الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

زيارة أوباما... والمصالحة التركية الإسرائيلية

زيارة أوباما... والمصالحة التركية الإسرائيلية
23 مارس 2013 22:21
سكوت ويلسون عمّان قبل اختتام زيارته لإسرائيل، نجح أوباما، يوم الجمعة الماضي، في انتزاع اعتذار من نتنياهو لتركيا، عن الغارة المميتة التي نفذتها القوات الإسرائيلية على أسطول سفن الإغاثة التركي الموجه لغزة المعروف بأسطول الحرية، وبهذه الطريقة تمكن الرئيس الأميركي من التقريب عملياً بين قوتين إقليميتين متباعدتين، بعد أن عمل لسنوات من أجل إعادة التوحيد بينهما. وجاء الاعتذار خلال محادثة هاتفية رتبها أوباما بين نتنياهو، وأردوغان، الذي كان من أشرس المنتقدين لإسرائيل خلال السنوات الأخيرة، وخصوصاً فيما يتعلق بسياستها تجاه قطاع غزة. وبحسب مسؤول أميركي، فقد أقر نتنياهو في تلك المحادثة بـ«أخطاء عملياتية» ارتكبتها القوات الإسرائيلية أثناء الغارة المذكورة على السفينة «مافي مرمرة» التي كانت تحاول تسليم مواد إغاثة لسكان غزة ضمن أسطول مكون من ست سفن، تحدياً للحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع، ما أدى إلى مصرع ثمانية مواطنين أتراك ومواطن أميركي من أصل تركي. وفيما بعد أصدرت الحكومة الإسرائيلية بياناً أكدت فيه الاعتذار، وقالت إن إسرائيل ستدفع تعويضات لتركيا. وقالت الحكومة الإسرائيلية أيضاً إن نتنياهو وأردوغان قد اتفقا على استعادة العلاقات الطبيعية بين دولتيهما «بما في ذلك تبادل السفراء وإلغاء الخطوات القانونية التي اتخذتها الحكومة التركية ضد جنود الجيش الإسرائيلي». وخلال عامي 2010 و2011 حاول السيناتور آنئذاك، ووزير الخارجية الحالي، جون كيري الترتيب لمصالحة بين نتنياهو وأردوغان، ولكن الأول رفض تقديم اعتذار بشكل صريح إلى الجانب التركي. وخلال الزيارة الخارجية الأولى له في شهر فبراير الماضي، بعد توليه منصبه الجديد، حث كيري مجدداً أردوغان عندما اجتمع به في تركيا على التخفيف من نبرة خطابه المناهض لإسرائيل، وإعادة ترتيب العلاقات معها. ووفقاً لمسؤول كبير في الإدارة الأميركية طلب عدم الكشف عن هويته للقيام بإيجاز للمراسلين الصحفيين عن موضوع ذي حساسية دبلوماسية، فإن أردوغان قد قبل الاعتذار الذي قدمه نتنياهو. وفي تصريح له قال أوباما «إن الولايات المتحدة تثمن للغاية علاقتها الوثيقة مع كل من تركيا، وإسرائيل، وتعلق أهمية كبيرة على استعادة العلاقة الإيجابية بينهما من أجل تعزيز السلام والأمن الإقليميين». وأضاف أوباما «آمل أن تؤدي المحادثة التي تمت بين الزعيمين إلى تمكينهما من الانخراط في تعاون أعمق بشأن هذا الموضوع، وطائفة من التحديات، والفرص الأخرى». وقد جاء تدخل أوباما الدبلوماسي بين تركيا وإسرائيل قبل وقت قصير من اختتامه لزيارة استغرقت ثلاثة أيام لإسرائيل والضفة الغربية، تقابل خلالها مع زعماء فلسطينيين. وبعد ذلك بوقت قصير، وصل أوباما إلى الأردن في أول زيارة يقوم بها لدولة عربية منذ زيارته لمصر التي ألقى فيها خطاباً موجهاً للعالمين العربي والإسلامي من جامعة القاهرة عام 2009. والزيارة للأردن ذات الأهمية الاستراتيجية، تمثل إلى حد كبير مظهراً من مظاهر التأييد للملك عبدالله الثاني وهو حليف يواجه في الوقت الراهن أزمة إنسانية متفاقمة ناتجة عن تدفق طوفان من اللاجئين السوريين، ومطالب متزايدة داخل بلاده للإسراع في تنفيذ تغيير سياسي، وإحباطاً متنامياً بسبب الافتقار لعملية سلام في بلد ينحدر أغلبية سكانه من أصول فلسطينية. وقبل