الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

القوة الأميركية··· خارج العلبة العسكرية

القوة الأميركية··· خارج العلبة العسكرية
8 يوليو 2008 01:15
قبل ما يزيد على خمس سنوات من الآن، وبالتحديد في شهر مايو2003 أعلن الرئيس بوش، وهو يقف على سطح حاملة طائرات، وبنبرة تتسم بالفخر: ''تمت المهمة'' في العراق، مصرحاً أن الأعمال الحربية الرئيسية قد انتهت· يأتي هذا الحدث ليذكرنا بحدود القوة العسكرية الأميركية أو ''القوة الشديدة''، فقد تمكنت الولايات المتحدة بالتأكيد من إسقاط النظام العراقي خلال أيام ولكنهـــا فشلت في تحقيق السلام بعد انتهاء النزاع التقليدي، ونتيجة لذلك أصبح من الواضح أنه يتوجب على الولايات المتحدة أن تركّز أكثر على ''القوة الناعمة'' مقارنة مع أي وقت مضى، ولكن ما هي هذه ''القوة الناعمة''؟ يمكن تتبع هذا التعبير إلى ''جوزيف ناي'' الذي يعرّفها بأنها ''قوة جاذبية'' الدولة، والتأثير ''الذي ترتبط به مع أفكارها وثقافاتها وسياساتها''، ويشير الكثيرون إلى القوة الناعمة على أنها السبب الرئيسي وراء فوز الولايات المتحدة في الحرب الباردة على الاتحاد السوفييتي، رافق هذا الحدث التاريخي بالتأكيد ولو جزئياً قوة شديدة، فقد قامت الولايات المتحدة ببناء درع دفاعية هائلة لمجابهة السوفييت، ولكن في نهاية المطاف لم يكن القتال ''العنفي'' هو الذي أدى إلى الانفراج الحالي في العلاقات المتوترة· واليوم، يقول أنصار القوة الناعمة إن باستطاعتنا أخذ هذه الدروس التاريخية وتطبيقها على تحدي التطرف الديني الذي يستخدم العنف، إلا أن الحكومة الأميركية ولسوء الحظ لم تفعل سوى القليل جداً لاستخدام دينامية القوة الناعمة، وأحالت النموذج إلى مجال عمل للمنظمات غير الحكومية وغير الربحية· إضافة إلى ذلك، هناك عدة مؤشرات بأن الولايات المتحدة تضيع فرص القوة الناعمة الرئيسية، فرحلات الأميركيين إلى الخارج أخذت تقل، وأصبحت القوانين التي تحكم تأشيرات الطلاب القادمين إلى الولايات المتحدة مرنة مطّاطة تتغير كثيراً، الأمر الذي يجعل من الصعوبة بمكان دخولهم إلى الولايات المتحدة، فهؤلاء الطلبة يشكلون سفراء النوايا الحسنة بين الدول· وهـــذا التناقـــص فـــــي أعدادهم يقترح أن الأميركيين يركزون اهتمامـــاً أقـــل على العالم وقد أصبحوا منفصلين عنه، يؤدي هذا في نهاية المطاف إلى انعدام التواصل ويشجع صانعي السياسة على التراجع نحو إجراءات القــــوة الشديـــدة· ولكن ما الذي يمكن عمله؟ رأينا بعد كارثة ''تسونامي'' في ديسمبر ،2004 في آسيا مثالاً على كيف تستطيع الولايات المتحدة استخدام بنيتها الأساسية القائمة والعاملين فيها ومعداتها لتوفير المعونة الإنسانية، وهذا مثال على القوة الناعمة، نجحت مهمة المعونة في المحيط الهندي لدرجة أن ''روبرت كابلان'' صرح قائلاً: ''قد تكون قوات الإغاثة الأميركية من الكوارث قد فعلت أكثر من أي حشد للتدريب التقليدي لتحسين صورة أميركا في آسيا''· تحتاج الولايات المتحدة لأن تنظر خارج علبة ''السطوة العسكرية'' عندما يتعلق الأمر بالمشاركة الأجنبية، لم تعد الحرب هي المهمة المباشرة التي كانت تتبع في العصور السابقة، بل عملية حساسة يجب ألا تستخدم إلا في الظروف الأكثر رهبة وكآبة، مما يثير الاهتمام أن بعض الذين يدعمون هذه الفكرة يأتون من أماكن بعيدة الاحتمال، المؤسسة العسكرية، فقد صرح ''روبرت سميث''، الجنرال السابق في ''الناتو'' أن الحرب قد انتقلت من ساحات المعارك إلى وسط تواجد النــاس، بالتأكيـــد يعاني المدنيون الآن أكثــــر من أي وقـــت مضى قبل الحرب، ففي الحرب العالمية الأولى كانت حوالي 10 بالمائة من الإصابات من بين المدنيين، وفي النزاعات الحديثة مثل العراق تشكل الإصابات المدنيـــة 90 بالمائــــة من مجمل عدد الإصابــــات القاتلة· الآن وبينما تنتقل المعركة إلى وســـط الناس يتوجب على الحكومة الأميركية أن تأخــــذ زمـــــام القيـــادة وبشكــــل نشط لتطوير توجهات قــــوة ناعمـــــة للتخفيــف مــــن حـــدة النزاعــات· من الأمثلة على ذلك ''فيلق الاحتياطي المدني'' الذي كان ولفترة طويلة في المواقع الخلفية للعديد من صانعي السياسة الأميركيين، استخدم التعبير للمرة الأولى من قبل المرشحين الرئاسيين في انتخابات عام ،2004 ولكــــن الرئيس ''بوش'' ذكره أيضاً في خطابه عن حال الاتحاد عام ،''2007 يعمل الفيلق مثل قوات الاحتياط العسكريـــة إلى درجة كبيرة، الأمر الذي يسمح لنـــا باستخدام المدنيين ذوي المهارات الحيوية للخدمـــة في مهمات في الخارج عندما تحتاجهم أميركا، وسيعطي ذلك للمواطنين في كافة أرجاء الولايات المتحدة، الذين لا يلبسون البزة العسكرية فرصة للخدمة''، أود أن أذهب خطوة أخرى إلى الأمام فاقترح أن يكون فيلق مدني أساس عمله الخدمة، في جوهر استراتيجية المشاركة الأميركية بدلاً من أن يشكل رديفاً للعمل العسكري· في الوقت الذي تشكّل فيه القرن العشرون بشكل كاسح من قبل القوة الصلبة، قد يثبت القرن الحادي والعشرون عكس ذلك، يتوجب على الولايات المتحدة أن تتبنى المزيد من إجراءات القوة الناعمــة وأن تدرك أن عبارة ''تمـــت المهمة'' سوف تبدو مختلفة جداً اليوم مما بدت عليه قبل خمس سنوات· ستيفن كولتهارت باحث في الشؤون الخارجية بكلية وايتهيد للدبلوماسية بنيو جيرسي· ينشر بترتيب خاص مع خدمة كومون جراوند الإخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©