الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

«المركزي» الصيني يتعهد بالتحرك للحد من التضخم خلال 2011

«المركزي» الصيني يتعهد بالتحرك للحد من التضخم خلال 2011
31 ديسمبر 2010 23:35
لا تعتبر مريم النيادي محظوظة في قدرها لمجرد أن الظروف أتاحت لها السفر والتجول في العديد من بلدان العالم، حيث رافقت زوجها إلى فرنسا وألمانيا وهولندا وبلجيكا وماليزيا وإندونيسيا وتركيا. فهي امرأة تخطت مراحل السفر إلى أبعد الحدود، وفتحت عدة أبواب تخطو من خلالها إلى فوائد وكنوز السفر.. فلم تكتف بكونها ربة منزل، كونها تؤمن أن الحياة تقدم فرصا عظيمة تتجلى فيما تتجلى في المواهب والهوايات التي يجب أن تستثمر بشكل يبعث الجمال والأناقة في حياتنا، إذ عشقت إنجاز الأعمال الفنية والأشغال اليدوية «الكروشيه» التي زينت بيتها وحياتها اليومية. اعتادت أن ترافق زوجها في أسفاره لأنها تأبى أن يعاني الغربة المرة.. فآثرت مريم النيادي أن تشد من أزره وتعينه على حنين ولوعة الشوق إلى الوطن، إذ إن طبيعة عمل زوجها تتطلب تجواله في مختلف بلدان العالم، مما أتاح لها بالتالي فرصة الاستفادة من مجمل فوائد السفر إضافة إلى اكتشاف بعض مواهبها المدفونة وتنميتها. الغربة مفتاح الموهبة حول فوائد السفر تقول النيادي: «زرعت الأسفار في نفسي الكثير من المعلومات والثقافة التي جعلتني ملمة بجغرافية الدول وتاريخها وتقاليدها، وكذلك قضايا السفر والترحال، خاصة أنني خريجة «نظم المعلومات الجغرافية» من جامعة الإمارات.. وكانت تركيا وجهة عمل زوجي الأخيرة، وفيها وجدت ما أبحث عنه لملء أوقات الفراغ وتنمية مواهبي الفنية، كما اكتشفت أن في الحياة فرصا عظيمة قد لا ندركها في كثير من الوقت، إلا أن الاستمتاع بالحياة هو ما يدفعنا لاستغلال هذه المواهب وتعلمها». تصمت قليلا لتعود بذاكرتها إلى الوراء قائلة: «في بداية الأمر عانيت من مرارة الغربة في تركيا، فأنا وحيدة هناك مع أسرتي بعيدا عن وطني، في بلاد يصعب علي فيها التعامل مع أهلها بيسر ومرونة في البداية، بحكم اختلاف اللغة والعادات والتقاليد، لكن كان لابد من التأقلم والتعايش مع الجو المختلف والاستفادة من كل ما هو جديد وينتفع به، فالغربة مفتاح الموهبة ومعلم فذ». تعلّم اللغة ينعزل المغترب -في بادئ الأمر- بعيدا عن ناس المجتمع الجديد الذي حل فيه، يراقب ويلاحظ الجميع من حوله. هذا ما تشير إليه النيادي وتضيف: «كنت وحيدة في بلد مختلف عن وطني، أراقب الثلوج وهي تتساقط على أسقف البنايات في أيام الشتاء فيما النساء التركيات كن يلفتن انتباهي وهن يقمن بتنظيف زجاج النوافذ على الرغم من البرودة الشديدة، ثم يتسلين بالتطريز وحياكة الكروشيه أمام نوافذ بيوتهن المتواضعة». تبتسم وتضيف: «كان تعلم اللغة التركية لابد منه، حيث إن المنطقة التي كنت أقطن فيها مع أسرتي لا تتحدث سواها. فكان تعلم اللغة بمثابة جسر تواصل مع جيراننا، ففي البداية كنت أتحدث مع الجارات باللغة الإنجليزية لكنني صدمت بتمسكهن الشديد بلغتهن التركية، حيث إن نسبة قليلة جدا منهن يتحدثن الإنجليزية. ومن ثم لجأت إلى استخدام الإشارات وشعرت بالسعادة البالغة عندما لاحظت وجود تشابه في بعض المصطلحات التركية والعربية مما هون علي الكثير لتعلمه وحفظه». وتضيف قائلة «ابني ذو الأربع سنوات كان يتعلم التركية من أصدقائه في روضة