السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قناة البحر الميت... مخاوف بيئية واحتياجات مائية

قناة البحر الميت... مخاوف بيئية واحتياجات مائية
7 سبتمبر 2009 00:41
دفع النقص المائي الحاد كلا من الأردن وإسرائيل للبدء في مشروعات مائية طموحة، يقول المؤيدون لها إنها ستمنع وقوع أزمة إقليمية وشيكة، بيد أن البيئيين ينتقدونها باعتبارها محاولات غير حكيمة لإعادة تشكيل الطبيعة. هذه المشروعات تشمل خط أنابيب مياه يمتد إلى العاصمة الأردنية عمان من خزان»ديسي» للمياه الواقع في صحراء الأردن الجنوبية، وشبكة واسعة من محطات التحلية التي تبنيها إسرائيل على امتداد ساحل البحر الأبيض المتوسط. وخزان»ديسي» هو بحيرة مياه عذبة تقع في باطن الأرض وغير قابلة للتجدد، لو تم البدء في استخراج المياه منها، فسوف تجف في بحر خمسين عاماً. الجانب الأكثر إثارة للجدل، هو أن الدولتين تدفعان باتجاه اتخاذ إجراء للبدء في تنفيذ فكرة قديمة وهي تلك الخاصة بشق مجرى طوله 110 أميال، يمتد من البحر الأحمر إلى البحر الميت. وبموجب ذلك المشروع سوف يتم ضخ زهاء 2 مليار متر مكعب من الماء ـ يعادل نصف تريليون جالون سنوياً عبر شبكة من خطوط الأنابيب أو الأنفاق، ويتم تحلية جزء منها في الطريق، في حين يتم استخدام الجزء الآخر لعكس اتجاه تدهور استمر عقوداً في مستوى الماء بالبحر الميت. وهذا البحر التاريخي الذي يعتبر أخفض نقطة على سطح الأرض، ويعتبر في الوقت نفسه نقطة جذب سياحية وصناعية رئيسية بسبب تركيبته الكيماوية الفريدة يهبط بمقدار 3 أقدام كل عام كنتيجة لظاهرة البخر وإقامة العديد من السدود على منابعه الشمالية ـ نهر الأردن بشكل أساسي. ومن المعروف أن المياه تمثل مصدراً رئيسياً من مصادر النزاع في الشرق الأوسط سواء تعلق هذا النزاع بمخاوف مصر حول إدارة السودان لجنوب النيل، أو بالنزاعات بين الإسرائيليين والسلطة الفلسطينية حول نقص المياه في الضفة الغربية المحتلة. وهذا النقص في المياه شديد إلى حد أنه يمكن أن يؤدي إلى تغيير الديناميات التقليدية السائدة في المنطقة تماماً. تتعرض الأردن وإسرائيل في أوقات كثيرة إلى ضغوط من دول الغرب والمجتمع الدولي للتعاون سويا من أجل تعزيز الجهود الرامية لتحقيق السلام بين العرب والإسرائيليين، ولكن موضوع المياه تحديداً يثبت أنه مجال من تلك المجالات التي تؤدي فيه الضغوط إلى نتائج عكسية، حيث يحث البلدان خطاهما من أجل الشروع في تنفيذ مشروع الوصل بين البحر الأحمر والبحر الميت على الرغم من تحذيرات المراقبين الخارجيين لهما بالتريث، وهو تحذير يبدو أنه لا يلقى آذانا صاغية من الطرفين. فالأردن الذي ينظر إلى تلك الوصلة باعتبارها ذات أهمية جوهرية للاستقرار الطويل الأمد لإمداداته من المياه، أعلن في الربيع الماضي، أنه ونتيجة لضياع سنوات في مناقشة الموضوع دون التوصل إلى نتيجة ملموسة، فإنه سيبدأ في تنفيذ خطط للبدء في المشروع من جانبه. منذ ذلك الإعلان، قالت إسرائيل في مناسبات عدة إنها ستنضم إلى جارها في المرحلة الأولية، على الرغم من أن البنك الدولي والمجموعات البيئية، تتنبأ بأن الأمر سوف يحتاج إلى عامين إضافيين من أجل إجراء الدراسات اللازمة قبل اتخاذ قرار بشأن ما إذا كان المشروع سيتم أم لا. والمشروعات المائية التي يتم التخطيط لها في المنطقة، تنبع من أحاسيس عميقة بالقلق خصوصاً في الأردن من أن تؤدي حالة الجفاف، والزيادة المضطردة في الطلب السكني والصناعي والزراعي على المياه،إلى نقص مزمن يستدعي تقنين استخدامات المياه ما لم يتم توفير المزيد منها. في الوقت الراهن يُطلب من القرى الأردنية والكيبوتزات الإسرائيلية الممتدة على جانبي نهر الأردن دفع المزيد من الرسوم مقابل الحصول على المياه، كما يضغط عليها من أجل التحول من زراعة الفواكه الاستوائية التي تحتاج إلى مقادير كبيرة من المياه، إلى زراعة فواكه ومحاصيل أكثر ملاءمة للمناخ الصحراوي. يقول المدافعون عن إقامة مشروع الوصل بين البحر الميت والبحر المتوسط سواء في الأردن أو إسرائيل أنه ليس هناك بديل عن إقامة ذلك المشروع وأنه ضروري لتوفير الاحتياجات الأساسية للبلدين. حول هذه النقطة أدلى «سلفان شالوم» نائب وزير الدفاع الإسرائيلي ووزير التعاون الإقليمي بتصريح قال فيه: «نحن بحاجة إلى البدء في تلك المشاريع، والبدء فيها فورا، لأن هؤلاء الذين يعارضونها لا يقدمون اي حلول بديلة». وبالإضافة إلى توفير المياه المحلاة التي سيتم تقسيمها بين الأردن وإسرائيل والسلطة الفلسطينية، فإن هذا المشروع ينظر إليه على أنه سوف يساهم في المحافظة على صناعة السياحة المزدهرة على البحر الميت، وكذلك الصناعات المقامة على جانبيه، والتي تعتمد على استخراج المواد المعدنية النادرة الموجودة في ذلك البحر وبيعها للخارج. أما عن المخاطر البيئية للمشروع والتي تشمل تأثيره على بيئة الشعاب المرجانية في خليج العقبة، واحتمال أن يؤدي حدوث زلزال إلى اندفاع المياه المالحة إلى خزانات المياه العذبة الموجودة في الصحراء، فإن مسوؤلي البلدين يقولون إنه من الممكن إجراء الدراسات اللازمة حول تلك المخاطر من خلال مشروع صناعي تجريبي يمكن فيما بعد توسعته، أو تغييره، أو إيقافه ـ حسبما تستدعي الضرورة ويتفق البنك الدولي والخبراء الأردنيون والإسرائيليون على أن «اقتصاد الماء» السائد في المنطقة يجب أن يتغير، بحيث يتم تقاضي رسوم أعلى مقابل تزويد الماء للمزارع، مع وضع قوانين للبناء وغيرها من اللوائح والأنظمة التي تتناسب مع الشح المتزايد في المياه وحقيقة أن الكميات المتوافرة منها في الوقت الراهن لا تكفي للوفاء بالاحتياجات المتزايدة. هوارد شنيدر- الأردن ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©