الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأزمة السورية... تداعيات إقليمية ودولية

الأزمة السورية... تداعيات إقليمية ودولية
22 مارس 2012
الحرب المستعرة في سوريا، والتي أسفرت عن مقتل الآلاف ولم تستجب لكل نداءات السلام الدولية، لا تتعلق بمصير الأسد فحسب، وذلك لأن احتمال حدوث تحولات في القوة الإقليمية، وحروب وكالة، وانتشار الفوضى- إلى جانب استئناف عداوات بين القوى العظمى تذكر بزمن الحرب الباردة- كلها أمور تتعدى حدود سوريا بكثير. وهذا هو التحذير الشديد الصادر عن خبراء دوليين مثل أمين عام الأمم المتحدة السابق كوفي عنان، المنخرط حالياً في ما يعتبره كثيرون محاولة الفرصة الأخيرة لتجنب حرب أهلية شاملة في سوريا التي تقع في قلب شرق أوسط مضطرب. وفي هذا الإطار، قال "عنان" في جنيف بعد أن رفع تقريره حول اجتماعاته مع الأسد في العاصمة السورية دمشق إلى مجلس الأمن الدولي يوم الجمعة: "أجل، إننا نميل إلى التركيز على سوريا"، مضيفاً "غير أنه من شأن أي سوء تقدير يفضي إلى تصعيد كبير أن يكون له تأثير في المنطقة، تأثير سيكون من الصعوبة بمكان التعامل معه". وفي غياب نهاية وشيكة للقتال، تبدو هذه الدولة التي تسمي نفسها "قلب العروبة النابض" مستعدة لتصبح موقع أطول الثورات العربية وأكثرها دموية. ولكن سوريا، ومثلما لفت إلى ذلك عنان، تمثل أكثر من ذلك: ساحة أهم نزاع من الناحية الجيوسياسية، وربما الأكثر تأثيراً على المنطقة برمتها. وفي هذا الإطار، يقول "رامي خوري"، الذي يدير معهد "عصام فارس" للسياسة العامة والشؤون الدولية بالجامعة الأميركية في بيروت: "إن سوريا تمثل حالة خاصة لأنها مرتبطة بالكثير من اللاعبين"، مضيفاً "لدينا نزاع داخلي في سوريا، ولكن لدينا أيضاً نزاع إقليمي ونزاع عالمي. وبالتالي، فهي موجودة على المستويات الثلاثة". التفكير في التأثير المحتمل على التحالفات والتنافسات المتداخلة والمتشابكة، إضافة إلى التوترات الطائفية الطويلة، يصيب المرء بالدوار، وذلك لأن سوريا تعد بمثابة رقعة شطرنج استراتيجية تلعب فيها المصالح الكبيرة والصغيرة من أجل امتيازات مستقبلية. وهناك قوتان إقليميتان، إيران والسعودية، تقفان على جانبين متعارضين من هذا النزاع الذي أتم عامه الأول ويمثل أحدث جبهة في حربهما الباردة التي تكتسي صبغة طائفية، حيث تنظر إيران إلى سوريا -حليفها العربي الرئيسي- كجزء أساسي من تحالف "محور المقاومة". وفي غضون ذلك، يبدو المسؤولون الإسرائيليون قلقين بشأن ما إن كانت الإدارة التي ستأتي بعد الأسد ستكون أفضل أو أسوأ بالنسبة لبلدهم. أما على المستوى العالمي، فمازالت واشنطن وموسكو على خلاف حول سوريا، في وقت يستعمل فيه مسؤولو البلدين أحياناً خطابات تذكر بزمن الحرب الباردة، حيث وصفت وزيرة الخارجية "الفيتو" المشترك الذي استعملته روسيا والصين في مجلس الأمن الدولي حول سوريا بـ"المقيت"، في حين صوب وزير الخارجية الروسي سهام الانتقاد لرد الفعل "الهيستري" للغرب. ذلك أن موسكو، التي لم تخرج بعد من تداعيات عجزها عن وقف حملة القصف التي قادها الغرب وساعدت على الإطاحة بالقذافي في ليبيا، مصممة على عدم تكرار هذا السيناريو في سوريا حليفها العربي الرئيسي الأخير. وعلاوة على ذلك، فقد أدى قمع حكومة الأسد لمحتجي المعارضة والرد العنيف الذي ولده إلى تأجيج المشاعر الطائفية في لبنان والعراق. وفي الأثناء، تبدو تركيا حائرة بشأن كيفية التعامل مع أزمة بمحاذاة حدود يبلغ طولها أكثر من 500 ميل. وفي هذا السياق، يقول "آندرو تابلر"، الخبير في الشؤون السورية بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: "الأمر يمكن اختزاله تقريباً في العامل الجغرافي... لأن سوريا توجد وسط جزء جد استراتيجي من الشرق الأوسط". وبينما يتواصل العنف في جزء كبير من سوريا، تواجه الأسباب والحجج بشأن أي تدخل أجنبي إشكاليةً أكبر مقارنة مع ليبيا، التي تعد بلداً صحراوياً في معظمه وسكانه الـ6 ملايين نسمة متجانسون نسبيًا. ويبدو أن لا واشنطن ولا حلفاءها الأوروبيين يرغبون في حملة قصف جوي من النوع الذي ساعد على إسقاط القذافي. والواقع أن تأثير النزاع السوري واضح في قرار "حماس"، المنظمة السنية الفلسطينية، مغادرة مقرها السابق في دمشق ودعم الانتفاضة ضد الأسد، الذي رعاها ودعمها لسنوات. وفي الأثناء، تراقب إسرائيل التطورات في سوريا بقلق متزايد. فرغم أن الأسد ليس صديقاً لإسرائيل ويدعم منظمة أخرى مناوئة لإسرائيل -حزب الله اللبناني- إلا أن الرئيس السوري يُنظر إليه من قبل الإسرائيليين باعتباره خصماً عقلانياً يمكن التنبؤ بتصرفاته. إذ ما عدا استثناءات قليلة، فإن الحدود السورية على طول مرتفعات الجولان المحتلة كانت هادئة لسنوات. وتعليقاً على هذا الموضوع، يقول الأستاذ بالجامعة العبرية موشي معز، الذي يعد أحد أبرز الخبراء في الشؤون السورية في البلاد: "البعض في إسرائيل مازالوا يفضلون بقاء الأسد على أساس أن "الشيطان الذي تعرفه أفضل من الشيطان الذي لا تعرفه"". غير أن ثمة خوفاً في إسرائيل، بالمقابل، من أن تعقب إدارةَ الأسد العلمانية حكومةٌ بتشكيلة إسلامية أكبر قد تسعى إلى تجديد الأعمال القتالية مع إسرائيل كنقطة لحشد الجماهير. كما أن المسؤولين العسكريين الإسرائيليين يشعرون بالقلق بشأن مخزون سوريا من الأسلحة، ومن ذلك الأسلحة الكيماوية. وتبدو إسرائيل قلقة أيضاً بشأن ما يصفه المسؤولون في تل أبيب بنقل كميات متزايدة من الأسلحة الإيرانية عبر سوريا إلى قواعد "حزب الله" في لبنان، ومن ذلك قاذفات متطورة. باتريك ماكدونل - بيروت ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©