الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مجلس حقوق الإنسان ··· ودلالات الرئاسة الأفريقية

مجلس حقوق الإنسان ··· ودلالات الرئاسة الأفريقية
6 يوليو 2008 23:12
لا تتردد إدارة الرئيس بوش ومنتقدو مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في المسارعة إلى التنديد بكل إخفاق سواء في جنيف، أو نيويورك والإعراب عن انزعاجهم من أعماله واتخاذ ذلك ذريعة للدعوة إلى الانتهاء من الأمم المتحدة وإغلاق أبوابها· ولأن ذلك لن يحدث، قررت وزارة الخارجية الأميركية إفساح المجال لخصومها الذين يؤمنون بقيمة الأمم المتحدة ومجلسها لحقوق الإنسان· لكن وفيما تفتقد مساعي إدارة بوش للفاعلية في مجال الضغط على الأمم المتحدة، يبدو أن ظاهرة جديدة بدأت تبرز مؤخراً متمثلة في النفوذ المتزايد الذي باتت تتمتع به الحركات المدافعة عن حقوق الإنسان في العالم وقدرتها على تعزيز مهام مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ودعمها في المحافل الدولية· فقبل ستة أشهر بدا أن مصر ستتولى لا محالة رئاسة المجلس الذي يعتبر ذراع الأمم المتحدة لمراقبة ورصد وضعية حقوق الإنسان في العالم· فبعد أن جاء دور أفريقيا لتولي الرئاسة الدورية للمجلس برزت مصر كمرشح رئيسي، بل وكمرشح أوحد إثر انسحاب الدول الأفريقية الأخرى من السباق· لكن ما جرى بعد ذلك كان لافتاً، حيث انتخبت نيجيريا بدلاً من مصر على رأس مجلس حقوق الإنسان· ومع أن نيجيريا هي أبعد ما تكون عن الدولة المثالية في مجال حقوق الإنسان، إلا أنها أفضل من بعض الدول الأفريقية، التي يشكل سجلها في احترام حقوق الإنسان مصدر قلق للمعنيين بهذا المجال، فالحكومة النيجيرية انخرطت في ممارسة التعذيب وقامت بملاحقة المعارضين السياسيين، والتضييق على الأقليات الدينية، فضلاً عن تأثيرها السيئ في الأمم المتحدة، حيث أعاقت اتخاذ قرارات حاسمة تهم قضايا حقوق الإنسان في كل من السودان وزيمبابوي، وحاولت أيضاً إسكات المنظمات غير الحكومية في جنيف· لكن عندما تناهى إلى علم المنظمات غير الحكومية احتمال حصول مصر على رئاسة مجلس حقوق الإنسان، بادرت هذه المنظمات إلى التحرك وكثفت من حملتها المناهضة لوصول مصر إلى هذا المنصب· فقد خاطبت أكثر من 42 منظمة غير حكومية في عشرين دولة رؤساء وقادة الدول الأفريقية مطالبين أن ''تمثل أفريقيا في هذا المنبر دولة مشهود لها بسجلها الجيد في حقوق الإنسان''· وبالنظر إلى الآلة الدبلوماسية المصرية الفعالة في أروقة الأمم المتحدة، لم يكن يتوقع أحد أن تنجح المنظمات غير الحكومية في مهمتها، لكن وبفعل الحملة المكثفة التي انخرطت فيها تلك المنظمات سواء في الدول الديمقراطية، أو السائرة في الطريق الديمقراطي، تمكنت المنظمات غير الحكومية من إقناع حكوماتها بعدم الوقوف إلى جانب رئاسة أفريقية لمجلس حقوق الإنسان ستكون مصدراً للكثير من الحرج للقارة والأمم المتحدة معاً· ورغم أن نيجيريا نفسها تعاني من مشاكل جوهرية في مجال حقوق الإنسان، حيث أدى تعثر حكم القانون في البــــلاد إلى تفشي الفساد والعنف، فإن ما أظهره القضاء النيجيري من قدرة على تحدي شرعية انتخابات عام 2007 يدل أن نيجيريا تطمح للأفضل وتسعى إلى إرساء نوع من الحكم الديمقراطي· لم تسعَ نيجيريا إلى تقويض عمل مجلس حقوق الإنسان، لذا تعتقد المنظمات غير الحكومية أنها أكثر قدرة على العمل مع رئاسة نيجيرية للمجلس· وفي مثال آخر على قوة المنظمات غير الحكومية هو تأثيرها الواضح في انتخاب أعضاء مجلس حقوق الإنسان، حيث عارض ائتلاف دولي يضم المدافعين عن حقوق الإنسان من سريلانكا وحتى من خارجها انضمام البلاد إلى المجلس بسبب فشلها في صيانة حقوق الإنسان والتعاون مع المؤسسات الأممية العاملة في المجال· وبعد أن خسرت سريلانكا انتخابات الانضمام إلى المجلس، اعترف المسؤولون بالدور الذي لعبته المنظمات غير الحكومية في بقائها خارج المجلس· ويعتبر النجاح الذي أحرزه المجتمع المدني في عرقلة مساعي سريلانكا للانضمام إلى مجلس حقوق الإنسان مؤشراً واضحاً على عدم تخلي حركات حقوق الإنسان عن أملها في بروز نظام أممي يتمتع بالمصداقية· لكن إذا كانت شبكة المنظمات غير الحكومية قد تمكنت من التأثير الإيجابي على حقوق الإنسان، فكيف تبرر إدارة بوش انسحابها من المجلس؟ فقد أطلعت الولايات المتحدة في 6 يونيو الماضي حلفاءنا في جنيف بأنها ستنسحب من أعمال المجلس، معللة ذلك بسلسلة من المشاكل التي اعترت مهام المجلس مثل تقاعسه في الدفاع عن حرية التعبير والأداء الضعيف في التعامل مع النزاع العربي- الإسرائيلي· والحقيقة أن هذا القرار لا يتجاهل فقط الدور الإيجابي الذي اضطلع به المجلس في قضايا مهمة مثل بورما ودارفور، فضلاً عن اعتماد آلية المراجعة الدورية لسجلات الدول في حقوق الإنسان، بل يغفل أيضاً ما أظهرته المنظمات غير الحكومية من قدرة على عرقلة انضمام بعض الدول كسريلانكا إلى المجلس· تيد بيكون نائب مدير السياسة الخارجية بمؤسسة بروكينجز ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©