الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

أعضاء سابقون في «الجماعة» يروون بدايات دخول النفق المظلم.. «الاستقطاب والبيعة»

أعضاء سابقون في «الجماعة» يروون بدايات دخول النفق المظلم.. «الاستقطاب والبيعة»
17 مايو 2017 15:04
إعداد: علي العمودي ومحمد غنام في الجزء الثاني من العمل الوثائقي «دهاليز الظلام» الذي عرضه تلفزيون أبوظبي الليلة الماضية، يروي أعضاء سابقون قام تنظيم «الإخوان المسلمون» باستقطابهم، بدايات دخولهم النفق المظلم للجماعة التي استغلت الدين الإسلامي وطبيعة مجتمع الإمارات في حبهم لدينهم وفعل عمل الخير ومساعدة الآخرين، وكيف استدرجتهم إلى «دهاليز الظلام» تحت ستار «البيعة» المزعومة للمرشد والولاء للجماعة الواهمة. يقول الإعلامي الدكتور خليفة السويدي، إن «أهل الإمارات أهل فطرة سوية، والفطرة السوية جعلتهم يقربون أهل الدين وأهل التدين، وهو المدخل الذي استغلته الجماعة لاستدراج الأعضاء نحو (بداية دخول النفق) الذي لا يدرك المرء نهايته». «الاستقطاب» وأضاف أن الاستقطاب يتم على «مراحل متدرجة، بطريقة لا تشعرك أنك دخلت في تنظيم، ولو سألت 90% من الشباب الذين دخلوا في هذه العملية، يقولون نحن شباب جمعية الإصلاح». وبعد ذلك تبدأ الجرعات المكثفة للاستدراج على خطين متوازيين: فكر سيد قطب الجانح إلى التكفير والعنف، ورسائل حسن البنا. ويقول الدكتور خليفة السويدي «تسحب بعض الكتب، وتدخل مكانها كتب أخرى، مثال: تسحب كتب التفسير التي يعرفها كل الناس، ليدخل كتاب «في ظلال القرآن» لسيد قطب، والذي هو ليس تفسيراً للقرآن، وإنما فيه شحنات حركية، يبدأ الإنسان يقرأ الآيات، ويتصور المجتمع أنه مجتمع جاهلية ومجتمع إسلام». ويضيف «هنا يبدأ الانفصام في شخصية الإنسان، والحقيقة كل التنظيمات السرية الإسلامية تدخل في هذا البعد، وهو أن يبدأ الشاب في مقارنة ما ورد في هذه الكتب بمجتمعه». ويقول الدكتور خليفة السويدي «في هذه المرحلة ينتقي التنظيم من وقع عليهم الاختيار لدخول (النفق)، لو تخيلنا مرة أخرى أن 600 شاب كانوا يدخلون في الأنشطة العامة، تجد فقط 50 أو أقل هم الذين دخلوا في هذه المسارات، وهناك أسس كثيرة جداً، منها قربه من ذلك المربي، ومدى عقليته، ومدى تفتحه، ومدى قابليته للسمع والطاعة، فالذي استمر وصل إلى مرحلة التقاطع، وهي إما أنك تدين بالولاء لمجتمعك وقيادتك.. لأسرتك وبيتك.. لوطنك، وإما لا بد وأن تدين بالولاء لهذا التنظيم». الأحياء السكنية والمدارس الدين وحب الدين مدخل عناصر «الجماعة» لاستقطاب الشباب من الأحياء السكنية والمدارس، وكما يقول الباحث الاجتماعي الدكتور علي الزعابي «كانت الأسرة تتفاعل مع من يدعو صغارها للالتحاق بحلقات تحفيظ القرآن وتدريس الأحاديث النبوية، والإنسان في هذه الفترة يكون في سن غير قادر على التمييز، فيحتاج الأمر إلى من يأخذ بيده، إما إلى الخير وإما إلى