحو الاستهلاك المادي الذي يؤدي بدوره إلى أزمات اقتصادية وتفاقم البطالة». ثالثا: معرفتنا البيئية محدودة بشكل خطير، وهو ما يستلزم المعرفة الجيدة بالتدخلات الحادثة في النظام البيئي. رابعا: حركة البيئة العميقة، ويقصد أن الحق المتساوي في الحياة والازدهار هو قيمة حدسية بديهية واضحة، وقصرها على البشر باعتباره حقيقة الكون المركزية يأتي بنتائج ضارة على نوعية الحياة الخاصة بالبشر أنفسهم، وأن محاولة تجاهل تبعيتنا وتأسيس دور «السيد- العبد» قد ساهمت في إبعاد الإنسان عن نفسه ومن ثم يجب أن تكون هناك مساواته في المحيط الحيوي بين الإنسان وسائر المخلوقات الأخرى. البيئة العميقة يحدد نايس ثماني أسس تقوم عليها حركة البيئة العميقة وهي: 1- ازدهار الحياة البشرية وغير البشرية على الأرض له قيمة جوهرية. 2- ثراء وتنوع أشكال الحياة هي قيم في حد ذاتها. 3- البشر ليس لديهم الحق في أن يقللوا الثراء والتنوع إلا لإشباع احتياجات حيوية. 4- التدخل البشري الحالي مع العالم غير البشري الزائد، والموقف يزداد سوءا بشكل سريع. 5- ازدهار الحياة البشرية والثقافات متوافق مع نقص جوهري في السكان من البشر، وازدهار الحياة غير البشرية يستلزم هذا النقص. 6- التغير الأيديولوجي هو أساسا تقدير نوعية الحياة، بدلا من التمسك بمستوى معيشي مرتفع. 7- التغيير الجوهري في ظروف الحياة للأفضل يتطلب تغييرا في السياسات. 8- الذين يشتركون في صياغة نقاط لديهم التزام مباشر وغير مباشر للمشاركة في محاولة تنفيذ التغييرات الضرورية. مصطلحات بيئية يعرج الكاتب إلى الحديث عن مصطلحات علم وفلسفة البيئة، والفلسفة البيئية، لافتا إلى أن علم البيئة عبارة عن منهج يهدف إلى الدراسة الانضباطية العلمية للظروف الحية للكائنات الحية في التفاعل مع بعضها البعض ومع البيئات العضوية وغير العضوية المحيطة بها. أما فلسفة البيئة فتعني أن البيئة نفسها تصبح مجالا للدراسة ومنهج للمعرفة، وفي ذات الوقت تشتمل على فلسفتنا ورؤيتنا الخاصة للبيئة. ولكن الفلسفة البيئية تعني القانون الشخصي الخاص بالفرد للقيم ونظرات للعالم بالشكل الذي يمكن تطبيقه على موضوعات تتضمن أنفسنا والطبيعة في آن. كما يستعرض نايس التقييم المعياري وآلياته لكافة العمليات التحليلية المرتبطة بالبيئة، ويدلف إلى تناول الوصف الموضوعي والذاتي والظواهري للطبيعة، فيقول: غالبا ما تسمى الفروق العميقة في اتجاهات الناس نحو الطبيعة والبيئات الحميمة المحيطة بهم بالذاتية لأنها عبارة عن مشاعر مختلفة ومدركات يتم استقراؤها في أشخاص مختلفين عن طريق الشيء نفسه، هذا الشيء من المفترض أن يكون موضوعيا، أما الإدراك فهو ذاتي. أما الوصف الظواهري للطبيعة فيقوم على أساس أن البيئات المباشرة المادية يكون لديها في أي لحظة مجموعة فريدة ومحددة من الخصائص، وهذه الخصائص تعتبر مستقلة عن كيفية فهم الناس لها وهي تنتمي إلى الأشياء في ذاتها. التفكير الجشتالتي كذلك يتناول ما يعرف بـ»التفكير الجشتالتي» للبيئة والذي يعني أن كل الأشياء تتعلق معا، ولكن في ذات الوقت يجب ألا ننظر إلى العالم والبيئة المحيطة بنا ككتلة من