الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

بيرهاشمي يعرض عزلة المرأة الخانقة

بيرهاشمي يعرض عزلة المرأة الخانقة
24 مارس 2013 00:08
جهاد هديب (دبي)- في معرضه «نساء غير مناسبات» المقام حالياً في دبي يقدم الفنان التشكيلي الإيراني أفشين بيرهاشمي المرأة الإيرانية بوصفها خارج الصورة النمطية التي تُشاع في العالم عن المرأة الإيرانية المعاصرة، لكنه لا يقول على لسانها شيئا بل يترك للأثر الذي تُحدثه المرأة في الناظر إليها أن يدرك ذلك عبر قراءة ردود الأفعال الفردية لهذه المرأة دون إفراط في التأويل، إذ إنها، وفقا لـ«صورة» المرأة في لوحة بيرهاشمي، ليست سعيدة بل غاضبة أو حزينة أو تريد أن توحي بأنها جاهزة للقتل إذ تُشهر مسدساً في وجه الناظر إليها. والمعرض المقام في صالة «أيام غاليري» في مركز دبي المالي العالمي بدبي، ويستمر حتى الخامس والعشرين من الشهر المقبل، يقوم بلوحاته الإحدى عشرة على فكرة أساسية في مستوى التقنية التي يستخدمها الفنان لمعالجة السطح التصويري وتتمثل بمعالجة الصورة الفوتوغرافية بأدوات الرسم واللون. ومن خلال اللوحات المعروضة يتضح أن جملة التأثيرات التي تبثُها المرأة بتعبيرات وجهها ووضع جسدها وما يشع من عينيها حزناً أو غضبا تأتي من أنها تمنح الناظر إليها فكرة أنها تقف أمام مرآة، أي أنها تمارس هذه الحركات في عزلة خانقة، فتقوم بأفعال وتؤدي حركات هي أشبه بالحركات التي تقوم بها ممثلة أمام كاميرا بحرية واسعة حدّ أن هذه الحرية لا تُطاق، حيث المرآة هي بحد ذاتها عالم آخر يمكن الفرد منّا من عيش نزواته وأوهامه الخاصة بعيداً عن الأعين، أليس الوقوف أمام المرآة هو فعل يمارسه المرء بمعزل عن الآخرين ودون رغبة من الشخص في أن يراه أحد؟. أما العامل الآخر في إحداث هذه التأثيرات في الناظر إلى اللوحات فيأتي من أنها جميعاً بالأبيض والأسود، حيث اللوحات جميعا منفّذة بالزيت على السطح التصويري. ربما لأن الأبيض والأسود هو ذاكرة التصوير الفوتوغرافي أكثر مما أنه ينتمي إلى التصوير التشكيلي أو اللوحة المسندية كما عهدناها أو جاءت إلينا من الغرب في العصر الحديث. أيضا، وبمعنى ما، فالأبيض والأسود هما الذاكرة المتخيَّلة للصورة، ما يعني أن صورة المرأة الإيرانية بتعبيراتها الراهنة والحديثة عن نفسها هي ردود أفعال وتأدية حركات متخيلة بدورها أو هي نتاج ممارسة سرّية بعيدة كل البُعد عما هو عليه واقع الأمر في الحياة اليومية للناس. في لوحة «زواج»، وهي ثلاثية من ثلاث لوحات، يجد المرء نفسه أمام امرأة تأخذ زينتها أمام المرآة، وبحسب عنوان اللوحة فهي تستعد لحفل زفافها، لكنّ ما تثيره الصور أننا بإزاء ممثلة تؤدي حركة من نوع ما وبإحساس ما وضمن حالة «درامية»، ثمة توتر في الأعصاب يتحسسه المرء من الأداء الذي تقوم به المرأة كما أن هناك رغبات متصارعة أو «إرادات متصارعة» داخل المرأة ذاتها تفصح عنها هي أمام المرآة كما لو أنها رغبات غير معلنة أو مكبوتة أو لا تريد لها صاحبتها لأمر ما أن تظهر أمام الآخرين. تمثل هذه اللوحة خلاصة الاجتهاد الفني في معرضه «نساء غير مناسبات» عن صورة المرأة الإيرانية مثلما هي عليه في هذه اللحظة، هي غير الراضية عن أمر ما أو حتى عن حياتها، إذ تسير في وجهة قد تكون مرغمة عليها، ربما يصحّ ذلك وربما لا لكن هذا الفنان (مواليد 1976) عاش حياته وخبر مجتمعه وقيم هذا المجتمع في مرحلة سياسية خاصة جداً في تاريخ المجتمع الإيراني في العصر الحديث. في هذه اللوحة يقدم أفشين بيرهاشمي دفقاً من التعبير في الحركة والشعور معاً عن امرأة تكاد تكون واحدة في الصور كلّها قد تكون في الأصل صوراً فوتوغرافية لممثلة أو سوى ذلك حتى أنها قد تكون صوراً مصنوعة لكنها في كل الأحوال ناجحة إلى حدّ بعيد في إبراز قدرات هذا الفنان الذي يقول ما يود قوله صراحة وبمعنى مباشر دون أن يتفوه بشعار أو حتى بكلمة من شعار.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©