الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هموم الديون

هموم الديون
5 سبتمبر 2009 01:42
قد تأخذ الإنسان زينة الحياة الدنيا وتيارها التنافسي في اقتناء الأشياء أو تحقيق المُتع والرغبات فيتجاوز الإنسان حدوده في الإنفاق ويتعدى ما يقدر عليه، أو تجره الرغبة في تحقيق المزيد من الأرباح فيفكر في الاستدانة من غيره ويقترض. ولا يفكر في العواقب والنهايات،وهنا جاءت حكمة الشريعة للجم طموحاتنا التي لا نستطيع الوفاء بها والحدَ من المغامرات التي ترجع آثارها على الناس. ونسمع اليوم عن كثير من هذه المغامرات التي عصفت بأموال الناس وممتلكاتهم على يد أناس لم يعرفوا أن حقوق الناس لا تسقط عنهم فلا التقادم يضيعها، ولا التحايل على القوانين يطويها وينسيها إنها مسؤولية دنيوية وأخروية وقد حذر القرآن الكريم والسنة النبوية من أخذ أموال الناس والتهاون بها والتلاعب لأن ذلك يؤدي إلى فقدان الثقة بين الناس وتنقطع علاقاتهم وتفسد بذلك الحركة المالية والاجتماعية، قال الله تعالى:»إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها». وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم - جالساً مع أصحابه في موضع الجنائز فرفع رأسه إلى السماء ثم وضع راحته على جبهته فقال: سبحان الله ما نزل من التشديد، فسكت الصحابة فلما كان الغد سأله محمد بن جحش، يا رسول الله ما هذا التشديد الذي نزل، قال: في الدين، أخرجه أحمد والنسائي وغيرهما... وعن سلمة بن الأكوع قال: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فأُتي بجنازة ، فقالوا: يا نبي الله صل عليها، فقال: هل ترك عليه من دين ؟ قالوا: لا، قال: هل ترك من شيء ؟ قالوا: لا، فصلى عليها. ثم أُتى بجنازة فقالوا: صل عليها فقال: هل ترك عليه من دين؟ قالوا: لا، قال: هل ترك من شيء ؟ قالوا: ثلاثة دنانير، ثم أتى بالثالثة، فقالوا: صل عليها فقال: هل ترك ديناً؟ قالوا: نعم، قال: هل ترك من شيء ؟ قالوا: لا، قال: صلوا على صاحبكم، فقال أبو قتادة: صل عليه وعلى دينه، فصلى عليه. أخرجه البخاري وغيره. وقد جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم - « إن أعظم الذنوب عند الله أن يلقى بها بعد الكبائر التي نهى الله عنها أن يموت الرجل وعليه دين لا يدع له قضاء» أخرجه أبو داود و أحمد وغيرهما. وإذا استطاع بعض الناس الإفلات من الملاحقة الدنيوية، والعبث بأموال الناس وممتلكاتهم فهل يستطيع الإفلات من الحكم الإلهي، وقد بين لنا الشارع أنَ « نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه» أخرجه الترمذي وابن حبَان وغيرهما، وكيف يفلت من الحكم الإلهي والله يكشف من يغدر بالناس ويتعدى عليهم، قال النبي - صلى الله عليه وسلم : «لكل غادر لواء يعرف به يوم القيامة» متفق عليه. إن الذي يأخذ أموال الناس وقد صمم وقرر ألا يعيدها إليهم فهذا منه أول الغدر، ولن يبارك الله له في عمله ولن يستطيع إرجاعها، ومن أخذها وهو عازم على أدائها فسيكون له عون من الله على ذلك إن كان بمقدوره الأداء «فمن أخذ أموال الناس يريد أداءها أدَى الله عنه، ومن أخذ أموال الناس يريد إتلافها أتلفه الله، أخرجه البخاري. إن الديون اليوم التي يستخف بعض الناس بها قد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يستعيذ منها كما يستعيذ من الكفر، فيقول: « أعوذ بالله من الكفر والديَن، فقال رجل: يا رسول الله، أتعدل الكفر بالدين؟ فقال: نعم» أخرجه النسائي والحاكم. فالدين في إحساس الإنسان المسؤول خوف بعد أمن، وهم بعد طمأنينة، وأرق بعد سكينة. ونقول كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : « لا تخيفوا أنفسكم بعد أمنها قالوا: وما ذاك يا رسول الله ؟ قال: «الدين» أخرجه أحمد والحاكم وغيرهما. وقد جاء في الأثر: إياكم والدين فإنه همٌ بالليل ومذلة بالنهار. د. محمد مطر الكعبي المدير العام للهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©