الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأزمة الاقتصادية···امتحان لمسيرة العولمة

الأزمة الاقتصادية···امتحان لمسيرة العولمة
8 يوليو 2008 01:14
تواجه المسيرة العالمية نحو التجارة الحرة والأسواق المفتوحة ضغوطاً متزايدة تمتحن قدرتها على البقاء والاستمرار بسبب الأزمات الحالية المرتبطة بنقص المواد الغذائية والتغير المناخي· ولا يعني ذلك أن مسيرة العولمة الاقتصادية بدأت تتراجع إلى الوراء، إلا أنه لا يمكن إخفاء الارتباك الذي يظهر في الأفق ويلف التجارة الحرة بغلالة كثيفة من الشك وعدم اليقين، وذلك في الوقت الذي اجتمع فيه قادة العالم المتقدم باليابان في إطار قمتهم السنوية، قمة الثماني· وخلال الاجتماع تم التركيز على القضايا المستعجلة التي تتراوح بين سبل تطويع المستويات المقلقة للتضخم إلى قضايا أخرى غير اقتصادية مثل الدبلوماسية النووية مع كوريا الشمالية· غير أن أجندة الاجتماع لن تقتصر على ذلك، بل تمتد إلى مشاكل عامة مثل ضمان انتعاش التجارة العالمية وتوسعها بعد أن أثبتت قدرتها على مساعدة العديد من الدول في الوصول إلى مستويات جديدة من الازدهار، لكنها في الوقت نفسه تحمل في طياتها متاعب بالنسبة للعمال· وبرغم أن مسألة التجارة الحرة وما تطرحه أحياناً من مشاكل ليست جديدة، فإنها تكتسي طابعاً ملحاً هذه السنة بالنظر إلى انكماش الاقتصاد وتراجع ثقة المستهلكين على الصعيد العالمي· ولا ننسى أيضاً الصعود المتنامي للاقتصاديات الناشئة وتزايد نفوذها على الساحة الدولية وما يطرحه ذلك من تحدٍ يستدعي الموازنة بين مصالح الدول الغنية والأخرى النامية· لكن يبدو أن البحث عن الطريق الصحيح للنهوض بهذه التحديات مليء بالعقبات· فحسب ''مايكل سبنس''، الخبير الاقتصادي الذي ترأس مؤخراً لجنة عالمية حول التطور ''هناك خطر حقيقي، والتحديات جسيمة بالفعل، ذلك أن العامل الأساسي الذي أدى إلى النمو الاقتصادي كان الاقتصاد المعولم''· لكن الاختبار القاسي الذي شهده العام 2008 والمتمثل في ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة، بالإضافة إلى تباطؤ الاقتصاد العالمي، يوفر المناخ الأمثل لتنامي الشكوك حول التجارة الحرة وقدرتها على الاستمرار في ظل الرياح القوية التي قد تعصف بها· ويوضح الخبير الاقتصادي ''سبنس'' الوضع الحالي للتجارة العالمية قائلاً ''إن جزءاً من المشكلة التي لم نولها الاهتمام الكافي مرتبط بمسألة التوزيع، وهو ما أظهره استطلاع للرأي أجري مطلع السنة الجارية، حيث أعرب معظم المستجوبين في 27 دولة من بين 34 التي شملها الاستطلاع أن أعباء ومكاسب التغير الاقتصادي في العالم لا تتقاسمه الدول على نحو متساوٍ· لكن رغم مشاعر الريبة التي يبديها البعض أبرز استطلاع للرأي أجرته ''بي·بي·سي'' أن أغلب شعوب العالم مازالت مترددة في موضوع التراجع نهائياً عن مسار العولمة والتنصل من استحقاقاتها، وكل ما هنالك أنهم يرغبون في رؤية إدارة أفضل للعولمة ولمكاسبها· وفيما أعلن نصف المستجوبين أن التجارة والاستثمارات العالمية تتطور بوتيرة سريعة أكثر مما ينبغي، أعلن 35% منهم أنها تسير ببطء شديد· هذا التأرجح بين الأمل والتوجس يشكل الخلفية العامة التي تؤطر اجتماع قادة مجموعة الدول الثماني الصناعية الكبرى يوم أمس الاثنين في