الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

تضخم في مخالفات الإشارة الحمراء.. ومعركة التوعية والمراقبة مستمرة

تضخم في مخالفات الإشارة الحمراء.. ومعركة التوعية والمراقبة مستمرة
3 ابريل 2014 09:41
تحقيق: منى الحمودي ما أن يقبل «خالد. س» على أي تقاطع مروري، حتى يضغط بقدمه على دواسة الوقود في مركبته، لزيادة سرعتها، مسابقاً ومضات الإشارة الضوئية. ويحدث أن ينجح خالد كثيراً في اجتياز التقاطع قبل أن ينتقل الضوء إلى الدائرة الحمراء، لكنه يفشل أحياناً في ذلك، ما يضطره إلى المخاطرة باجتيازها مع ما يعنيه ذلك من احتمالات وقوع حوادث تصادم قد تنجم عنها وفيات. ويعترف خالد بأن تجاوزه الإشارة الضوئية الحمراء كلفه في إحدى السنوات أكثر من 20 ألف درهم مخالفات، إضافة إلى تسجيل نقاط سوداء في ملفه المروري، وهو ما دفعه إلى تعديل سلوكه والبدء بالتقيد بآداب الطريق وقوانين السير. على الرغم من الإجراءات التنفيذية والتشريعية التي تتخذها الجهات الشرطية، يستمر مسلسل الاستهتار بالإشارة الضوئية الحمراء في شوارع الدولة، مع ما يخلفه من ضحايا وخسائر، بحسب ما يقوله مسؤولون وأفراد مجتمع طالبوا بتشديد القبضة الأمنية على السائقين الذين يقودون مركباتهم برعونة، وعدم الاكتفاء بالإجراءات المتبعة حالياً. وتشير الإحصائيات الرسمية إلى «تضخم» مخالفات تجاوز الإشارة الضوئية الحمراء. فبعد أن سجلت 5930 مخالفة خلال العام الماضي بأسره، بلغت خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي 5816 مخالفة. وأسفرت مخالفات تجاوز الإشارة الضوئية الحمراء، خلال العام الماضي، عن وقوع 233 حادثاً، نتجت عنها وفاة ستة أشخاص وإصابة 19 بإصابات بالغة، في حين أسفرت المخالفات المسجلة خلال الفترة من الأول من يناير وحتى 26 مارس من العام الحالي عن وقوع 53 حادثاً نتجت عنها خمس إصابات بالغة. فن وذوق وأخلاق أكد المقدم جمال سالم العامري رئيس قسم العلاقات العامة بمديرية المرور والدوريات بشرطة أبوظبي، أن الإدارة تبذل جهوداً لخفض نسبة مخالفات وحوادث الإشارة الضوئية الحمراء، وذلك بتكثيف عمليات الضبط المروري والحملات والبرامج التوعوية. وأشار العامري إلى أن قانون السير والمرور الاتحادي شدد العقوبات على المخالفين لقوانين السير والمرور، مؤكداً أنه لا تهاون مع السائقين المخالفين الذين يرتكبون مخالفات جسيمة مثل مخالفة تجاوز الإشارة الضوئية الحمراء مع ارتكاب حادث مروري، حيث تصل العقوبة إلى تسجيل 8 نقاط مرورية، وحجز المركبة لمدة 15 يوماً، وفرض غرامة مالية قيمتها 800 درهم. وأوضح العامري أن مبدأ قيادة المركبات يقوم على الفن والذوق والأخلاق، وأن من أخلاقيات الإنسان محافظته على سلامة روحه وجسده، وعند امتلاكه رخصة القيادة، تقع عليه مسؤولية سلامة أرواح وأجساد مستخدمي الطريق عن طريق التزامه بقواعد السير والمرور، لكن من خلال الإحصائيات نجد أن هناك الكثير من حالات تجاوز الإشارة الضوئية الحمراء، مع ارتكاب حوادث مرورية بسببها، نتجت عنها إصابات ووفيات، بالرغم من تكثيف حملات التوعية بخطورة تجاوز الإشارات الحمراء. وذكر العامري أن المديرية درست تقاطعات مدينة أبوظبي التي يتجاوز عددها الـ 120 تقاطعاً خلال عامي 2013 و2014، وعملت على تحسين مستوى السلامة المرورية في هذه التقاطعات، بوضع أجهزة فائقة الدقة عالية التقنية، لا تقرأ فقط المخالفة المرورية بتجاوز الإشارة الضوئية الحمراء، بل تسجل الدوران أو الانعطاف الخاطئ ويتم تصويره من قبل الأجهزة الموجودة في التقاطع، كما تقوم