الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تداعيات اقتصادية... للحظر الجوي على ليبيا

تداعيات اقتصادية... للحظر الجوي على ليبيا
26 مارس 2011 22:56
اصطفت طوابير طويلة من السيارات أمام محطات مغلقة للتزود بالوقود، بينما خلت أرفف البقالات من المواد الاستهلاكية التي ازداد الطلب عليها في العاصمة الليبية طرابلس، يوم الجمعة الماضي، ولم يعد ثمة وقود تتزود به السيارات في هذه الدولة الغنية بالنفط. فقد بات من الواضح الآن أن تنفيذ الحظر الجوي، وكذلك الحصار البحري الذين مضى أسبوع كامل بعد البدء في فرضهما على ليبيا، بدآ يؤثران بشكل واضح على اقتصاد ليبيا وعلى الحياة اليومية فيها. ففي العديد من أحياء العاصمة (طرابلس) ومناطقها السكنية، يلاحظ المرء سيارات تصطف لمسافات تصل إلى نصف الميل قريباً من محطات وقود مغلقة لا وقود فيها تقدمه لزبائنها المصطفين، بينما ارتفعت أسعار الغذاء بسبب نفاد المؤن الغذائية في المستودعات ومراكز التموين، على حد قول أصحاب البقالات والمحال التجارية. وحسب إفادة أحد أصحاب البقالات في المدينة، فقد تضاءلت إمدادات الخضراوات والفاكهة والمواد الطازجة، وذلك بسبب فرار العاملين المصريين الذين كانوا يفلحون الأرض وينتجون مختلف المحاصيل الزراعية التي تسد منها ليبيا حاجتها إلى الغذاء. وبالنتيجة فقد ارتفعت أسعار الغذاء بنسبة 50 في المئة أو حتى أكثر من ذلك في بعض المحال وبالنسبة لبعض الأصناف. كما انهارت قيمة صرف الدينار الليبي في سوق الصرافة، ما يعني حدوث فجوة في العملات الصعبة عقب فرض العقوبات المالية على ليبيا من قبل كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وغيرهما من القوى الكبرى، خلال الأسابيع الأخيرة الماضية. وقد شمل قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1973، الذي تم بموجبه فرض حظر جوي وبحري على ليبيا وسمح بالتدخل العسكري فيها... عدة عقوبات اقتصادية، تعتبر هي الأشد قسوة التي فرضها المجتمع الدولي على أي دولة منذ العقوبات التي فرضت على العراق قبل اندلاع حرب الخليج الأولى في عام 1991. وفيما لو استمرت الأزمة السياسية الحالية في ليبيا، والمتمثلة في الحرب المندلعة بين القذافي والثوار المعارضين له، دون أن يحدث أي تغيير لنظام الحكم في طرابلس، فإن من شأن هذه الإجراءات والعقوبات أن تجفف الاقتصاد الليبي، على حد قول ديفيد كورترايت، الباحث بمعهد كورك لدراسات السلام العالمي بجامعة نوتردام، وأحد أبرز خبراء العقوبات الدولية. ويضيف كورترايت قائلاً: "عاجلاً أم آجلاً -وعلى الأرجح آجلاً- سوف تواجه ليبيا صعوبات اقتصادية داخلية، تنتهي بها إلى أزمات إنسانية". هذا وقد ظلت كثير من المحال التجارية مغلقة منذ الانتفاضة الفاشلة التي شهدتها العاصمة الليبية طرابلس الشهر الماضي، وواجهتها الكتائب الأمنية العسكرية الموالية للقذافي بوحشية، كما شاهدنا وتابعنا عبر شاشات التلفزيون والفضائيات العربية والغربية. ويذكر أن النظام الحاكم قد اجتاز امتحاناً حقيقياً يوم الجمعة الماضي، عقب بدء عمليات القصف الجوي الدولي لليبيا، دون ورود أي أنباء عن خروج أي من الجماعات المعارضة للقذافي في مظاهرات احتجاجية جديدة في طرابلس. وكانت شعائر صلاة الجمعة خلال الأسابيع الماضية، قد ساهمت مساهمة أساسية في لقاء المتظاهرين وبدء مواكبهم عقب الصلاة مباشرة. غير أنه من رأي المحللين أن عزم كتائب القذافي على استخدام الذخيرة الحية ضد المتظاهرين، وكذلك اعتقال السلطات الأمنية للآلاف ممن شاركوا في المواكب السابقة، كانا عاملين رئيسيين في ردع المتظاهرين وإجبارهم على عدم الخروج في مظاهرات احتجاجية جديدة. وفي الوقت نفسه، لم تتوفر أدلة كافية بعد على أن للقصف الجوي الذي تنفذه قوات التحالف الدولي على ليبيا، أثراً يذكر على حياة المواطنين. هذا وقد قام عدد من المسؤولين الليبيين باصطحاب الصحفيين في زيارة إلى منزل يزعمون أن صاروخاً من صواريخ القصف الجوي قد أصابه في ضواحي طرابلس. وأطلع المسؤولون الصحفيين على أجزاء من حطام ذلك الصاروخ كانت ملقاة تحت إحدى أشجار النخل بالمنزل المذكور، كتبت عليها بخط واضح عبارة "صنع في الولايات المتحدة الأميركية". وقد بدت نوافذ المنزل محطمة تماماً، بينما تناثر الأثاث في كل جانب من المنزل في حالة من الفوضى العارمة. وقال صاحب المنزل، واسمه "رجب محمد"، إن ابنته البالغة من العمر 18 عاماً قد أصيبت بشظايا في ظهرها إثر انفجار الصاروخ، وإنها أدخلت إلى المستشفى للعلاج لكنها أخرجت منه بعد تعافيها، وهي تقيم مع جدتها الآن. وليس ثمة سبب واضح لاستهداف القصف الجوي لذلك المنزل بالذات، بيد أن في ذلك الطريق المؤدي إلى المناطق الزراعية الواقعة على حافة ضاحية تاجورا، يوجد رتل من نظم الدفاع الجوي المحطمة المحروقة، بما فيها جهاز رادار وصواريخ مضادة للطائرات. وعلى أية حال، فقد كانت زيارة هذا المنزل المرة الأولى التي تقدم فيها السلطات الليبية دليلاً على أن لعمليات القصف الجوي التي تنفذها القوات الدولية في ليبيا، تأثيرها المباشر على حياة المواطنين. وذكر الطبيب خالد عمر -أحد مسؤولي وزارة الصحة- أن يوم الجمعة الماضي شهد مقتل 114 مدنياً، بينما بلغ عدد المصابين خلال الأيام الأربعة الأولى التي أعقبت طلعات القصف الجوي نحو 445 حالة تتفاوت في درجات خطورتها. ليز سلاي طرابلس ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبرج نيوز سيرفس"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©