مغادرته إسرائيل التي لقي فيها استقبالاً حاراً من الإسرائيليين الذين كانوا يبدون تشككاً في نواياه في فترة رئاسته الأولى، قام أوباما بزيارة محملة بمعان رمزية كثيفة إلى قبر اثنين من الشخصيات التاريخية اليهودية وهما تيودور هرتزل مؤسس الحركة الصهيونية وإسحاق رابين رئيس وزراء إسرائيل الذي لقي مصرعه وهو يحاول اجتراح مكاسب على طريق التسوية، من خلال جهد سلام مصيري مع الفلسطينيين. وقام أوباما بالزيارة الأولى إلى قبر هرتزل الكائن في جبل يحمل اسمه بالقدس مصحوباً بنتنياهو، وبيريز. وهذه الزيارة التي تجنب كثير من الزعماء الأجانب الزائرين القيام بها، كان مقصوداً بها إبراز فهم أوباما لتاريخ إسرائيل، وأن هذا التاريخ، بحسب مزاعم الإسرائيليين، يرجع إلى التوراة، وليس إلى الهولوكوست. وفي أذهان العديد من الإسرائيليين يعزز التاريخ اليهودي مزاعم الدولة الإسرائيلية بأحقيتها فيما تطلق عليه «أرض إسرائيل» التاريخية، في مقابل الرفض العربي لتلك المزاعم، جملة وتفصيلاً. وبعد ذلك زار أوباما قبر رابين، ووضع حجراً يقول المسؤولون الأميركيون المرافقون إنه مأخوذ من الأرض المقام عليها النصب التذكاري لداعية الحقوق المدنية مارتن لوثر كنج في واشنطن. ومن المعروف أن رابين، أثناء توليه لمنصب رئيس الوزراء في تل أبيب، وقع عام 1993 على ما عرف بـ«اتفاقيات أوسلو» مع الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، رئيس منظمة التحرير الفلسطينية آنذاك. وبالإضافة إلى الاعتراف المتبادل بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، رسمت تلك الاتفاقية ملامح الطريق نحو إقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، كما أدت إلى تأسيس السلطة الفلسطينية نفسها، ومنح الفلسطينيين قدراً محدوداً من الحكم الذاتي لأول مرة منذ حرب عام 1967 بين إسرائيل والدول العربية. واقتسم رابين وعرفات بالإضافة إلى بيريز-الذي كان يشغل منصب وزير الخارجية في ذلك الوقت- جائزة نوبل للسلام عام 1994. وفي العام التالي مباشرة اغتيل رابين على يد متطرف يهودي معارض لتلك الاتفاقيات، ومنذ ذلك الحين تحولت مقبرته إلى بند ثابت ضمن برنامج زيارة الرؤساء الأميركيين لإسرائيل. والجدير بالذكر في هذا السياق أن أوباما رفض زيارة قبر الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات خلال الزيارة التي قام بها يوم الثلاثاء الماضي لرام الله، على رغم أن تلك الزيارة غالباً ما تكون لفتة معتادة من قبل الشخصيات الكبيرة التي تزور تلك المدينة. وبعد زيارته لرام الله، كان من المقرر أن يقوم أوباما بزيارة أخرى إلى كنيسة المهد في بيت لحم، الواقعة مباشرة إلى الجنوب من مدينة القدس، والمبنية على المهد المفترض للمسيح عيسى بن مريم، عليه السلام. ولكن عاصفة رملية حالت دون إقلاع طائرة الرئيس الأميركي مما اضطره للانتقال بالطريق البري الذي يمر على امتداد جدار الفصل الأسمنتي بارتفاعه البالغ 24 قدماً الذي أقامته إسرائيل للفصل بين الإسرائيليين والفلسطينيين منذ عدة سنوات. والجدار الذي كان مقصوداً به الحد من الهجمات التي كان يقوم بها الفلسطينيون في ذلك الوقت يمتد في عمق الضفة الغربية عند نقاط محددة في طريقه الممتد لمسافة 400 ميل. ويقول المسؤولون الإسرائيليون إن الجدار يمكن أن يخدم ذات يوم كخط حدود فعلي للدولة، على رغم أن الفلسطينيين ينظرون إليه كرمز للاحتلال الإسرائيلي المستمر للضفة الغربية والقدس الشرقية. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©