بتصوير المركبة المتجاوزة للسرعة حتى لو كانت الإشارة خضراء، كما تقوم بضبط المركبة لو كانت بمعدل سرعة أعلى من معدل قراءة سرعة الشارع. وحذر العامري مستخدمي الطريق من أن الأجهزة الموجودة والرادارات المثبتة على هذه التقاطعات تعمل من خلال الأشعة والتقنية الفائقة الدقة، ومرتبطة إلكترونياً بقاعدة البيانات المركزية بالقيادة العامة لشرطة أبوظبي حيث يتم إرسال صور المركبات المتجاوزة بعد التأكد من المخالفة ووضوح الصور إلى ملف السيارة تلقائياً. وقال إن تشديد الرقابة والعقوبات وقيمة المخالفات وتسجيل النقاط، ما هي إلا وسيلة للحد من السلوكيات التي تؤدي إلى الحوادث المرورية، وخسائر في الأرواح والممتلكات. ولفت العامري إلى أنه من خلال الاستراتيجية التي تتبعها مديرية المرور والدوريات في التوعية المرورية توجد هنالك حملات تعتمد على القراءة الموجودة في العام الميلادي بالنسبة للمخالفات والحوادث، ومن ضمن هذه الحملات يتم التطرق للإشارات الضوئية الحمراء من خلال القراءة التي تتم لعدد المخالفات والحوادث، وأن الحملات لا تقتصر على التوعية من خلال المحاضرات، بل عبر نشر أفلام ورسائل توعوية في مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، مثل اليوتيوب وفيس بوك وتويتر وانستغرام. ولفت إلى أنه يتم التركيز على أخطر عشر مخالفات وأخطر عشرة طرق، بحسب ما تظهره الإحصائيات الموجودة في قاعدة البيانات، حيث يتم باستمرار التوعية بها، حفاظاً على سلامة الجسد والروح لمستخدمي الطريق. كاميرات بلا فلاش من جهته، أوضح المقدم يسلم مبارك التميمي رئيس قسم الإحصاء في إدارة هندسة المرور وسلامة الطرق في مديرية المرور والدوريات في شرطة أبوظبي أن كاميرات المراقبة على التقاطعات بأبوظبي تعمل بتقنية وكفاءة عالية وشمولية باستخدام الأشعة تحت الحمراء دون «فلاش» لرصد المخالفين وتصوير مخالفاتهم على التقاطعات. وأشار التميمي إلى أن تلك الكاميرات تتميز بأنها كاميرات حرارية «ثلاثية الأبعاد» تغطي ما يزيد على خمس حارات في كل اتجاه، وتقوم بعدة وظائف منها قراءة جميع لوحات المركبات العابرة والتعرف إلى عدد المركبات العابرة وتصنيفها، وقراءة متوسط سرعة الشارع والتعرف إلى عدد واتجاهات المشاة أثناء الإشارة الضوئية الحمراء والخضراء، لافتاً إلى أن النظام الذي باشرت المديرية في تنفيذه منذ بداية عام 2012 يتم بموجبه تركيب كاميرات المراقبة في ما يزيد على 150 تقاطعاً بكل من أبوظبي والعين والمنطقة الغربية. وأوضح التميمي أن المخالفات التي يتم رصدها من خلال أنظمة المراقبة على التقاطعات تشمل مخالفات قطع الإشارة الضوئية الحمراء، والاستخدام الخاطئ لمسارات الحركة، ووقوف المركبات على خطوط عبور المشاة، وتجاوز السرعات المقررة، ومخالفة المركبات المتجاوزة في التقاطعات، والمركبات التي تقوم بالانعطاف أو الالتفاف الكامل إلى اليسار من غير الحارات المخصصة. ودعا التميمي السائقين إلى الالتزام بقانون السير والمرور والانتباه وخفض السرعات، وعدم عرقلة حركة السير والمرور على التقاطعات من خلال الالتفاف من غير الحارات المقررة، وإعاقة حركة عبور المشاة بالوقوف في خطوط عبور المشاة. وقال التميمي، إن كاميرات المراقبة على التقاطعات تعتبر من الأنظمة المرورية الحديثة بما يمكن من إجراء تقييم مستمر للحالة الهندسية للتقاطعات وتأثيرها على السلامة المرورية، ووقوع الحوادث المرورية، كما يتميز النظام بالربط مع نظام البلاغات والرسائل النصية وأنظمة الرسائل المتغيرة على الطريق. كما أنه يمثل واحداً من أهم