الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

وداعاً يا عراق!

5 سبتمبر 2009 23:59
لقد انقضى شهران منذ انسحاب القوات الأميركية من المدن العراقية، وانقضى معهما أيضاً الوهم القائل إن العراق ينتقل بسلاسة إلى الوضع الطبيعي الخالي من العنف الطائفي. وقد تبدى هذا بوضوح مؤخراً عندما سُئل الجنرال «راي أوديرنو» قائد القوات الأميركية هناك، من قبل الصحفيين عما إذا كانت الحرب قد « انتهت من الناحية العملية» فـ «امتقع وجهه» على حد وصف «جريج جاف» الصحفي بـ«واشنطن بوست» الذي كان حاضراً تلك المقابلة قبل أن يرد قائلا: «لا يزال هناك مدنيون يلقون حتفهم في العراق. وسيكون هناك أناس يحاولون مهاجمة النظام الذي استتب في العراق وسعي هذا البلد نحو الديمقراطية واقتصاد أكثر انفتاحاً. ولذا فإن هناك بعض العمل الذي يتوجب علينا إنجازه هنا». لا.. ليس هناك ما يدعونا إلى ذلك حتى إذا ما كان وجود 130 ألف جندي أميركي «سيشكل كابحاً على المشاعر الطائفية والغرائز الأكثر ضيقاً للجيش العراقي والزعماء السياسيين». فبعد مرور ست سنوات ونصف السنة، ومصرع 4327 جندياً أميركياً، وإصابة 31,483 غيرهم، ومع حرب تسير من سيئ إلى أسوأ في أفغانستان، سيكون من قبيل الحجة التي لا يمكن الدفاع عنها للجيش الأميركي المنهك، والذي يحتاج إلى إصلاح مادي وتعافٍ ذهني، أن يطالب قائد هذا الجيش بالبقاء والتسكع في العراق من أجل تنقية غرائز بعض نخبه الفاسدة. لقد لقي 725 عراقياً مصرعهم بسبب الإرهاب، منذ أن انسحبت القوات الأميركية من المدن العراقية في 30 يونيو الماضي حسب الخطة الموضوعة، التي تنص بنودها أيضاً على انسحاب الوحدات المقاتلة من هذا البلد خلال عام، على أن يبقى ما يقرب من 50 ألف جندي هناك للعمل بصفة «مستشارين» للحكومة العراقية التي لا تزال تدعي أن وجود القوات الأميركية شيء غير مقبول ولا ضرورة له. ويرى «ديفيد إيجناتيوس» كاتب العمود في صحيفة النيويورك تايمز -وهو على حق في رأيه- أنه بدون الحماية التي يوفرها الدعم الاميركي «فإن العراق سيصبح منكشفاً تماماً أمام الضغط الإيراني» وللتدليل على رأيه هذا يستشهد «إيجناتيوس» بكلام منسوب لمسؤول في الاستخبارات العراقية يقول فيه إن علاقة رئيس الوزراء العراقي بإيران قوية جداً إلى درجة أنه «يستخدم طائرة نفاثة يقودها طاقم من الطيارين الإيرانيين في زياراته الرسمية». أما «كينيث بولاك» من معهد «بروكنجز» فيقول إنه على رغم أن الشعور الوطني العراقي المتصاعد يمكن أن يساعد في رأب الصدع بين السنة والشيعة، إلا أنه يمكن من ناحية أخرى أن يفاقم من النزاع مع إقليم كردستان في شمال العراق الذي يشهد صراعاً حول السيطرة على مدينة كركوك والتحكم في صادرات النفط. ويرى «بولاك» أن المليشيات التي حكمت العراق خلال الفترة من 2003- 2007 لا تزال هي الأحزاب السياسية الرئيسية، ولا تزال تمارس الرشوة، والابتزاز، وعمليات الاغتيال، والخطف، كما تحاول منع ظهور أحزاب سياسية عراقية جديدة أكثر علمانية، وأكثر ديمقراطية، وأكثر تمثيلا للعراقيين، وأقل فساداً وعنفاً. ويمضي «بولاك» في مقاله الذي كتبه في صحيفة «ناشيونال إنترست» فيقول إن العديد من خبراء السياسة يرون أن البلاد التي تعاني حرباً أهلية بحجم تلك الحرب التي اندلعت في العراق ما بين عامي 2004- 2006 تكون احتمالات انتكاسها مرة أخرى إلى العنف عالية جداً، وهو ما يعني أن بقاء الجيش الأميركي لعامين آخرين لن يكون قادراً على الحيلولة دون تبلور ذلك في المستقبل. وإن كان البعض يعتقدون أن حرب العراق لم يتم «كسبها» فحسب ، وإنما تعزز أيضاً ذلك الفوز وثبتت مصداقيته بنجاح سياسة ضخ أعداد إضافية من القوات في عام 2007. لكن مع ما يحدث حاليا من عودة للعنف فإن هذا «المنطق الانتصاري» سوف يقودنا حتماً إلى الخلاصة التالية: -على رغم الأدلة التي تناقض ذلك- إذا ما كانت سياسة ضخ أعداد إضافية من القوات قد نجحت بشكل دائم في نزع فتيل العنف الطائفي، فإن القوات الأميركية بمجملها يمكنها العودة إلى الوطن قبل نهاية عام 2011، أما إذا لم تكن هذه السياسة قد نجحت في ذلك فإن تلك القوات «يجب» أن تعود. جورج إف. ويل محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©