الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قانون زراعة الأعضاء في مصر يضع نهاية لتجارة الجسم البشري

قانون زراعة الأعضاء في مصر يضع نهاية لتجارة الجسم البشري
18 مايو 2010 20:31
حالة من التفاؤل الحذر تسود الشارع المصري هذه الأيام، مع اقتراب العمل بأول قانون مصري لزراعة الأعضاء البشرية مطلع شهر يونيو المقبل. ويرى الخبراء أن القانون الذي تأخر صدوره لأكثر من 15 عاماً، يمكن أن ينظم عملية نقل الأعضاء، ويعيد الابتسامة لآلاف المرضى، ويكبح تلك التجارة غير المشروعة، التي شهدت ازدهاراً واضحاً في السنوات الماضية، خاصة في المناطق الفقيرة، حيث شاع إقدام بعض السماسرة على استغلال حاجة الفقراء والعاطلين للمال، وإغرائهم ببيع أعضائهم سرا، لا سيما «الكلى وفص الكبد» نظير مبلغ من المال، أدى بيع الأعضاء، الذي من المتوقع أن يضع قانون زراعة الأعضاء الذي يدخل حيز التنفيذ الشهر المقبل حداً له، إلى ظهور ما يسمى سياحة زراعة الأعضاء في مصر. ما دفع منظمة الصحة العالمية إلى التحذير من خطورة ذلك على مستقبل مواطنيها، لافتة في تقارير سابقة إلى أن مصر صارت مركزاً إقليمياً للاتجار بالأعضاء البشرية، إلى جانب باكستان والعراق وفلسطين المحتلة. ويؤكد وزير الصحة المصري د. حاتم الجبلي أن تلك الانتقادات والصورة السيئة عن مصر سرعان ما ستنتهي، وتتبدل نحو الأفضل، مع بدء العمل بالقانون الجديد، والذي من شأنه القضاء نهائياً على تلك الظاهرة، وتنظيم عملية زراعة ونقل الأعضاء ومواجهه المخالفين بعقوبات رادعة. اللائحة التنفيذية يؤكد الدكتور عبدالرحمن شاهين مستشار وزير الصحة أن آلاف المرضى انتظروا طويلاً خروج هذا القانون إلى النور كي يتمكنوا من الاستفادة من زراعة الأعضاء، لافتاً إلى أن اللائحة التنفيذية للقانون تتضمن 18 بنداً، أبرزها أن يقتصر التبرع بأعضاء المتبرعين الأحياء على أفراد الأسرة حتى الدرجة الرابعة. وأن يكون من مصري إلى مصري فقط، وفيما عدا المصريين إذا كان قريباً حتى الدرجة الثانية للمصري المنقول منه، وأن يتم إصدار الإذن الرسمي بإزالة العضو المراد التبرع به من قبل لجنة مؤلفة من ثلاثة أشخاص تعينها اللجنة العليا لزرع الأعضاء، التابعة لوزارة الصحة. وتضمنت اللائحة أيضاً أنه «لا يجوز للمنقول منه أن يوافق على استقطاع أحد أعضائه أو جزء منه أو أنسجته لنقله إلى آخر، إلا إذا كان كامل الأهلية وتوافر رضاؤه التام عن ذلك، ويجوز للمنقول منه العدول عن الموافقة قبل البدء في إجراء عملية الاستقطاع، ويثبت هذا الرضاء بالكتابة في حضور أحد الأقرباء من الدرجة الأولى». كما حددت بنود اللائحة قواعد تراخيص مراكز زراعة الأعضاء ومواصفات ومسؤوليات العاملين بها، وكذلك التشديد على حظر التعامل في أي عضو من أعضاء جسم الإنسان أو جزء منه أو أحد أنسجته على سبيل البيع أو بمقابل مادي للموافقة على الاستقطاع. ويرى الدكتور حمدي السيد، نقيب الأطباء‏ ورئيس لجنة الصحة في البرلمان المصري، أن القانون الجديد يعد إضافة مهمة في مجال الصحة والطب في مصر، لافتاً إلى أنه كان أول من دعا إلى ضرورة صدروه منذ بداية التسعينيات من القرن الماضي، وواجه في سبيله هجوماً وانتقادات حادة من قبل المتشددين ممن كانوا يرون فيه مخالفه للشريعة الإسلامية رغم أن دولاً إسلامية كثيرة أقرته. نافذة أمل يؤكد السيد أن هذا القانون نافذة أمل جديدة، وطوق نجاة لمن يعانون تلف أي من أعضائهم الحيوية، لافتاً إلى أن مرضى الفشل الكلوي في مصر، ويقدر عددهم بزهاء 25 ألفاً أُجريت لنحو 1200 منهم فقط في السنوات الماضية عمليات نقل كلى في ظل غياب قانون ينظم تلك العملية. ويقول إن نجاح القانون يعتمد على شيوع مفهوم التبرع المجاني بين الناس في حياتهم أو الوصية به بعد موتهم، وهذا من شأنه توفير آلاف الأعضاء البشرية لمن يحتاجون إليها من المرضى، وبذلك تنتهي للأبد ظاهرة «مافيا» تجارة الأعضاء من الشارع المصري، داعياً وسائل الإعلام إلى ضرورة حث الناس على التبرع كفكرة نبيلة. وتؤكد الدكتورة فوزية عبدالستار، أستاذ القانون الجنائي بجامعة القاهرة، أن قانون زراعة الأعضاء منذ لحظة تطبيقه سيواجه الخارجين عليه بعقوبات