الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هذا هو الجزاء.. وليس للعرب عزاء!

17 ابريل 2018 23:30
يا أيها الذين يعلمون ظاهراً ليتكم تنظرون أبعد وأعمق. فما يجري على خشبة مسرح العالم ليس سوى عرائس ودمى تحركها أيدٍ من خلف الكواليس. ليس سوى عصي يخيل إلينا من غفلتنا أنها حيات تسعى. ليس سوى عجل جسد له خوار نظل عليه عاكفين في المواقع وفي الإعلام، وفي أحاديثنا الخاصة والعامة حتى يرجع إلينا موسى. وموسى هذه المرة لن يرجع أبداً، وسنظل عاكفين إلى ما شاء الله. وكذلك سولت لنا أنفسنا أننا نعي وندرك ونفهم ونحن واهمون غير فاهمين. كان الزعيم الإنجليزي ونستون تشرشل يقول دائماً: لقد هزمني جيشي. وأنا أقول - ولست زعيماً إنجليزياً ولا عربياً- لقد هزمتنا غيبوبة قطاعات عريضة من الشعوب العربية المخطوفة تحت لافتات الدين والديمقراطية وحقوق الإنسان، وغير ذلك من اللافتات الوهمية. وكما أن هناك خلايا إرهابية نائمة لدى «الإخوان»، ومن لف لفهم، هناك أيضاً قضايا نائمة لديهم يتم إيقاظها كلما دعت الضرورة.. وفي كل مرة تبتلع الشعوب المغيبة الطعم وينطلق «الهاكرز. والهوليجانز والأولتراس» على المواقع ليشاركوا في إيقاظ القضية النائمة لتنام قضية مثارة.. إنها سياسة أو طريقة إضاءة الأنوار في منطقة معتمة وإعتام منطقة مضيئة لحاجات في النفوس وأجندات محددة، وخذ مثلاً، عندما وقعت أزمة قطر مع العرب، لعب «الإخوان» بشقيهم السُني والشيعي لعبة إيقاظ القضايا النائمة لإنامة قضية قطر وأزمتها. فأيقظوا قضية الروهينجا في ميانمار. ولعبوا لعبة القدس والأقصى، وارتدوا قميص القضية الفلسطينية. وانطلق الهاكرز، والهوليجانز والأولتراس «الإخواني»، أو حتى المغيب الذي لا ينتمي إلى تيار سوى أنه مشدود إلى ما يرى أنه الدين والإسلام. وراح هؤلاء يقولون عبارة واحدة: يحاصرون قطر ويتركون إخواننا المسلمين الروهينجا يُذبحون كالنعاج في ميانمار، يحاصرون قطر ويتركون الأقصى والقدس «واقدساه.. واروهينجاه».. وشيئاً فشيئاً لم يعد هناك روهينجا ولا مذابح ولا اغتصاب ولا أي شيء. ولم يعد هناك قدس ولا أقصى ولا غزة.. وكأن أزمة الروهينجا قد تم حلها.. وكأن الأقصى قد تحرر... لا شيء أبداً حدث سوى استخدام القضايا النائمة لإنامة قضايا يقظة.. لا شيء سوى الإظلام هنا.. والإضاءة هناك كلما دعت الضرورة الإخوانية والضرورة الغبائية لقطاعات عريضة من الشعوب العربية. حدث هذا الإعتام والإضاءة في حكاية «داعش» وبطل مسرحيته أبي بكر البغدادي.. فقد كان «داعش» والبغدادي ورقة لعب ضد الأمة العربية، فلما تحقق الغرض، وتشظّت الأمة، وتمكنت منها إيران وتركيا ولاعبون دوليون آخرون. لم يعد هناك «حس ولا خبر» لـ «داعش» والبغدادي.. وكف الهاكرز تماماً عن حديث «داعش» والبغدادي، ولم يعد أحد معنياً بمصير البغدادي، وأين هو الآن؟ وهل هو في قبر أم في قصر؟ لقد أدى «داعش» الغرض، وأدى «الإخوان» الغرض، وصارت الأمة جثة هامدة تمثل بها القوى الإقليمية والدولية كما تحب. ولا نقول كما يقول المصريون في أمثالهم، «الضرب في الميت حرام».. وانتقلت السفارة الأميركية إلى القدس، وماتت قضية فلسطين، وخرج العرب من أزمة سوريا، ولن يعودوا وصار كل أبطال المسرحية على الخشبة العربية أجانب وتصالحت «فتح» و«حماس» تصالحاً مزيفاً لا قيمة ولا أثر له.. فتخاصم العرب أو تصالحهم لم يعد يعني القوى الكبرى والإقليمية. فقد تحقق الهدف، ولم يعد هناك خوف من العرب أو أمان لهم. لا قيمة لصداقتهم ولا خوف من عدائهم. وغاية أمرهم مجرد نباح على المواقع.. ولا خوف ممن ينبح ولا يعض. ولكن الخوف ممن يعض ولا ينبح. وقد عضت القوى الكبرى والإقليمية العرب بلا نباح. لقد هزمتنا شعوبنا، وليس صحيحاً أبداً ذلك النباح ضد الحكام والزعماء العرب واتهامهم بالتخاذل والعجز، بل والتآمر. فالشعوب المغيبة التي تسير خلف كل ناعق باسم الدين هي التي هزمت تلك الأمة، وهي التي تآمرت قطاعات كبيرة منها مع إيران وتركيا وقوى أخرى، وهي التي أتاحت للأجنبي التدخل في شؤوننا العربية. وغاية ما يفعله الزعماء، هو أنهم يرون تيار نباح المواقع عالياً، فيظنون أنه رأي عام، ولا يجرؤون على السباحة ضده، فيدخلون في سياق الروهينجا والقدس والأقصى و«داعش» والبغدادي استجابة لما يظنون أنه رأي عام، وهو مجرد أصوات نباح عالية من جانب قلة مغيبة أو مغرضة توهمنا بصوتها العالي أنه تيار جارف ورأي عام. وفي سوريا مثلاً عندما يلوح في الأفق أن المباراة توشك على الانتهاء لمصلحة النظام السوري، وأن «الإخوان» وجماعات الإرهاب الخارجة من عباءتهم يوشكون على الزوال.. تظهر فجأة مسرحية ضرب «دوما» وغيرها بالأسلحة الكيماوية التي أجزم بأن أحداً لا يعرف من الذي يضرب بها المدن والمناطق السورية، ومن صاحب المصلحة في ذلك؟ وهل من مصلحة النظام الذي يوشك على أن يحظى باعتراف دولي باستمراره أن يعيد الأمور إلى المربع الأول؟ لا أتهم أحداً ولا أبرئ أحداً، ولكن الأمر عندي لا يتعدى سيناريو معداً لإبقاء سوريا مشتعلة وإبقاء الشعب السوري رهينة حتى يتم ترتيب الأوراق على هوى اللاعبين الدوليين والإقليميين بعيداً عن تدخل العرب الذين لا ينبغي لهم الآن التدخل في الشؤون الداخلية السورية.. حتى مسرحية التلاسن بين القوى الكبرى حول سوريا داخل مجلس الأمن وخارجه لا ألقي لها بالاً. فأميركا ضربت سوريا باتفاق «جنتلمان» مع روسيا. فهناك اتفاق صريح بين الدولتين على تجنب المواجهة العسكرية بينهما في سوريا. والضربات التي وجهتها أميركا لسوريا من قبل كانت باتفاق مسبق مع روسيا. والآن، هي سياسة حافة الهاوية التي يلجؤون إليها ليقف العالم وخصوصاً العربي على أطراف أصابعه ثم لا شيء يحدث. وقد ضربت أميركا سوريا بموافقة روسيا في الغرف المغلقة وعبر الخطوط السرية الساخنة رغم التلاسن والخلاف في الظاهر. وهذا هو الجزاء، وليس للعرب عزاء! *كاتب صحفي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©