متحف الشارقة للتراث منارة الجذور

بالرغم من مظاهر التقدم والرقي الحضاري التي تمتاز بها إمارة الشارقة، إلا أن الحفاظ على التراث والتمسك بالجذور هو العامل المميز الأكبر لها. فرغم سعي مواطني الإمارة الدائم إلى مواكبة كل ما هو جديد ومتميز إلا أنهم يؤمنون بأن التمسك بالجذور والحفاظ على الموروث هو الأساس المتين الذي تبنى عليه الحضارة الصحيحة. ومن بين المعالم والمتاحف التراثية الموجودة في الإمارة والمتميزة في طرازها المعماري وهندستها البنائية متحف الشارقة للتراث. فمن خلال موقعه في قلب الشارقة، يعتبر المتحف موطناً للمعروضات الرائعة من كنوز الإمارة التي تجسد ماضيها المتميز والنابض بالحياة. يدون المتحف في أروقته نمط الحياة وبراعة إتقان الحرف وفنيات قرون المجتمع، وقد نقلت هذه المهارات والحرف عبر ما يتم تداوله على ألسنة الناس والمعرفة الثمينة المعرضة لمغبة خطر الانقراض الناجم عن طغيان المدينة. وبتوجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم إمارة الشارقة، بدأت إدارة التراث في تجديد ثلاثة بيوت تراثية مجتمعة الآن معا، لتضم بذلك معارض صغيرة متعددة تحت سقف واحد. فتح المتحف أبوابه أمام الجمهور في عام 2004 بعد فترة ترميم استغرقت أربع سنوات، ليرحب بالزوار في عالم آخر يعود إلى عصر من التراث الشعبي ومزيد من الاستكشاف. يعود تاريخ المعروضات إلى زمن بعيد عندما كان عدد السكان صغيرًا وكان الناس يعتمدون على التجارة والغوص للحصول على اللؤلؤ وعلى صناعة البحر وصيد الأسماك والصيد البري والزراعة من أجل العيش . يشاهد الزائر في متحف الشارقة للتراث الكثير من الحرف اليدوية وغيرها من الحرف المختلفة، التي ترجع إلى حقبة كان السكان المحليون فيها يعتمدون على الصيد وتجارة اللؤلؤ فقط، إلى جانب التعرف على العملات وتاريخها ومصدرها وأقدم العملات المحلية، بالإضافة إلى غرفة التعليم التقليدي التي تظهر كيف كان الأطفال والكبار ينهلون العلم وسط غرفة صغيرة تكاد تتسع لعدد صغير من الأفراد، إلى جانب غرفة الطب الشعبي وما يضم من أدوية محلية، ناهيك عن الحلي التقليدية القديمة التي كانت ترتديها أمهاتنا وجداتنا التي توضح النقوش الدقيقة والجميلة التي كان الصناع يبدعونها بكل حرفية ومهارة. أما الملابس والمنسوجات والتطريزات فقد كانت بسيطة وعملية، تحمي الجسم من حرارة الشمس. كما يمكن للزائر التعرف على تاريخ البريد والطوابع التي توثق أحداثاً مهمة، وتقف مصدرا لتوثيق الأحداث العالمية وكذلك الوقائع المشهودة ونواحي الثقافة والتراث الإماراتي. ولكل من يبحث عن القديم، هذه دعوة إلى أن تبدأ رحلتك الاستكشافية عبر تراث الشارقة الثري والمتنوع، فمن خلال هذه الرحلة سوف تكتشف التقاليد التي نجحت في الصمود لأصالتها في كل العهود، مع ?تأمل الأعمال المشغولة يدوياً من ضروب الفن والقطع المختلفة التي ترجع إلى حقبة كان السكان المحليون فيها يعتمدون على مهنة الصيد وتجارة اللؤلؤ فقط.