رادعة تصل إلى 25 عاماً سجناً، مبينة أنه «يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن 5 سنوات، وبغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه، ولا تزيد على 100 ألف جنيه، كل من استقطع أو زرع أحد الأعضاء أو تاجر فيها أو جزءاً منه أو أحد أنسجته، فإذا ترتب على ذلك وفاة المنقول منه تكون العقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة وغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تجاوز 200 ألف جنيه». وتضيف: «كما ينص القانون على أنه يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تجاوز 50 ألف جنيه كل من استقطع عضواً أو جزءاً منه أو نسيجاً من جثة ميت دون وجود وصية منه أو بغير توافر الشروط والقواعد المقررة، كما يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على 5 سنوات أو بغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه ولا تجاوز 100 ألف جنيه أو كلتيهما كل من استقطع خلسة أو زرع أو شارك أو كان وسيطاً أو قام بالإعلان أو بالتحايل أو بالإكراه عضواً أو جزءاً منه أو نسيجاً من إنسان حي بقصد زرعه في جسم إنسان آخر بالمخالفة لأحكام هذا القانون. وتكون العقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة وبغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تجاوز نصف مليون جنيه إذا ترتب على هذه المخالفات وفاة الشخص المستأصل منه». ظواهر سلبية أدى تأخر العمل بهذا القانون في مصر، إلى شيوع عده ظواهر سلبية، أبرزها عملية التحايل التي كان يلجا إليها المرضى لإيجاد غايتهم والتي وصلت إلى حد الإعلان عن ذلك في الصحف بطلب متبرع بكلية أو بفص كبد، تاركاً رقم الهاتف لمن يرغب في التبرع‏ لمعرفة مقدار ما سيتقاضاه من مال ثمناً لتبرعه، وذلك لكون القانون المصري يجرم بيع الأعضاء ويبيح التبرع بها ولا يمانع في نيل المتبرع هديه مادية أو عينية وصلت في بعض الأحيان إلى 50 ألف جنيه ومع دخول سماسرة وبعض معدومي الضمير شاعت أمور فساد أخرى كشفت أبعادها محاضر الشرطة المصرية أبرزها شيوع سرقة الكلى من المرضى الفقراء دون علمهم بواسطة طبيب يستغل خضوع المريض لجراحة في البطن كاستخراج حصوة أو إزالة مرارة أو زائدة دودية ويقوم باستئصال الكلى وبيعها. وهناك من يقوم طواعية ببيع كليته ويفاجأ بعد العملية بإخلال المشتري بدفع المقابل المادي المتفق عليه مما يدفع بالمتبرع إلى اللجوء للشرطة وتحرير محضر بالواقعة. ومنها واقعة شهيرة لثلاثة مصريين عصام ‏(29‏ سنة)،‏ وعلي (32‏ سنة)،‏ وهشام (37 سنة)، فقد كل منهم كليته خلال بحثهم عن عقد عمل في الخارج، فذكروا في محاضر الشرطة أن وسيطاً وعدهم بوظائف في دولة أوروبية شرط أن يخضعوا إلى فحص طبي بأحد المستشفيات في منطقة مصر الجديدة‏، وهناك زعم الطبيب أن كلاً منهم يعاني وجود حصوات في الكلية تتطلب جراحة عاجلة لتفتيتها وأنهم فور خروجهم من غرفة العمليات ستكون التأشيرات في انتظارهم‏، لكن ما حدث أنهم أجروا الجراحة واختفى الوسيط ومعه كلية كل منهم‏، فأبلغوا الشرطة بما حدث وادعوا أنهم تعرضوا للخداع وتحركت أجهزة الأمن‏، وكشفت عن جانب آخر من الواقعة يتلخص في أن الضحايا كانوا على علم تام بتبرع كل منهم بكليته نظير ‏30‏ ألف جنيه وتأشيرة السفر‏، وأنهم تقاضوا‏ 10‏ آلاف جنيه قبل إجراء العملية‏، كما قاموا بالتوقيع على أوراق تفيد تبرعهم بالكلى دون مقابل مادي‏،‏ وهي الصيغة التي لجأ إليها محترفو تجارة الأعضاء من أطباء ووسطاء، قبل صدور القانون، للهروب من المساءلة القانونية‏. التبرع بالأعضاء مباح يذكر أن الحاجة لإصدار مثل هذا القانون كانت تصاعدت منذ تسعينيات من القرن الماضي في ظل تزايد أعداد مرضى الفشل الكلوي وتليف الكبد، إلا أن معوقات مختلفة عطلت صدوره أهمها غياب الفتوى الدينية والتي حسمها قرار مجمع البحوث الإسلامية، أعلى جهة فقهية في مصر، قبل عام مضى بإباحة زرع الأعضاء، سواء بين الأحياء أو من الأموات إلى الأحياء، وهو ما شجع أعضاء البرلمان المصري على التصويت بالموافقة على القانون في منتصف يناير الماضي.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©