اليابان· وسيضم الاجتماع بالإضافة إلى الدول الثماني بعض الدول النامية التي لا تنتمي رسمياً إلى مجموعة الثماني· ولا بد أن القضايا الأساسية التي ستتصدر أجندة الاجتماع ستغلب عليها الطبيعة الاقتصادية ولعل من أهمها سبل التخفيف من أزمة ارتفاع أسعار الغذاء التي تنعكس سلباً على ملايين الفقراء في البلدان النامية· فبالنسبة للبعض، تُمثل أزمة الغذاء مثالاً واضحاً على تعثر العولمة وفشلها في الذهاب بعيداً والوفاء بكامل وعودها للشعوب الفقيرة· ويوضح هذا الأمر ''دانيال جريسوود''، خبير التجارة في معهد ''كاتو'' بالولايات المتحدة قائلاً ''لم تساعد الإجراءات التي اتخذتها الحكومات في حل أزمة الغذاء سواء بسبب الحواجز المفروضة من قبل الدول الغنية على التجارة الحرة، أو فرض الدول المنتجة للغذاء لقيود على التصدير''· لكن القمة ستناقش أيضاً، بالإضافة إلى القضايا الاقتصادية، موضوع التغير المناخي، لا سيما أنه مرتبط بالاقتصاد ومؤثر فيه· فقد أصبح واضحاً صعوبة خفض انبعاثات الكربون بسبب تطلع المليارات من الأشخاص حول العالم إلى حياة رغيدة على غرار الطبقة الوسطى، وهنا أيضاً تبرز الحاجة إلى إقامة توازن بين الدول المتقدمة والأخرى النامية، إذ رغم توجه الدول الثماني الكبرى نحو تقديم مليارات الدولارات إلى الدول الفقيرة لكبح انبعاث الكربون، إلا أن الأمر يواجه صعوبات كثيرة· والأكثر من ذلك ستسعى قمة اليابان إلى إحياء مباحثات الدوحة حول التجارة العالمية التي بدأت في العام ،2001 لكنها لم تحرز أي تقدم يُذكر· وإذا ما كُتب لها النجاح ستكون جولة الدوحة آخر اتفاقية تتمكن من توسيع التجارة العالمية وفتح الأسواق منذ ستينات القرن الماضي· لكن في حالة تعثر إطلاق مباحثات الدوحة والفشل في التوصل إلى اتفاق بشأنها يتوقع المراقبون أن يكون ذلك بمثابة انتكاسة رمزية لجهود دعم التعاون الدولي في المجال الاقتصادي· وفي تعليق للأمين العام للأمم المتحدة، ''بان كي مون''، حول قمة الدول الثماني الصناعية الكبرى قال ''لم يمر الاقتصاد العالمي في التاريخ الحديث بمثل الضغوط التي يتعرض لها حاليا''، مضيفاً ''لقد جاءت اللحظة التي يتعين علينا فيها أن نظهر قدرتنا على التعاون العالمي والتوصل إلى نتائج فيما يتعلق بتلبية حاجيات الفقراء، وفي دعم التكنولوجيا الجدية لإنتاج الطاقة، وإنقاذ العالم من التغير المناخي، ثم ضمان نمو الاقتصاد العالمي''· وإذا كان الخبراء الاقتصاديون يجمعون على فوائد التجارة الحرة، إلا أنه وعلى مدار السنوات الأخيرة أصبحت النظرة إلى التجارة الحرة أكثر واقعية من ذي قبل· فلم تعد التجارة الحرة الوصفة السريعة لتحقيق النمو الاقتصادي، بل باتت مرتبطة أيضاً ببعض المصاعب مثل تدني أجور العمال الذين يواجهون منافسة شرسة في الدول النامية· وبالطبع يشكل التباطؤ الاقتصادي الذي تشهده الولايات المتحدة في هذه الفترة عبئاً إضافياً على التجارة الحرة، حيث كانت أميركا ولعقود طويلة في طليعة الدول المدافعة عن الأسواق المفتوحة وحرية التجارة· ويعبر عن هذا الواقع ''بان فان أرك''، أحد الخبراء الاقتصاديين في واشنطن قائلاً ''كلما انكمش الاقتصاد وتدنى النمو تراجعت الثقة في التجارة الحرة''· مارك ترامبول محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©