الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الاعتذار ثقافة مطلوبة في زمن الأخطاء الكثيرة

الاعتذار ثقافة مطلوبة في زمن الأخطاء الكثيرة
18 مايو 2010 20:54
لا يستطيع الكثيرون الاعتراف بأخطائهم، حتى وإن كانت غير مقصودة، ويرى آخرون أن الاعتراف بالخطأ كسر للكبرياء وتقليل من القيمة، بينما ينظر الناس غالباً نظرة غضب إلى المكابرين على الأخطاء ويحاولون تجنبهم بأشكال عدة. عن الاعتذار كان نقاش كتاب الإنترنت، وحول ثقافة قول “آسف” كان حوارهم هذا الأسبوع. في مدونة نوارس الحرية stars71.maktoobblog.com وتحت عنوان “ هل نحسن الاعتذار؟”، كتب صاحب المدونة: كثيراً ما أسمع أو أرى مواقف يحصل فيها إجحاف أو خطأ من قبل طرف على آخر. أرى تعدياً، أو ظلماً، أو تعسفاً من شخص على آخر.. وأسأل نفسي، هل سيشعر أنه أخطأ؟ ماذا سيفعل لو شعر؟ هل سيعتذر؟ هل سيندم؟ هل سيظهر مدى تأثره لما أقدم عليه من إساءة للآخر؟ هل نحن أناس ندرك أهمية الاعتذار أم نرى أنه غير مهم .. إنه شيء سخيف. هل نهتم بعواقب عدم الاعتذار عن أخطائنا؟ هل نحس بأي ألم يكون في نفس المجني عليه حين يرى الجاني يعيش حياته بكل راحة ضمير؟ وإن كنا من الناس الذين نعرف أنه يجب الاعتذار عن ما بدر منا فهل نحسن الاعتذار؟ هل نعتذر كما يحتاج الآخر منا، أم كما نرى ونريد نحن ؟ نعتذر بما تسمح به كرامتنا من تنازلات..ولا نفكر بكرامة الآخر حين جرحناه أو أسأنا إليه. كثيراً ما يستوقفني بل ويصدمني حقيقة، لا مبالاة الناس بموضوع الاعتذار، أو عدم إدراكهم لأهميته وكم أن هذه الخطوة تطيب النفوس وتغسل القلوب من الألم الذي نتج عن التجني على الآخر! لا أعرف لماذا نتغاضى عن النقاش وتوضيح الأمور؟ لماذا نتغافل ونهمل الحوار المستمر؟ لماذا نترك الأمور دائماً غير واضحة ومبهمة، ونفسح المجال للشيطان ليدخل من خلال الظنون؟ لأنه من الطبيعي عندما لا تكون الأمور واضحة ستبدأ التحليلات الشخصية والتي سيكون للظن نصيب وافر منها، كثيرا ما أتساءل، لماذا الإنسان يحكم على نفسه بأحكام ويعطيها حقوقاً، بينما يجحد حق الآخرين! لماذا يحترم شعوره ويقدر كلمته ويثمن جهده، بينما لا يعطي الآخرين نفس ما ينتظره منهم؟ أي ازدواجية أخلاقية نعيش؟ يؤلمني ما أراه من اختلاف للمقاييس…بل ويجعلني أشعر بالإحباط..خصوصاً أن مصدر هذه الأخلاق هم مسلمون، يفترض أن يكونوا أكرم الناس أخلاقاً!! وهنا طبعاً لا أقصد الجميع .. بل الأغلبية. حتى على صعيد العائلة الواحدة، زوج وزوجته، يرى الزوج لراحته وكلمته وإحساسه تقييماً وقدراً غير ما يعطيه لزوجته… وكأنها مخلوق من الدرجة الثانية! لماذا؟ لا أعرف، سرعان ما يأتيك الجواب أنه رجل وله الأولوية في البيت. هل ميز الإسلام في الكرامة والإحساس، واللطف والذوق، والراحة بين المرأة والرجل؟ لا والله، لكنها أنانية البشر التي تريد لنفسها غير ما تريده لأخيها المسلم، فإذا ما كانت هذه اللبنة الأولى من المجتمع بهذه الازدواجية، فكيف سيكون المجتمع الذي يفترض أنه خير أمة أخرجت للناس. بداية جديدة وكتب المدون الإماراتي محمود الحوسني في مدونته alhossani.maktoobblog.com: العديد من الناس ينظر للاعتذار على أنه كلمة جميلة وهدية بسيطة يقولها ويقدمها الإنسان لمن حدث بينه وبين الآخرين إشكالية ساهمت في تباعد القلوب وتنافر النفوس، وهذا طبيعي بحكم اتصالنا وتواصلنا المستمر مع الآخرين وما ينتج من تلك العلاقة من حالات جذب وتنافر بين الأصدقاء والأحباب. ولكن باعتقادي، أن الاعتذار أكبر من مجرد كلمة وهدية بل هو بداية جديدة للعلاقة، وهي حياة تستأنف من خلالها علاقتك بالآخرين، فليس من المجدي أن أقدم هديتي وأقبل رؤوس الآخرين وبعد ذلك أكرر الأخطاء وأكرر التعامل واضطر مرة أخرى لإهداء الآخرين، حتى لا يبقى للاعتذار أي أهمية ولا تبقى للهدية أي قيمة. بعد الاعتذار تبدأ الحياة من جديد بعهد مشترك من قبل الأطراف بعدم تكرار الخطأ، وبتجنب كل ما يسيء للعلاقة، ووعد متبادل باحترام مشاعر الآخر، فليس من المعقول أن يتم الاعتذار دون تغيير ودون جديد. الاعتذار بمعناه السامي هو رغبة مشتركة من الطرفين في التغيير ورفض كل ما يعوق ويدمر العلاقة الصافية وهو عهد برفض كل سلوك وكل كلمة قد تؤذي المشاعر وتعصف بالنفوس. الاعتذار ليس ذل وهوان، كما ينظر إليه الكثير من الناس، بل هو ثقة بالنفس وتصحيح للخطأ وهو قيمة سامية يتشرف بها الإنسان ويمنحها لمن يستحق ويقبلها من هو صادق في علاقته ومشاعره مع الآخرين. الاعتذار صعب، والأصعب هو أن تقنع نفسك وتقنع الآخرين بخطئهم، ولكن من الجميل أن نتعود على الاعتذار وأن تكون علاقاتنا مع بعضنا من السهولة بحيث لا يكون هناك صعوبة في الاعتذار وكلما عقدنا المسائل وصارت علاقاتنا جامدة كلما ساهم ذلك في تعقيد الاعتذار والتفكير مليون مرة قبل الاعتذار للآخرين. يوم عالمي للتسامح من جانبه يطالب خليل الفزيع في مدونة فضاء الكلمة khlilf 99.elaphblog.com بتفعيل اليوم العالمي للاعتذار والتسامح قائلاً: ثمة يوم عالمي للتسامح يحتفل به العالم في السادس عشر من نوفمبر في كل عام، لتأصيل قيم التسامح بين الشعوب، وصولاً إلى تحقيق المزيد من التعاون الدولي وتجسير العلاقة بين الثقافات بعيداً عن الهيمنة الثقافية أو السياسية أو الاستيطانية التي تتبناها دول آلت على نفسها خرق جميع القيم والقوانين والأنظمة الأممية، غير عابئة باحتجاجات العالم ضد تجاوزاتها وغطرستها وانتهاكاتها المستمرة للقانون الدولي، وما يجري في فلسطين على أيدي الصهاينة، نموذج قبيح لظلم الإنسان لأخيه الإنسان. ولتجاوز هذه الإشكالية المتجسدة في وجود اليوم العالمي للتسامح وعدم التسامح مع الظلم والعدوان وحروب الإبادة الجماعية وتجريف الأراضي الزراعية والقضاء على الأخضر