عكس ذلك». مراحل التكوين يقول خالد السويدي، العضو السابق في تنظيم «الإخوان»، كان التركيز على الشباب باعتبارهم عماد كل أمر، حيث يتم الاستقطاب على مراحل، غالباً تكون البداية في المرحلة الدراسية في المدارس، ثم بعد ذلك التكوين بمراحله الثلاث: تكويني أول وتكويني 2 وتكويني 3، ثم المرحلتين الجامعيتين. المنهج التمهيدي والخارجي، هناك مبادئ عامة، أخلاق عامة تحث على الخير، ويستمر هذا الأمر في المراحل الثانية، لكنه في المراحل التكوينية يبدأ غرس المفاهيم التي تريد الجماعة أن تربي أفرادها عليها من مرحلة إلى مرحلة، هناك نجاح ورسوب وتقييم للطلاب، وهناك طلاب ينجحون، وطلاب يعيدون مثل حلقات المدارس. ويقوم المشرف على المجموعة بتقييم كل طالب على حدة. وقد يكون هناك بعض الشباب الموجودين والمحيطين بك، لكنهم ليسوا أعضاء في التنظيم، وإنما مؤيدون يستفاد منهم في المناشط العامة والبرامج. ويضيف خالد السويدي، قائلاً «الكسب للتنظيم أولوية عند الجماعة التي تتدخل حتى في تحديد التخصص الذي يدرسه العضو، والتركيز كان على التعليم، ثم بعد ذلك القانون، حتى تتمكن نسبة من الطلاب دراسة الشريعة والقانون ليكونوا جزءاً من سلك القضاء». الاهتمام بالطالبات حرص تنظيم الإخوان المسلمين في الدولة على إيلاء النشاط النسوي وتجنيد الطالبات اهتماماً خاصاً، فنشطت المواليات له على استقطاب الطالبات. وتحدثت عائشة الرويمة العضو السابق في تنظيم الإخوان، عن الطرق التي اتبعتها لاستقطاب الطالبات بحكم عملها في مدرسة، وكيف كن يسمين الخلية بـ «الأسرة»، ولا يزيد عددها على عشرة أفراد كحد أقصى، وضرورة الاجتماع أسبوعياً أو شهرياً. وروت كيف كان يلزم التنظيم اتباعه بقراءة كتب المرشد واعتمادها في تفسير القرآن. وتطرقت للإصرار على السرية الذي كان يصر عليه التنظيم، وبصورة تتناقض مع أبسط قواعد ديننا الإسلامي الحنيف، وأشارت للاحترازات الأمنية التي يتبعها، حيث يصر على اتباعه نزع بطاريات الهواتف النقالة وعدم الاكتفاء بإغلاقها عند القدوم للاجتماعات، وذلك لمنع أي فرصة لتتبعهم!!. وقالت الرويمة إن تأثيرات التنظيم لا تقتصر على التدخل في اختيار تخصصاتهن الدراسية، وإنما تمتد إلى مجالات وأماكن عملهن، وحتى اختيار شريك الحياة، إذ يكون الحرص على أن «فلانة» في عجمان مثلاً، تتزوج من شخص قريب لها من الشارقة، حتى تبدأ العمل من الشارقة، وهكذا. تحت أنظار الأسر تحدث محمد حمد، العضو السابق في جماعة الإخوان المسلمين، عن كيف كان التنظيم يحث أعضاءه من المدرسين على التقرب من طلابهم لاستقطابهم لصفوفه، وتحت شعارات التدين والأخلاق والحماية من رفاق السوء. وقال إن الشباب عندما كانوا يجتمعون تحت أنظار الأسر التي كانت «تظن أن أبناءها يسيرون على الطريق الصحيح». وقال إنهم كانوا يغرسون في عناصرهم بأن «كل الناس على خطأ.. وأنا على صواب». وكانوا يدافعون عن الإجراءات الاحترازية التي يتخذونها في الاجتماعات السرية التي تعقد في أماكن نائية وبلا محاضر، والهواتف مغلقة ومنزوعة البطاريات. وعندما يتجرأ أحد الأعضاء على التساؤل «لماذا هذه السرية ولماذا تعادينا الجهات الأمنية؟ يجيبوننا أنهم لا يفهموننا، وعندهم لبس معين، بينما أنت تفعل الخير والأشياء الطيبة». باسم الإصلاح يقول أنس العتيبة، العضو السابق في تنظيم الإخوان المسلمين، عندما كنا نقول لوالدينا إننا «مع الشباب في حلقات تحفيظ القرآن ودراسة العلوم الدينية كانوا يسرون»، بينما الواقع يقوم على تنظيم الطلاب لمجموعات يرأسهم مشرف بمواصفات معينة، أهمهما القدرة على الإقناع والتأثير. وعندما نسأل «هل أنتم من الإخوان المسلمين، يجيبون: لا نحن جماعة إصلاح». ولما نكن نعرف قصدهم من ترديد الحديث الشريف «استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان». وقال أنس العتيبة، بلغ تأثير «التنظيم» على أعضائه، درجة التدخل في حياتهم الشخصية، وتقرير مستقبلهم، فذات مرة نصحوني بالعمل في جهة معينة، وعندما «تشاورت مع الوالد، نصحني بعدم الذهاب إلى ذلك المكان، وقال إن مستقبلي أفضل في مكان آخر، ثم عملت في المكان الآخر، وأخبرتهم بأنني سوف أعمل في المكان الذي اختاره والدي. وهنا حصل موقف غريب من أحد قيادات التنظيم، فقال إنه يجب ألا أبلغ الوالد بكل شيء». مضيفاً أنهم كانوا يعملون جاهدين لقطع الطريق أمام أي عضو يريد التراجع عن خطهم. دروس في الكتمان تحدث الدكتور أحمد بن كليب، العضو السابق في تنظيم «الإخوان»، عن الدروس التي كانت تدرس حتى داخل الأسر عن الكتمان، وأهمية الكتمان، والتحدث دوماً بأسلوب التورية أو ما يعرف عندهم بالمعاريض. كما تحدث عن كيفية استدراجه لأداء البيعة من دون أن يدرك أبعادها الشرعية. من جانبه، قال حميد خليفة، عضو سابق في تنظيم الإخوان: «لم تكن تشعر بأن جو «الأسر» جواً طبيعياً. التعليم والدين والدروس لم تكن بحاجة إلى ما كان يجري من التخفي والخصوصية الزائدة عن اللزوم في إطار هذه الأسرة». وأشار إلى طبيعة البرامج والتدريبات التي كانت تجرى في المخيمات الشتوية، وتدفع المرء للتساؤل حول دوافع جماعة تزعم «الإصلاح» لإدراج تدريبات عسكرية في برامجها. القائمة السوداء قال يوسف الكويتي، عضو سابق في تنظيم الإخوان: «إنهم أرسلوا له رسالة عن طريق شخص يعرفه، حذروه فيها من مغبة كثرة الأسئلة والاستفسارات لأنها (توترهم)»، وقالوا له «أي شيء تريد أن تفعله اسمك موجود عند المؤسسة الأمنية.. يعني أنسى أن تتوظف أو تحصل على أي ميزات، أو أي شي لك ولعائلتك.. أنت في القائمة السوداء، فالأفضل أن تبقى معنا، ونحن بدورنا نقف معك». المخيم الشتوي قال علي الدقي، شقيق حسن الدقي، القيادي في تنظيم «الإخوان» والفار من وجه العدالة: «كان هناك مخيم سنوي يقام في الشتاء، يتم استدعاء أعضاء التنظيم له من مختلف دول الخليج، من