الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوباما ومعارك القيادة... الشخص والسياسات

أوباما ومعارك القيادة... الشخص والسياسات
7 سبتمبر 2009 00:41
عندما التقى كبار مستشاري باراك أوباما في»بلير هاوس» في نهاية شهر يوليو الماضي، في اجتماع مدته يومان كان مخصصا لمراجعة أداء الإدارة خلال الأشهر الستة الأولى من عمرها، فإن الحاضرين في ذلك الاجتماع الذي كان مخططا له أن يكون لحظة من التأمل العميق، خرجوا منه وقد اعتراهم شعور بعدم الراحة. بالنسبة لأفراد طاقم البيت الأبيض المحروم من النوم، فإن الإنجازات التي حققوها منذ أن تولت الإدارة مسؤولياتها في ذلك الصباح البارد ليوم 20 يناير، لم تكن بحاجة إلى برهان. فأجندة «الضرورة» التي شرعوا في تنفيذها من أجل تحقيق الاستقرار في الاقتصاد، سرعان ما أخلت مكانها لأجندة أوباما لـ «التغيير» مغيرةً في سياق ذلك الطريقة التي يتلقى بها الأميركيون الرعاية الصحية، والتي بها ينتجون ويستهلكون الطاقة، ويتعلمون في فصول المدارس العمومية. لكن استطلاعات الرأي أظهرت أن نسبة الدعم للرئيس وسياساته تشهد الآن هبوطا حادا. وقد أدت الأرقام المحبطة التي كشفت عنها الاستطلاعات، إلى هز ثقة بعض أفراد طاقم أوباما، وهو ما تبين بوضوح عندما حاول نائب الرئيس «جوبايدن» شخصيا التخفيف من هذا القلق في اللقاء الذي جمع بين الوزراء وكبار أفراد الطاقة في قاعة الطعام الكبرى في البيت الأبيض في الصباح التالي لاجتماع المراجعة المشار إليه، وذلك عندما قال: «هل كنتم تعتقدون أن مهمتنا ستكون يسيرة؟!». منذ ذلك الحين ازدادت وتيرة الهبوط، حيث تعرض أوباما للإضعاف سياسيا، وهو يواجه حالياً بمخاوف متزايدة، خصوصا من داخل حزبه، بشأن قدراته الزعامية التي تبدت من خلال عشرات المقابلات التي أجريت خلال هذا الصيف في ست ولايات والتي كشفت عن قدر متنام من التشاؤم والقلق والإحباط حول المسار الحالي للإدارة. بيد أن التحدي الذي يواجه أوباما أكثر جوهرية من ذلك، خصوصا وأنه قد بنى حملته الانتخابية الناجحة وأسلوب ممارسته لمهامه الرئاسية، على نمط قيادي يسعى إلى تكوين إجماع حول المسائل والقضايا التي تواجهه. والمشكلة أنه يدخل الآن مرحلة قد لا يكون فيها تحقيق مثل هذا الإجماع ممكناً بالنسبة للقضايا التي تمثل أهمية فائقة لإدارته وحزبه. فمهما كانت المقاربة التي سيتخذها، فإنها ستؤدي على الأرجح إلى إزعاج بعض من أكثر مؤيديه حماسةً، والذين يبدي الجزء الأكبر منهم حاليا عدم رغبة في المساومة والتوصل إلى حلول وسط في الفترة الراهنة التي يحتل فيه الديمقراطيون الأغلبية في الكونجرس بمجلسيه. من هؤلاء «كارين ديفيز»، استاذة الموسيقى بمدينة نيوجيرسي، والتي شاركت في أنشطة جمع الأموال لحملة أوباما الرئاسية العام الماضي، وهي تقول: «حتى الأسبوع الماضي، كان أوباما لا يزال يلعب الكرة مع الجمهوريين الذين كانوا يقولون له: سوف نسقطك». وتعرب ديفيز عن خيبة أملها فتقول: «لقد بدأت أشعر الآن أن هذا ليس هو ما صوتَّّ من أجله». ويشار إلى أن أوباما قد أدخل التغيير على شهوره السبعة الأولى في المنصب، وقد تم ذلك في معظم الأحيان، من خلال التدخل الحكومي المباشر لمجالات مختلفة عن بعضها جد الاختلاف مثل حرب العراق، وصناعة السيارات الأميركية. في الوقت الراهن يتحسن الاقتصاد، وتسدد البنوك المستنقذة المستحق عليها بالإضافة للفوائد، كما جاء الاختيار السلس لهيئة المحكمة العليا بأول قاضية من أصول لاتينية إلى عضوية المحكمة، وهو ما اعتبر انتصارا كبيرا لأوباما على الجمهوريين. علاوة على ذلك يشهد وضع أميركا في العالم، حسبما تشير العديد من استطلاعات الرأي، تحسنا ملموسا وخصوصا بعد الخطاب الذي ألقاه أوباما من جامعة القاهرة وخاطب فيه العالم الإسلامي، بالإضافة إلى أنه منع التعذيب أثناء استجواب المتهمين، واتخذ قرارا بإغلاق معتقل جوانتانامو. لكن خطة أوباما في الإنفاق والتي سيتطلب تنفيذها 9 تريليونات في اقتراض جديد على مدى العقد القادم، أخافت المحافظين داخل حزبه، كما أخفق هو شخصيا في الحيلولة دون إجراء تحقيق من قبل وزارة العدل في سياسات إدارة بوش في استجواب المتهمين وهو ما ألمح إلى أنه يرفضه. أما البطالة ففي تصاعد، وأما قراره بتوسيع الحرب في أفغانستان ونشر آلاف من الجنود الأميركيين الإضافيين فلم يكن مصحوبا بخطة واضحة حول كيفية الخروج من هذا البلد. ورغم أن استطلاعات الرأي قد أظهرت هبوطا في نسب التأييد، فإن أوباما شخصيا لا يزال أكثر شعبية من سياساته. ويقول كبار مستشاريه إن قوته تنبع من قدرته على الاحتفاظ بهدوئه خلال تلك الدوامة التي لا تتوقف من دورات الأخبار على مدار اليوم، وهي علامة ميزته خلال حملته الانتخابية. وصيحات الغضب المضاد للحكومة التي ارتفعت من خلال ألف اجتماع عقدت في قاعات المجالس البلدية في الولايات المتحدة على مدى عطلة الصيف، تختبر قدرات أوباما المتفوقه في التواصل، وأسلوبه السياسي المميز. ففي الخطاب الذي ألقاه أمام المتطوعين في جماعة «التنظيم من أجل أميركا»، الشهر الماضي، وجه أوباما ما يشبه التحذير إلى القوام الرئيسي من قاعدته الشعبية من الاستماع إلى الانتقادات التي توجهها بعض الدوائر -الجمهورية بالذات- في واشنطن العاصمة والتي تقول إنه قد بدأ يفقد السيطرة على رسالته وعلى أجندته الأكثر اتساعاً. إن فن الحكم في أميركا يتطلب من القائم عليه قدرة ليس فقط على مخاطبة قاعدته الانتخابية، وإنما على مخاطبة الكونجرس وإقناعه أيضاً. وهو ما يحاول أوباما حالياً تحقيقه بصبر، وبثقة لا تتزعزع، وهما صفتان كانتا من أهم الصفات التي شكلت علامة مميزة للحملة الانتخابية التي جاءت به للبيت الأبيض. سكوت ويلسون - واشنطن ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©