الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الفانوس.. شعاع الضوء الذي يغني «وحوي يا وحوي»

الفانوس.. شعاع الضوء الذي يغني «وحوي يا وحوي»
8 سبتمبر 2009 00:12
تتزين به الشوارع والمراكز التجارية والبيوت، ويحمله الأطفال بأيديهم فرحا وبشرى.. إنه «الفانوس» الذي يشع نورا وبهاء في كلّ مكان، ويحمل البشرى بقدوم شهر الخير والبركة، شهر رمضان، حتى بات رمزاً له. هذا «الفانوس»، الذي تعددت أشكاله وأحجامه وتزينت به الأماكن وتباهت، ارتبط بشهر رمضان منذ مئات السنين، وإلى اليوم ما زال يستخدم كتقليد شعبي يتزامن مع حلول الشهر الفضيل، حيث تجده متوافراً في الأسواق بكثرة قبيل حلول الشهر بأسابيع، بألوان وأشكال مختلفة، فيقدمه الكبار هدية إلى الصغار ليفرحوا به، كما يشترونه لتزيين بيوتهم وأماكن عملهم فرحا واستقبالا بالشهر الكريم. قبل أن يحلّ الشهر الفضيل طرحت بعض المحال التجارية والجمعيات التعاونية كميات كبيرة من الفوانيس الرمضانية، بمختلف الأشكال والألوان والأحجام والأسعار أيضا، بعضها خاص بالزينة وبعضها حقيقي باهظ الثمن، وكان الأكثر مبيعا منها الفوانيس ذات الحجم الصغير والخاصة بالأطفال.. يقول عدنان علي- بائع في محل تجاري: «في كلّ عام تنزل إلى الأسواق أشكال جديدة من الفوانيس تزدهر تجارتها في الإمارات خلال شهر رمضان، وهذه الفوانيس يتم استيرادها من الصين وتايوان وهونج كونج، بكميات كبيرة تبلغ الآلاف، وهي مصنوعة من المعدن المطلي أو البلاستيك، وتضاء بالبطارية، وتتخذ الفوانيس أحجاماً متفاوتة وأشكالاً متعددة كطير أو كوخ أو صندوق أو غير ذلك، وتتراوح أسعارها تبعاً لحجمها ومقدار زينتها، بدءاً من 10 دراهم وصولاً إلى 500 درهم، ويكاد لا يخلو منزل أو شارع أو فندق أو مؤسسة أو مركز تجاري من واحد منها». ذاكرة شعبية بألوانه الكثيرة وأشكاله الجميلة تحوّل الفانوس إلى رمز لشهر رمضان الفضيل ودلالة على حضارة سالفة، ويشير محمد عبد الله، من قرية التراث، إلى أن«الفانوس يحتل مكانة متميزة في الذاكرة الشعبية، خصوصاً وأنه متصل بتقاليد الأجداد وحياتهم اليومية، وهو يعدّ من ضمن أهم التفاصيل التراثية في المنطقة، فضلاً عن اتصاله -بالتقليد العربي- بشهر رمضان المبارك». ويعدّد عبد الله أسماء فوانيس رمضان الشهيرة، لا سيما تلك التي يستخدمها الأطفال خلال حفل «القرقعان» وزيارة الجدات لتلقي الهدايا والحلوى «هناك فانوس ملون ومزخرف يسمى «مربع عدل»، والأكبر حجماً يسمى «مربع محرود»، وفانوس زجاجي يسمى «مسدس عدل»، والأكبر حجماً يسمى «مسدس محرود»، إضافة إلى فانوس «أبو حشوة»، وأنواع أخرى كبيرة الحجم تكاد تندثر كفانوس «أبو نجمة» وأخرى صغيرة الحجم لها باب ذو مفصلة واحدة يُفتح ويغلق لوضع الشمعة بداخله لا يتعدى طوله 10 سنتيمترات». ويضيف عبد الله أن «تحول الفانوس من وظيفته الأصلية وهي الإضاءة ليلاًَ، إلى وظيفة أخرى متصلة بشهر رمضان الكريم وتقاليده، حيث يحمله الأطفال ويطوفون به في الشوارع والأزقة مطالبين بالهدايا والحلوى، ثم تطورت هذه العادة تدريجيا مع تقادم الزمن وصارت مع الأيام تقليداً يلقى صداه في شهر رمضان عبر كل الدول العربية. وقد أدى ذلك إلى تطور صناعة الفوانيس فاتخذت مساراً حرفياً وإبداعياً مختلفاً بظهور الحرفيين الذين تميزوا بصناعة الفوانيس بأشكالها المتعددة وتزيينها وزخرفتها». رحلة عبر الزمن الطريق الذي سلكه الفانوس ليصل إلى زمننا الحالي كان طويلا، بحسب الدكتور عماد يونس، متخصص في التاريخ الإسلامي، الذي يؤكد أن الفانوس له تاريخ عريق في خدمة الإنسان فقد استخدم في مرحلة ما قبل الإسلام، وكان يصنع بطريقة بدائية وضمن قالب أو بشكل واحد (بيضاوي). ولمّا جاء العهد الإسلامي تغيّرت وتعدّدت أشكاله وفق إبداعات الحرفيين، فاستخدم للإضاءة في الليل وإنارة الطريق لدى الذهاب إلى المساجد لصلاتي العشاء والفجر، وكذلك لدى زيارة الأقارب والأصدقاء، هذا بالنسبة لاستخدام الفانوس عموما أما فانوس رمضان بشكل خاص فقد عرفه المصريون عند دخول المعز لدين الله الفاطمي القاهرة ليلا فخرج أهلها يستقبلونه عند أبواب المدينة، وكان ذلك في اليوم الخامس من رمضان فحملوا المشاعل.. لكن الصناع المصريين المهرة رأوا أن هذا اليوم رياحه شديدة وأن المشاعل قد تتسبب في مشاكل إذا ما تطايرت النيران ما يهدد بإفساد الاستقبال فاستخدموا الفانوس بدلا من المشاعل وتحول الفانوس من وظيفته الأصلية في الإضاءة ليلا إلى وظيفة أخرى ترفيهية حيث راح الأطفال يطوفون الشوارع بفوانيسهم والمسحراتي ليلا لإيقاظ الناس وبأغانيهم الشهيرة في هذا الشهر ومنها أغنية «وحوي ياوحوي». ويضيف يونس إن الفانوس لم يتشكل في صورته الحالية إلا مع مطلع القرن العشرين، حيث أصبح يُستخدم في تزيين وإضاءة الشوارع ليلاً خلال شهر رمضان مترافقاً مع وظيفة المسحراتي، لافتا إلى أن الفانوس المصري هو أشهر أنواع الفوانيس وأكثرها دقة وجمالا، وتعد منطقة «تحت الربع» في باب الخلق أشهر ورش صناعة الفانوس المصري
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©