السياحة الدرامية!

مرة أخرى تفاجئنا الدراما التليفزيونية بالتأثير القوي والمباشر على صناعة السياحة، والتأثير هذه المرة جاء من الناحية التركية حيث تسبب مسلسل درامي تركي مدبلج باللغة العربية في زيادة الحركة السياحية العربية هذا الصيف إلى تركيا! المسلسل هو ''نور'' الذي أراه من الناحية الدرامية طويلا ومملا وبطيء الإيقاع إلى حد كبير، ولكنه لفت انتباه الأسر العربية من المحيط إلى الخليج بدون مبالغة، وصار من الأحداث اليومية المهمة في حياة جانب كبير من المشاهدين العرب على اختلاف أعمارهم واهتماماتهم وثقافاتهم، والسر في هذا النجاح مبهم وغير معروف! وبغض النظر عن النظرة النقدية لمسلسل نور وتقييمه فنياً، فنحن أمام ظاهرة نجحت في زيادة السياحة العربية إلى تركيا هذا العام بنسبة 30% حسب الإحصائيات الأولية التي أعلنتها بعض شركات الطيران والسياحة، ووصل الأمر إلى أن إحدى شركات السياحة التركية قررت تنظيم رحلات سياحية لزيارة ''قصر نور ومهند'' وهو منزل البطلين الذي تم تصوير المسلسل فيه! لهذا نعود مرة أخرى للتنبيه على أهمية دور الدراما والسينما في الترويج السياحي، وقدرة هذا النوع من الفنون في الوصول إلى الناس بسرعة شديدة، وقدرته في التأثير النفسي عليهم وتحويل رغباتهم السياحية إلى إتجاه مختلف، فلم يكن هناك عدد كبير يخطط هذا الصيف لزيارة تركيا على سبيل المثال، إلا أن المسلسل نجح في تحويل إتجاه الأسر الخليجية إلى تركيا بشكل كبير· وقد لا يهمنا كثيرا البحث عن أسباب نجاح المسلسل، قدر ما يهمنا ما عرضه المسلسل من مشاهد سياحية غير مباشرة عن الوجهات السياحية في تركيا، وربما لم يقصد المخرج أو كاتب السيناريو عرض مشاهد عن المناطق السياحية، ولكنه استطاع من خلال بناء درامي خلق رغبة لدى جمهور المشاهدين بزيارة هذه الأماكن· ومنذ شهور عرضت في هذا المكان لأهمية الدراما والسينما في الترويج السياحي، وضرورة أن ننتبه إلى هذه الوسيلة كنوع مهم ومؤثر للترويج السياحي، ويأتي مسلسل نور ربما ليؤكد هذه الحقيقة، لذلك بات علينا الآن أن نضع نصب أعيننا خطة لجذب شركات الانتاج الفني والدرامي لتصوير الأعمال التلفيزيونية والسينمائية في الإمارات· وأن نقدم وسائل جذب مختلفة لهذه الشركات، حتى إذا تحملنا تكاليف الإقامة وقدمنا لهم كل المساعدات الفنية واللوجيستية مجاناً، فهذا أفضل بكثير من إنفاق الملايين على الإعلانات المباشرة ودعوة وسائل الإعلام· ربما تكون الأمور صعبة في البداية، ولكن صدقوني، فمردودها ومدى تأثيرها يستحق العناء·· وحياكم الله·· رئيس تحرير مجلة أسفار السياحية