الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إقامة النبي في قباء

إقامة النبي في قباء
7 سبتمبر 2009 00:34
أيام ومواقف عظيمة مر بها الرسول صلى الله عليه وسلم منذ وصل قباء وأقام فيها مسجده. ويروي ابن إسحاق وغيره من أصحاب السير والتاريخ: أن النبي – صلى الله عليه وسلم- نزل في بيت كلثوم بن الهدْم، وكان يجلس للناس في بيت سعد بن خيثمة؛ لأنه كان عَزَبًا وينزل عنده عزاب المهاجرين. وأقام النبي – صلى الله عليه وسلم- بقباء أربعة عشر يومًا على أصح أقوال أهل العلم، وبنى فيها المسجد الذي صار يعرف بمسجد قباء، وصلَّى فيه، وصار ببركته من المساجد التي لها فضل كبير. ويذكر عفيف عبد الفتاح طباره في كتابه "مع الأنبياء في القرآن" أن أول عمل إصلاحي خيري قام به النبي -صلى الله عليه وسلم -بقباء، هو بناؤه مسجد قباء في الفترة التي أقامها بين سكانها، وهم بنو عمرو بن عوف بن مالك، والتي لم تتجاوز أسبوعا واحدا. الهدية والصدقة يقول محمد حسين هيكل في كتابه "حياة محمد "لما نزل رسول الله بقباء أتى سلمان الفارسي الذي طالما انتظر مجيئه، جاءه من المدينة بكيس من التمر، وقال: هذا صدقة تصدقت بها عليكم – وهو يريد بذلك اختباره – فقال الحبيب -صلى الله عليه وسلم- "إنا لا نأكل الصدقة"، وأمره أن يتصدق بها على غيره، وانصرف سلمان وعاد في اليوم الثاني – ومعه تمر آخر- وقدمه للرسول - صلى الله عليه وسلم - وقال: هذه هدية قدمتها لك، فقبلها - صلى الله عليه وسلم - ودعا له بخير. وهنا أعلن سلمان إسلامه، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله. وسبب عمل سلمان هذا أنه علم من الكتب السابقة أن النبي محمداً - صلى الله عليه وسلم - من نعوته وصفاته أنه يقبل الهدية ولا يأكل الصدقة. وأضاف هيكل أنه لما أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - الارتحال من قباء إلى المدينة، أرسل إلى ملأ من بني النجار فجاءوا متقلدين سيوفهم، فقالوا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصاحبه الصديق:« اركبا آمنين مطاعين»، فركب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند ارتفاع النهار ناقته القصواء وأبو بكر ردفه، والناس حوله ينازع أحدهم صاحبه أمام الناقة، إكرامًا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكان خروجه - صلى الله عليه وسلم- من قباء يوم الجمعة، وتحديد هذا اليوم من الشهر اختلف فيه العلماء، واختلافهم فيه مبني على اختلافهم في يوم وصوله -صلى الله عليه وسلم- إلى قباء، والمدة التي مكثها فيها. واتجه النبي- صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة ، وكان كلما مر على حي من الأنصار دعوه للنزول عندهم، وقالوا: هلم يا رسول الله إلى العز والمنعة والثروة، فيقول لهم خيرًا ويدعو لهم، ويقول: « خلوا سبيلها فإنها مأمورة» يقصد ناقته مأمورة بالمكان الذي تذهب إليه. ويبدو أن النبي- صلى الله عليه وسلم - مع إرادته وعلمه المسبق بالنزول عند أخواله بني النجار، إلا أنه من لطفه وعظيم كرمه لم يُرِد أن يَرُدَّ صراحة دعوة من يدعوه للنزول عندهم تطييبًا لخاطرهم، وإرضاء لنفوسهم، فأوكل ذلك إلى الناقة التي سُخِّرت للنزول في المكان الذي يريده - صلى الله عليه وسلم -. و يذكر الإمام الحافظ أبى زكريا يحيى بن شرف النووي في كتابه "رياض الصالحين" أنه لما قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ما كتب الله له من أيام فى قباء بديار بنى عمرو بن عوف سار إلى المدينة، وفى طريقه أدركته صلاة الظهر بديار بنى سالم بن عوف، وكان اليوم يوم جمعة، فصلى بهم الجمعة، وخطبهم في مسجد ببطن الوادى"رانونا"، فكانت أول جمعة صليت في الإسلام. وأما الموقع الذي صلَّى فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - الجمعة فقد صار فيما بعد مسجدًا يعرف بمسجد الجمعة، وهو من أشهر المعالم التي تنسب لبني سالم، والتي لا تزال قائمة حتى الآن. وواصل الحبيب سيره فى تلك الحشود الحاشدة، والجموع المتجمعة فى هذا اليوم التاريخى العظيم الذى قال فيه أنس بن مالك فى كتابه "الموطأ" لقد رأيت اليوم الذى دخل فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علينا، واليوم الذى قبض فيه، فلم أر يومين مثلهما قط، حتى انتهى إلى قرب دار أبى أيوب الأنصارى، فبركت ناقته - صلى الله عليه وسلم – والرسول -صلى الله عليه وسلم- مرخ الزمام لها – ثم وثبت، فسارت غير بعيد، ثم بركت، وتلحلحت وضربت بجرانها فى الأرض، فنزل عنها الحبيب - صلى الله عليه وسلم - فاحتمل أبو أيوب الرحل، فوضعه فى بيته، ونزل النبى - صلى الله عليه وسلم - بداره، لأنه أحد أخوال أبيه من بنى النجار. ويوضح بن مالك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - نزل بالسفل من الدار، وأبو أيوب، وأم أيوب بالعلوى، فآلم ذلك آبا أيوب، فقال: يا رسول الله إنى أكره أن أكون فوقك، وتكون تحتى فاظهر أنت، فكن فى العلوي، وننزل نحن فنكون فى السفلي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أبا أيوب، إن أرفق بنا وبمن يغشانا أن أكون فى أسفل البيت"، وبذلك طابت نفس أبى أيوب رضى الله عنه. وأشار مالك إلى أن أبا أيوب كان يصنع للرسول- صلى الله عليه وسلم- الطعام، فإذا أكل منه - صلى الله عليه وسلم- وتركه أخذ وقدم لأبى أيوب، ليأكل منه، فكان رضى الله عنه يسأل عن موضع أصابع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ليتتبع موضع أصابعه فيأكل منه، رجاء البركة، فصنع له يوما طعاما فيه ثوم، فلما رد إليه سأل عن موضع أصابع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -فقيل له: لم يأكل، ففزع، وأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقال: أحرام ؟ فقال: "لا ولكنى أكره ذلك”. وهذا لأنه - صلى الله عليه وسلم - يناجى الملك، وغيره لا يناجى.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©