الأطفال، وقد نقل بعضا منها إلى أخيه الصغير الذي لا يزال ينطق الماما والبابا.. ولا أنكر أن الأتراك شعب طيب واجتماعي مما جعلني أكون صداقات كثيرة، ونتبادل الزيارات والأحاديث فتطورت اللغة التركية عندي وحين زارتني أختي في تركيا، كنت أترجم لها لتفهم ما يقال عند تبادل التحية والحديث، وكانت تفتخر بي». فنون متوارثة عشقت النيادي بعض فنون الأشغال اليدوية والتطريز و»الكروشيه» والخيوط الحريرية التي كانت تتدلى من أيادي جاراتها، تقول في ذلك: «أول ما شدني لمتابعة التمعن والمراقبة هو سلاسة الحياكة ولمعان الخيوط فقد أبهرا عيناي وشدهما للمتابعة أكثر فأكثر. وبعد فترة من التمعن والمراقبة، أضحت حياكة الكروشيه حلمي وأملي في تعلمه وإتقانه. فالكروشيه فن جميل، تُنجز من خلال نقوشه الناعمة: شراشف سرير، ملابس نسائية، حجابات إسلامية وغيرها الكثير. فمعظم التركيات يتوارثن هذه الفنون، وبمجرد أن تكمل الفتاة التركية سن الثالثة عشرة تبدأ بتجهيز «مستلزمات زفافها» من عمل يديها (تطريز وكروشيه، ونقش الستائر ومفارش السرير والفوط وسجادة الصلاة) وكل شيء يتعلق بمكملات الحياة -الزوجية- الجديدة». لمسات خاصة كانت النيادي تحب النظر والتمعن في الدانتيل التركي الأبيض وهو يلمع بين أيادي جاراتها التركيات، لكن الأمر تجاوز مجرد الاطلاع، تقول في ذلك: «موهبتي الدفينة في حب الفنون اليدوية ظهرت مجددا، وتعلمت كيفية إنجاز «الكروشيه» التي تصنع بحياكة الخيوط في مغزلين أو مخرزين. وكنت أضيف لمساتي الخاصة بألوان زاهية تبرز جماله وتجعلني أشعر بأن ما أقوم به هو ملكي الخاص لي». بات فن «الكروشيه» سمة تمتاز بها النيادي بين كل صديقاتها وأقربائها. فالكل يريد تعلمه من خلال ما يرونه من جمال باهر لكل ما تحيكه أناملها من مفارش زينة في أوقات فراغها. تقول: «أصبحت بعد تمرسي في هذا الفن أقدم هدايا لكافة أفراد عائلتي، مشغولات مختلفة التصاميم بألوانهم المفضلة، لتجمل من خلالها أركان البيت وزواياه المختلفة. كما أن أغلب الهدايا التي تلقيتها قبل مغادرتي تركيا من صنع جاراتي، مما جعلني أدرك أهمية أن تكون الهدية من المشغولات اليدوية». إتقان سريع كثيرا ما كان يستهوي النيادي ما تجده من مشغولات يدوية وتطريز و»كروشيه» في منازل جاراتها التركيات، وترفض أن تغادر إلا وأن تمعن عيناها في حفظ تفاصيل الحياكة ومن ثم تعود لتفرغ ما حفظته ذاكرتها من تفاصيل لتحيكه في مشغولاتها الملونة الخاصة بها. تقول: «لا أنكر أنني كنت منجذبة لتلك الفنون منذ صغر سني، لكن الفضل الكبير يعود لصديقاتي وجاراتي التركيات، فهن من علمنَي أسرار حياكته وأتقنته بسرعة كبيرة، خصوصا بعد أن تنصب عيني على مفارش طاولات القهوة في منازلهن، فيشرحن لي بالطريقة العملية كيفية عملها». وتذكر النيادي أن صديقاتها شكلن عونا ودعما كبيرا لها في غياب زوجها عن البيت، نظرا لظروف عمله التي تضطره للغياب ساعات طويلة. تقول: «عندما كان يهم زوجي للذهاب لعمله كل صباح، كنت أشعر بالملل والضجر، إلا أن صوت جرس الباب يذهب عني الضجر، وخاصة بعد أن أكتشف أن صديقاتي وجاراتي هن من يقفن خلف الباب. فنجتمع تحت شجرة الأرز ونشرب الشاي التركي، نتبادل الأحاديث والضحك، ونمارس أشغالنا وفنوننا اليدوية فيمر الوقت بسرعة لا نكاد نشعر بها».
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©