الكويت وعُمان والسعودية، وغيرها، ويتم تجهيزه في مكان خفي بين الجبال، والذهاب إلى المخيم بسيارات، شرط ألا تكون سيارتك الخاصة. بدا الأمر وكأنه تحضير لتطور خطير، فقد كان للمخيم علم خاص، ويبدأ نشاطه عقب صلاة الفجر وقراءة القرآن، ثم تبدأ بعد ذلك تدريبات عسكرية من هرولة ونظام عسكري، وطابور الصباح طابور عسكري، ثم تخرج سرية معينة إلى مكان معين، ومعهم خرائط معينة، وهناك أوامر بالهجوم مرة ثانية على المعسكر، والمعسكر له نظام حراسة ليلية عسكرية الطابع». اللجنة التربوية بعد سنوات يقضي خلالها المستقطب بين الأسر الإخوانية ومناهجها المضطربة ومخيماتها، يتم ترشيحه لدخول التنظيم، هنا يأتي دور لجنة تسمى اللجنة التربوية التابعة للتنظيم الذي أسس مكاتب إدارة له بمختلف إمارات الدولة، بهدف زيادة عدد كوادره البشرية. وسعى التنظيم في المرحلة الجامعية إلى خلق تنافس بين أفراده في الأنشطة والكسب لمصلحة الجماعة وأهدافها. تقول الدكتورة موزة غباش، رئيسة رواق عوشة بنت حسين الثقافي والاجتماعي: «اشتغلت هذه المجموعة الصغيرة لنشر الفكر في جامعة الإمارات نشراً سرطانياً دخل في الخلايا، دخل في العمق، وفي دماء وفي أفكار بناتنا وأولادنا في جامعة الإمارات في تلك الفترة». وأضافت «بدأت تتخرج في جامعة الإمارات هذه الأجيال الإخوانية، انتشروا كمدرسين في مدارس الدولة. وكأن لسان حال التنظيم (يردد هكذا أسيطر عليهم منذ نعومة أظفارهم وحتى زواجهم)». البيعة تعد البيعة من أهم أصول دعوة تنظيم الإخوان المسلمين، وهي الحبل الذي يلف به عنق المستقطب حتى لا يغادر ذلك العالم الحافل بمفاهيم الهيمنة والسيطرة. وقد حاول التنظيم السري إنكار مسألة البيعة دائماً، وتستر برداء الوطنية، لإدراكه أن مجتمع الإمارات لن يقبل بيعة بغير ولي الأمر. يقول محمد الحمادي، المدير التنفيذي لقطاع النشر في «أبوظبي للإعلام»، رئيس تحرير جريدة الاتحاد: «ما يكشف أن هناك بيعة، سلوك هذه الجماعة، والمثال الذي نضربه دائماً في كل الأحداث، وعندما تختبئ هذه الجماعة ولا تدافع عن وطنها، فهذا معناه أن ولاءها لشيء آخر، وبيعتها لشخص آخر». وقال الحمادي: «في المقابل عندما يمس الجماعة شيء بسيط، نراهم كيف يكشرون عن أنيابهم ويهاجمون أي شخص يتعرض لجماعتهم ولو بشيء بسيط. فبالتالي، من كان مع الإخوان ووصل إلى مرحلة البيعة وسألته هل قدمت البيعة؟ سيقول لك نعم كانت هناك بيعة وبيعة موجودة..يقولون إنهم أوقفوا البيعة..ليس لدينا أي دليل على أنهم أوقفوا البيعة، والحقيقة ..لا نستطيع أن نصدق الإخوان المسلمين الذين يعتمدون التقيا في حياتهم، ونصدق أنه ليس هناك بيعة.. ولكي لا تكون هناك بيعة، يجب أن يكفروا بفكر الإخوان المسلمين كاملاً، لأن هذا الفكر قائم على هذا الشيء، لأن من أساسيات الإخوان المسلمين البيعة والعمل السري».  
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©