الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نورة البدور: تغلبت على الغربة والخوف في الولايات المتحدة

نورة البدور: تغلبت على الغربة والخوف في الولايات المتحدة
7 سبتمبر 2009 00:39
في منطقة الراس الواقعة في ديرة، والتي تعتبر أحد أشهر مناطق دبي القديمة، يقع فريج البدور-حسب قول الشيخ عمر الماجد أحد أشهر قضاة ورجال العلم في دبي- وقد سمي فريج البدور نسبة إلى أسرة البدور، وهي من الأسر العريقة بدبي، ويقع بالقرب من سوق التمر قديما، وهي الآن منطقة سوق مرشد. في تلك المنطقة كان يوجد «البيت العود»- المنزل الكبير، وفي ذلك البيت الذي كان يضم أسرة كبيرة، كبرت نورة البدور التي تعمل اليوم مدير مركز التوظيف وتنمية المهارات- في هيئة (تنمية) لتطوير وتشغيل الموارد البشرية، ومن خلال ذلك المشهد القادم من منبع الأصالة والأخلاق الإسلامية، تذكر البدور أنها تلقت الأبجديات الأولى التي تراكمت مع مرور الوقت وشكلت كيانها وصقلت شخصيتها. دعاء العمة منذ طفولتها المبكرة، وجدت التشجيع كي تدخل إلى المدرسة في وقت كانت فيه أسر أخرى تتردد في تعليم الفتيات، ومن داخل تلك الأسرة عرفت الشعر والأدب، وتعلمت كيف تعتمد على نفسها، وكيف تعتد بذاتها، تقول: «لعل أهم ذكرى لدي لا أزال أحتفظ بها كوسام إلى اليوم، وكانت سببا في أن أواصل التعليم، هو أن عمتي كانت تتوضأ كل يوم خمس مرات في اليوم، وتحرص على أن أكون أنا من يصب لها الماء على كفيها.. تلك العمة كان دعائها الدائم لي كي أتعلم وأصل إلى أعلى المناصب، وكانت تصحبني معها عندما تذهب في زيارة، وإن سألها أحد عني ترد عليهم قائلة (إن نورة سوف تصبح ذات يوم صاحبة قلم، وعليها أن تدخل إلى المدرسة لتحقق ذلك)، وكان ذلك يعتبر بالنسبة إليها الحافز الذي كان يدفعها للتعلم». لقاء الشيخ زايد تذكر البدور أنها في الصف السادس الابتدائي أو الأول الإعدادي، حين رسمت لوحة دلة قهوة وقطرات القهوة تنسكب من تلك الدلة إلى الفنجان، وتم تعليق تلك اللوحة في المدرسة.. تقول في ذلك: «حظيت المدرسة آنذاك بزيارة من -المغفور له بإذن الله- الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، و-المغفور له بإذن الله- الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم- وخلال مرورهما في المدرسة شاهد الشيخ زايد اللوحة وأعجب بشكل القطرات المنسكبة من الدلة في اللوحة. وسأل عن الطالبة التي رسمت اللوحة، وحين جئت إليه ووقفت أمامه سألني إن كان هناك من ساعدني في رسم اللوحة؟ فنفيت وأكدت أنني رسمت اللوحة دون مساعدة من أحد، فقال لي -رحمه الله-: أريدك أن تتعلمي وتكملي تعليمك وأن تشجعي أخواتك الطالبات على إكمال تعليمهن هنا أو في الخارج». أيضا تأثرت البدور بشكل بالغ لمشاهدتها الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم- رحمه الله، وهو يتابع بنفسه يوميا كل عمليات التطوير في دبي، فكانت تراه إما في الصباح الباكر أو عند الظهر أو قرب المغرب يزور الأهالي، لذلك بقيت مثابرة الشيخ راشد مثل نقش من ذهب في قلبها وذاكرتها، ولا تنسى كيف تلقت جرعات كبيرة من الحنان من أعمامها أحمد ويوسف الذي زرع فيها معنى الإحساس بالغير أيضا. عادت البدور بذاكرتها إلى مرحلة الثانوية العامة والجامعة، وتذكرت عندما سافرت إلى الولايات المتحدة الأميركية لدراسة الماجستير، تقول: «كان من المفترض أن أنتهي في عامين ولكن المدة امتدت إلى أربع سنوات، لأن اللغة شكلت عائقا بالنسبة لي ولم يكن لدي أية دراية عن «التوفل» ولكن تعلمت من تلك السنوات معنى التواصل والتعامل مع الآخرين». الثقة بالنفس تضيف البدور: «تعلمت أن لا ألجأ إلى أحد كي أنجز أو أحقق ما أريد، ولكن علي أن أقوم بذلك بنفسي، وكان علي أن أتعلم كيف أجتاز مصاعب الغربة، وأهم ما في تلك المرحلة أنني بعد 6 أشهر عدت إلى الإمارات لأن خالتي كانت تحتضر، وعندما عدت شعرت أنني لا أرغب في العودة إلى أميركا للدراسة، ولكن والدتي شجعتني على العودة ومتابعة تحصيلي العلمي». تنقلت البدور في أميركا من أجل دراستها في عدة ولايات ومنها ولاية فلوريدا وواشنطن وكنتكت ولاحظت أن واشنطن تضم أناسا من مختلف الجنسيات وكانت أكثر المناطق التي تعلمت منها احترام الغير، أما كنتكت فكان غالبية سكانها من أميركا اللاتينية، وقد حصدت من احتكاكها بكل تلك الجنسيات دافع لها كفتاة انتقلت من بيئة ليس بها غرباء إلى بيئة تضم جنسيات لم تألفها من قبل، مما شكل دافعا للتغلب على الغربة والخوف، ومنحها المزيد من الثقة بالنفس، وقد نالت هناك الماجستير في الإدارة العامة وكان التخصص في العلاقات العامة. تقول البدور: «عدت إلى الوطن وتوظفت في وزارة الإعلام، ثم بعد ذلك في «هيئة تنمية» التي أعمل فيها منذ 9 سنوات، وقد وجدت أنني من خلال تنمية استطعت تطبيق ما حصلت عليه خلال دراستي في الخارج، وتذكرت عند دخولي إلى الهيئة وصية الشيخ زايد -رحمه الله- عندما كانت طفلة». وتضيف: «أشعر بتقدير الإدارة لدراستي وخبرتي، وحين أخرج للعمل الميداني أذكر الشيخ راشد -رحمه الله- عندما كان يطمئن على سير العمل بنفسه». تشير البدور في ختام حديث ذكرياتها إلى أن «التربية المحافظة لا تمنع من أن تكون الفتاة متعلمة وناجحة، فالنشأة المحافظة تحفظ للفتاة احترام الغير لها، خاصة في مجتمعات مختلفة فكرا وثقافة عن عادات وتقاليد الإمارات، فربما يكون هناك استغراب في البداية ولكن بعد تخطي مرحلة عدم الفهم، يتحول الاستغراب إلى احترام، خاصة عندما تكون الفتاة متفانية في علمها وعملها وتحترم أوقات الغير ومواعيدها معهم وتفي بالتزاماتها وتكون على قدر المسؤولية والثقة
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©