الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

خالد الجابري يكتب الواقع ويحلق في الخيال

خالد الجابري يكتب الواقع ويحلق في الخيال
18 مايو 2010 21:13
صدر مؤخراً عن هيئة أبوظبي للثقافة والتراث «مشروع قلم»، المجموعة القصصية الثانية لخالد الجابري، وشملت إحدى عشرة قصة جاءت في قرابة المئة صفحة من القطع المتوسط. وبدءاً، يكتب خالد الجابري، القاص ورسام الكاريكاتور الإماراتي، الواقع مثلما هو في العيش ومثلما يجري في الحياة، تماماً، حتى عندما يكتب مشهداً افتراضياً مستمداً من عالم الكمبيوتر والإنترنت وينتمي إلى أدب الخيال العلمي أو يكاد، مثلما هي الحال في قصته حياة ثانية التي أخذت مجموعته القصصية الثانية عنوانها منها. يباغت خالد الجابري قارئه بقذفه مباشرة إلى قلب حدث ما، ففي «حياة ثانية» يشعر بنفسه وقد أصبح كائناً افتراضياً خرج من «مخيلة» أحد أجهزة الكمبيوتر ويعيش واقعاً افتراضياً، لكنه حقاً يعيشه، ليس بالانسجام مع الشخصيات أو التعاطف معها أو ما إلى ذلك، إنما عبر التخيل الذي يقيم واقعاً ما تعتقد أنه ليس من الغريب أن يتحقق بسبب هذه الثورة التقنية الهائلة في العالم، حيث هذا الواقع ليس مبنياً، افتراضياً، على المخيلة الفردية التي تغذيها القراءة، لكن بالدرجة الأولى على المعرفة بتقنيات الكمبيوتر. غير أن خالد الجابري هنا يقيم بنية سردية ويبني بناء على استراتيجية تربط بين الشخص الواقعي والشخص الافتراضي، ويُبرز حالة الاستلاب التي يعيشها المرء في مثل هذه الافتراضات -الحكايا، حيث الحب والكره والذكريات وتبادل المصائر تلعب دوراً خطيراً في حياة الشخصيتين. أما في غير ذلك من القصص، فهي أكثر تورطاً بالواقع اليومي والعيش المخيض للناس والبشر، مع قَدْر من الجنوح إلى التأمل، الذي يبرز مع الشخصيات القلِقة، وكأنما صاحبها التقطها في مقهى أو أي مكان عام آخر وجعل منها شخصيات مختلفة تحمل مفارقاتها الخاصة بالنسبة لما هي عليه الحال في المجتمع. إنها شخصيات تُكثر من التساؤل، بل إن بعضاً منها يحمل شكاً وجودياً في الكون والمصير الإنساني برمته، فضلاً عن الجدوى من التجربة البشرية كلها، في حال أخذنا العديد من القصص على محمل الدلالة الواسعة أو الكبرى. في قصص أخرى، يشعر قارئ الكتاب، أن السارد هو ذاته الكاتب، يتبدى ذلك من خلال قول ذكريات الطفولة ومخاوفها وتلك الآثار النفسية التي تركتها، مما يعني أنها تداعيات شخصية نابعة من رغبة عالية في البوح، ومن استرداد القدرة على الكلام من قِبَل «ذات» كانت قد فقدت ذاتها. في هذا السياق، أدخل خالد الجابري تلك الحكايا التي كانت، أو لا تزال شائعة بين الناس. فهناك أحاديث عن الجن التي يخاف منها الصغار، وأخرى عن العتمة التي تشبه المرايا التي عندما يدخلها المرء لا يظهر فيها، لكن هذا الاستدخال للحكايا ليس مقصوداً في حدّ ذاته على ما يبدو من السرد وتحولاته بل إنه يستعيدها من الذاكرة ثم يقوم بتحويرها على هذا النحو أو ذاك. ربما يصبح خالد الجابري قاصاً من طراز القصاصين كاتبي الخيال العلمي، الأمر الذي هو نادر في السرد العربي إجمالاً.
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©