واليابس، أقول لتجاوز هذه الإشكالية لا بد من وجود يوم عالمي للاعتذار وهو اعتذار لا يكتفي بمجرد الكلام بل بالاعتراف بالأخطاء والتراجع عنها مع التعويض عن ما سببته من الأضرار لمن نالتهم تلك الأضرار. الاعتذار يبدأ التعود عليه من قبل الأفراد من خلال التربية السليمة، اعتماداً على مبدأ الرجوع إلى الحق فضيلة، ولا يمكن أن تتحقق شمولية الرجوع إلى الحق إلا بالاعتذار، فالخطيئة تستوجب الاستغفار والخطأ يستوجب الاعتذار، وهذا السلوك الأخلاقي النبيل دليل الثقة بالنفس ودليل علو الهمة ودليل السعي لراحة الضمير واطمئنان النفس، وإذا ساد هذا السلوك بين أفراد المجتمع أصبح ثقافة اجتماعية وقيمة حضارية من حق المجتمع أن يعتز بها وأن يعمل على تأصيلها وعدم التهاون في القيد بها، لكن بعض الأفراد يجد غضاضة في الاعتذار، وهذا يعني أن تأخذه العزة بالإثم ليتمادى في غيه دون أن يملك الشجاعة للاعتراف بخطئه، ولا نقول خطيئته، لأن الخطيئة تستوجب الاستغفار وطلب الصفح من الخالق وليس من المخلوق، ومن لا يعترف بخطئه الصغير قد يصعب عليه الاعتراف بخطيئته الكبيرة، دون أن يشعر بالذنب بعد أن ماتت في نفسه فضيلة الصدق والاعتراف بالذنب، وغاب عن قلبه الشعور بالإثم، وهذا ما يقوده إلى أن يكذب على نفسه قبل أن يكذب على غيره، وحياة قائمة على الكذب هي حياة فاشلة بكل المقاييس. وإذا كان هذا السلوك الحضاري مطلوباً ودون تهاون على مستوى الأفراد والمجتمعات، فإنه مطلوب أيضاً ودون تهاون على مستوى الدول لتتحقق الأهداف التي من أجلها تتخذ القرارات وتؤسس القوانين والاتفاقيات بين الدول وحتى لا تصبح كل تلك القوانين والاتفاقيات مجرد حبر على ورق، عندما تخترق أو يتم تجاهلها من بعض الدول العنصرية التي تحتل وتغتصب الأراضي من أصحابها الشرعيين ، ولكن وكما أشرنا سابقاً فالاعتذار لا يعني مجرد إطلاق التصريحات أو إعلان البيانات للتمويه والتغطية على الخطايا والأخطاء، بل لا بد أن يعقب ذلك عمل فعلي تظهر نتائجه مستجيباً لما تفرضه الاتفاقيات والقوانين الدولية. أما الدول التي تقودها الغطرسة والعنجهية إلى عدم الاعتذار فلا بد من عقاب دولي صارم إذا أريد لهذا العالم أن يعيش بأمن وسلام. أليس من الضروري وجود يوم عالمي للاعتذار، حتى تكتمل الصورة الجميلة لليوم العالمي للتسامح؟ ليكتمل جمال التسامح إذا سبقه اعتذار يتناسب مع حجم الخطأ. الأعذار لا الاعتذار وفي مدونة شباب أحباب shabab-y-o-a.maktoobblog.com كتب هذا الرأي: هذه الحياة .. نعيشها .. تطل علينا بأيام سعيدة كما تمطرنا بأيام حزينة. نتعامل معها من خلال مشاعرنا، فرح، ضيق، حزن، محبة، كره، رضا، غضب. جميل أن نبقى على اتصال بما يجري داخلنا لكن هل هذا يعطينا العذر أن نتجاهل مشاعر الغير وأن نجرح مشاعرهم .. نتعدى على حقوقهم أو أن ندوس على كرامتهم؟ للأسف هذا ما يقوم به الكثير منا معتقدين بأنهم مركز الحياة وقادتها، وعلى الآخرين أن يتحملوا ما يصدر عنا، قد نخطئ، ولكن دائماً لدينا الأسباب التي دفعتنا إلى ذلك فتجدنا أبرع من يقدم الأعذار لا الاعتذار. نحن لا نعاني فقط من الجهل بأساليب الاعتذار، ولكننا نكابر ونتعالى ونعتبر الاعتذار هزيمة أو ضعفاً أو إنقاصاً للشخصية والمقام، وكأننا نعيش في حرب دائمة مع الغير. فتجد أن الأم تنصح ابنتها بعدم الاعتذار لزوجها كي “لا يكبر رأسه”، والأب ينصح الابن بعدم الاعتذار “لأن رجل البيت لا يعتذر”، والمدير لا يعتذر للموظف لأن مركزه لا يسمح له بذلك، والمعلمة لا تعتذر للطالبة لأن ذلك سوف ينقص من احترام الطالبات لها، سيدة المنزل لا تعتذر للخادمة، وقس على ذلك الكثير … اليوم نجد بيننا من يدّعي التمدن والحضارة باستخدام الكلمات الأجنبية “Sorry” في مواقف عابرة مثل الاصطدام الخفيف خلال المشي، ولكن عندما يظهر الموقف الذي يحتاج إلى اعتذار حقيقي نرى تجاهلاً. “أنا آسف”، كلمتان لماذا نستصعب النطق بهما؟ كلمتان لو ننطقهما بصدق، لذاب الغضب ولداوينا قلباً مكسوراً أو كرامة مجروحة ولعادت المياه إلى مجاريها في كثير من العلاقات المتصدعة. كم يمر علينا من الإشكاليات التي تحل لو قدم اعتذار بسيط بدل من تقديم الأعذار التي لا تراعي شعور الغير أو إطلاق الاتهامات للهروب من الموقف. لماذا كل ذلك ؟؟ ببساطة لأنه من الصعب علينا الاعتراف بالمسؤولية اتجاه تصرفاتنا لأن الغير هو من يخطئ وليس نحن، بل في كثير من الأحيان نرمي اللوم على الظروف أو على أي شماعة أخرى شرط أن لا تكون شماعتنا. إن الاعتذار مهارة من مهارات الاتصال الاجتماعية، مكون من ثلاث نقاط أساسية. أولاً أن تشعر بالندم عما صدر منك، ثانياً أن تتحمل المسؤولية، ثالثاً : أن تكون لديك الرغبة في إصلاح الوضع. لا تنس أن تبتعد عن تقديم الاعتذار المزيف مثل “أنا آسف ولكن…”، وتبدأ بسرد الظروف التي جعلتك تقوم بالتصرف الذي تعرف تماماً أنه خاطئ، أو تقول أنا آسف لأنك لم تسمعني جيداً، هنا ترد الخطأ على المتلقي وتشككه بسمعه، ما يجب أن تفعله هو أن تقدم الاعتذار بنية صادقة معترفاً بالأذى الذي وقع على الآخر، ويا حبذا لو قدمت نوعاً من الترضية ويجب أن يكون الصوت معبراً وكذلك تعبير الوجه. هناك نقطه مهمة يجب الانتباه لها وهي أن تقديمك الاعتذار لا يعني بالضرورة أن يتقبله الآخر، أنت قمت بذلك لأنك قررت تحمل مسؤولية تصرفك، المهم عليك أن تتوقع عند تقديم الاعتذار أن المتلقي قد يحتاج إلى وقت لتقبل أعتذارك، وأحياناً أخرى قد يرفض اعتذارك، وهذا لا يخلي مسؤوليتك اتجاه القيام بالتصرف السليم نحو الآخر. من يريد أن يصبح وحيداً فليتكبر وليتجبر وليعش في مركز الحياة الذي لا يراه سواه ومن يريد العيش مع الناس يرتقي بهم لا عليهم .. فليتعلم فن الاعتذار.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©