الأشياء والصفات ولكن يجب إدراك جميع جزئيات هذا الوجود وخصائصها كجزئيات مستقلة تؤثر وتتأثر بالمنظومة البيئية المحيطة. وفي موقع آخر من الكتاب يتحدث نايس عن الحقيقة والقيمة باعتبارهما معايير أساسية، فيشير إلى أنه يجب أن نعلن بقوة عن أولويات القيمة شارحا ذلك بقوله: إن حركة البيئة العميقة تتصور تحولا في الاتجاهات الأساسية من النموذج السائد في المجتمعات الصناعية المتقدمة، ويجب مقارنة المعايير والقيم مرة بعد أخرى، ولذلك فإننا نحتاج إلى توضيح لمعاييرنا وقيمنا التي تتطابق مع تحول الاتجاهات الأساسية وهذا بدوره يتطلب تنظيم تجريبي لهذه المعايير والقيم. أولويات القيمة يشير المؤلف إلى نماذج النظم المعيارية بمعنى محاولة جعل كثير من المفردات تتفق معا، وضرورة اقتراح وجهة نظر كلية والمجموعات التي تتعامل معها مرتبطة بشكل مباشر جدا لدرجة أن المكونات المفردة لا يمكن فصلها دون أن تنتج عن ذلك خصائص مختلفة للمجموعة، وهذا يعني أن التفكير البيئي هو الميل لرؤية الأشياء في سياق، وهو ما يعرف بالتنظيم أو النظام. ثم ينتقل إلى الحديث عن الوعي الفلسفي البيئي وأسلوب الحياة متناولا الدور الحالي للجنس البشري على هذا الكوكب الذي نظر إليه في أغلب الأحيان على أنه دور سلبي، وهذا يتعارض مع أولويات القيمة التي أعلنتها الآراء الفلسفية العالمية في الماضي. سبل التعايش يرى نايس كذلك أنه لا يوجد رأي عالمي معلن يؤيد الدور الحالي للجنس البشري في العالم البيئي، كما أنه ليس للبيئة نظام فلسفي معلن نخشاه، ولكن ذلك لا يقدم عذرا للسؤال الذي يجب أن يثار: كيف يمكن للطرق المدمرة بيئيا- أن تتغير؟ وتاليا يجيب على ذلك في فقرة بعنوان «المستقبل في أيدينا» لافتا إلى أن الوعي الفلسفي البيئي يظهر الآن على مستوى أسلوب الحياة الشخصي، من خلال طرق المعيشة في تضاد درامي ومثير للصراع مع الطريقة السائدة للحياة في مجتمعاتنا الصناعية، وهذا يستلزم وجود مراكز معلومات ومنظمات للأشخاص الذين يبحثون عن بدائل لمساعدة بعضهم البعض على أن تعتمد مبدأ أساسيا يتمثل في أن «المحافظة على البيئة الطبيعية والبيولوجية الكلية، مع كون البشر جزءا لا يتجزأ شرط ضروري لتنمية نوعية حياة الجنس البشري والمحافظة على المستقبل». وبالإبحار عبر باقي صفحات الكتاب نستخلص السبل الذي ارتآه نايس لتكون منهاجا لنا من أجل التعايش مع البيئة المحيطة لنا، ومنها: 1- أن نكون من أكثر صدق ومنطقية في تحديد أولوياتنا واهتماماتنا البيئية. 2- أن ننطلق من النظام الأخلاقي -بكل مشتملاته وأبعاده- في محاولة جادة لإقناع أنفسنا والعالم بتلك القيمة المتنامية للطبيعة وتقديرها. 3- العمل على إيجاد نظام بيئي يعتمد على «مبادئ البيئة العميقة» كمنطلق له في التعرف على الاحتياجات والاهتمامات اللازمة لنا في التكيف مع البيئة كنمط للحياة. 4- إدراك عمق الأزمة التي يعيشها عالمنا. 5- محاولة جعل علم البيئة وعلم الوجود وعلم الأخلاق العملي ثلاثة مكونات أساسية لها انفصام بينها، وهي القادرة وحدها على أن تجعلنا في منأى عن أن كارثة
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©