مشاريع تحسين السلامة المرورية «الهندسة، التوعية، الضبط، التقييم، سرعة الاستجابة، الشراكة المجتمعية» على طرق وتقاطعات إمارة أبوظبي ويعتبر مشروعاً متكاملاً يشمل جميع عناصر تحسين السلامة المرورية إضافة إلى تكامل كل العناصر. سلوك خاطئ وقالت حصة العوضي، التي نالت رخصة القيادة مؤخراً، إنها لم تكن تكترث للسائقين المتجاوزين للإشارات الضوئية الحمراء، إلا بعد تجربة القيادة في الطريق، لما رأته من خطر يعرض حياة جميع مستخدمي الطريق. ورأت أن تجاوز الإشارة هو سلوك خاطئ يعبر عن مدى استهتار السائق بأرواح مستخدمي الطريق، معتبرة أن تجاوزات قوانين المرور يكون دافعها الاستهتار وليس الجهل في أغلب الأحيان. وأشارت إلى ضرورة تشديد العقوبات على هذه الفئة للحد من ارتفاع حوادث السير، داعية جميع أفراد المجتمع إلى المشاركة في المحافظة على سلامة الطرق عن طريق الإبلاغ عن كل من يخالف قواعد السير والمرور، ويسبب خطراً على حياته وحياة الآخرين. وألقى عبدالله محمد باللائمة على قصر مدة الضوء الأصفر للإشارة الضوئية، التي تجعل السائق في حالة هستيريا، بحسب تعبيره، مستدركاً بقوله إن نظام الإشارات الضوئية الجديد لا يترك عذراً لأي فرد بتجاوزها. وأشار عبدالله أن أغلب حوادث تجاوز الإشارة الضوئية الحمراء، يؤدي إلى موت السائق أو إصابته بالعجز التام؛ لذا يجب أن يتحلى السائق بالصبر عند الإشارة الضوئية، لمدة دقيقة أو أقل واتباع حكمة «في التأني السلامة وفي السرعة الندامة». وقال محمد الملا، إن أحد أسباب تجاوز الإشارات الضوئية الحمراء هو تزويد المركبات بإضافات لزيادة السرعة تجعل سائقيها من الشباب لا يتحكمون بإيقافها عند الإشارة، معبراً عن أسفه لخسائر الأرواح التي تقع للشباب. وأضاف أن هناك أشخاصاً يقومون بتجاوز الإشارة الضوئية كنوع من الاستعراض أمام الآخرين، خصوصاً مرافقيهم من الأصدقاء، معرضين حياتهم وحياة مستخدمي الطريق للخطر، بسبب الطيش والتهور وعدم الالتزام بالسرعة المحددة، مشيراً إلى أن الحملات التوعوية والتفتيشية التي تنفذها الجهات الشرطية تسهم في تخفيف حدة المخالفات، التي سرعان ما تعود إلى سابق عهدها بعد انتهاء تلك الحملات. علم النفس: ارتباط بين تجاوز الإشارة الحمراء والحالة النفسية للسائق أكدت الدكتورة دوللي حبال اختصاصية علم النفس أن هناك ارتباطاً بين تجاوز الإشارات الحمراء والحالة النفسية للسائق، شارحة بأن هناك لحظات يكون في الشخص عاجزاً عن التفكير، مستعداً لإلقاء نفسه إلى التهلكة. وأضافت الدكتورة حبال إلى أن حالة الشرود وعدم التركيز والتفكير بالهموم سبب قوي لارتكاب المخالفات خصوصاً تجاوز الإشارة الحمراء، مشيرة أيضاً إلى أن السائق الذي يعاني الاكتئاب يتولد لديه نوع من عدم المبالاة وفقدان الإحساس والرغبة في العيش. ولم تنس الدكتور حبال التنبيه إلى خطر انشغال السائق بالرسائل النصية ومواقع التواصل الاجتماعي، ومع ما تحمله من أخبار حسنة أو سيئة تتسبب في التأثير على نفسية السائق وتزيد من عدم انتباهه إلى القيادة. وذكرت أن هؤلاء الأشخاص وبعد عودتهم لحالتهم الطبيعية يندمون ويلومون أنفسهم، بعكس الأشخاص الذين بطبيعتهم يكونون أشخاصاً مغامرين محبين للسرعة والتهور لا يدركون العواقب، ويعتقدون أنهم قادرون على تجاوز الإشارة الحمراء كنوع من أنواع التحدي والمغامرة، والذين لا يلتزمون بالقوانين بشكل عام، وهم الذين يشكلون ظاهرة الانحراف الاجتماعي، وهي خروج الشخص عن معايير سلوك المجتمع الذي يعيش به.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©