الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

علي بن تميم قلم حرّ يحارب الظلام

علي بن تميم قلم حرّ يحارب الظلام
29 يونيو 2016 14:21
محمد عبدالسميع شهد الفكر الإنساني الحديث عامة، والفكر العربي على وجه التحديد، الكثير من المحطات الفاصلة والتحولات الجذرية، خاصةً في ظل الظروف والأحداث والتغيرات التي شهدتها منطقتنا العربية، سواء كان ذلك على مستوى المنهج العلمي أو الفكري، الأمر الذي وضع الفكر أمام معارف وأدوات موضوعية وعقلية في التناول، والتي أدت إلى تكوين رؤية جديدة للعالم والكون، وتحرر الفكر الإنساني العربي من الأفكار التقليدية الرجعية. تلك التحولات فتحت أبواب البحث وإعمال العقل في مواجهة الرؤى التقليدية الرجعية، وبرز العديد من المفكرين التنويريين العرب الذين تبنوا مناهج تعزز من قيم العقلانية والحرية كوسائل أساسية في مواجهة التدهور الذي أصاب مجتمعاتنا، فتعمقوا في البحث في المشاكل التي أصابتنا والتطرف الذي حاصرنا، وتناولوا الأسباب والأعراض، إضافة إلى طرح مواضيع لم تكن دائماً محل قبول عامة المجتمع. ومن المفكرين التنويريين الإماراتيين، الدكتور علي بن تميم الذي جمع في أعماله بين التاريخ والعلم والدين والفلسفة والسياسة، وكتب عن التطور والمرأة، وعن الحرية والترجمة والثقافة، وخاض العديد من المعارك الفكرية في سبيل تحرير، وتوعية العقل العربي من قيد الأفكار الظلامية الهدامة. ويدرك المتابع الجيد لتاريخ الدكتور علي بن تميم من خلال سيرته ومقالاته ولقاءاته، اهتمامه بالتنوير وإعمال العقل، وإيمانه بأن التنوير سيف بتار في وجه التشدد، وله سعي دؤوب في كل ما يكتب ويعمل لجعل المعرفة رافعة أساسية في التنمية. يؤكد بن تميم في مقالاته بموقع 24 الإخباري، وفي مقابلات صحفية عديدة على قيمة وضرورة الوعي، وأن: «بالمعرفة وبالقلم، نستطيع أن نقود حرباً من أجل استنارة العقل ضد الجهل والظلام الذي عكر صفو المنطقة جراء المتشددين والمتطرفين والإرهابيين، ولعل تأمل التراث الإنساني والشعر العربي والسرد القديم والحديث، يصور لنا اللحظات التي أخفق فيها القلم وتأخر، ليتقدم السيف وحده مغيّباً العقل، وهنا اندفع طوفان الموت والصراعات الدينية التي لا أول لها ولا آخر، وانبثقت براكين الكراهية، وتصاعدت حمم العنف». ويشير بن تميم إلى أن: «يقظة محبة القلم بما هو رمز للكتاب، يجعلنا ونحن نعايش الدمار والخراب ينهشان في أجزاء من العالم العربي نفضّل القلم على السيف، والعقل على النقل، والعلم على الجهل، ونعيد كتابة الحكم وتحريرها من جديد لتناسب مقام العرب المعاصر الذي ضيع الدنيا والدين وضيع القلم والسيف». ويرى أن «الإسلام السياسي وجد نفسه في حيرة لأنه لا يمتلك مشروعاً لبناء دولة مثلما حدث في تونس ومصر». وقد عبر الدكتور علي بن تميم عن تراجع هامش التعبير الحرّ في الثقافة العربية، والدور الذي لعبه الاستعمار في ذلك، وظهور الاستسهال في النصوص الأدبية لغياب النقد. كما أشار إلى أن الاستعمار له دور في عزل المثقف العربي عن روحه الماضية، بحيث أصبح الماضي له غريباً حين يقرأه اليوم، ويقول: «يجب أيضاً أن نلتفت إلى المستنيرين والإحيائيين في بدايات القرن المنصرم، الذين واجهوا معضلة كبيرة في إحياء التراث وربط العرب بنصوصهم التنويرية». مؤكداً: «نعيش اليوم على حافة منحدر جبلي في علاقتنا بالماضي الذي كان في القمة، وهنا العملية لا تحتاج للقراءة فقط، بل لإحياء كامل لهذه الأمة التي وصلت في ضيق الأفق مبلغاً كبيراً»، الأمر الذي كان مختلفاً بشكل يثير الحسرة في المجتمعات العربية الماضية مقارنة باليوم، فيقول بن تميم: «في بغداد كان المجلس الواحد يستضيف اليهودي والمسيحي والزنديق والملحد والشيعي والسني، وكل هؤلاء يتحدثون ويسهمون في الإبداع والعمران وحركة الفكر، ولا يشكلون فقط الحوار الشكلي، بل هم في صميم الدولة». ومن فكره المستنير رؤيته للمرأة كمشارك مهم ومبدع في المجتمع، حيث رأى في دورها بقوة على الساحة الإبداعية والثقافية، خاصة في الإمارات، دليلاً مشرفاً على نجاح التعليم في تفكيك الخطابات الذكورية، وقال: «الإبداع ليس فحولياً، وكثير من النساء العربيات هن نماذج رفيعة جداً، فمثلاً في الإمارات تترأس المجلس الوطني الاتحادي امرأة، هي د. أمل القبيسي، وأعتقد أن هذا من أزهى التجليات». كما دعا إلى الانخراط والتعرف على الثقافات الأخرى من خلال الترجمة قائلاً: «على القراء أن يدركوا أن الترجمة أفق زاخر تتنوع فيه القيم والمقاربات الجسدية والدينية والفكرية، وهذا يذكرنا أن مشاريع الترجمة مشاريع شجاعة، كونك تدفع بالجديد والمختلف من قيم الآخرين داخل المجتمع»، مؤكداً على أهمية تلاقح الأفكار والرؤى.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©