الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الوساطة القطرية ونزاعات الشرق الأوسط

الوساطة القطرية ونزاعات الشرق الأوسط
9 يوليو 2008 23:22
لقد حظي الدور الذي لعبته قطر في الوساطة بين مختلف الأطراف اللبنانية المتنازعة على تشكيل الحكومة في الشهر الماضي، بقدر كبير من الثناء والتقدير· وقد انعكس هذا الشعور في التحليلات والتعليقات السياسية الصحفية، فضلاً عن اللافتات العريضة التي اعتلت العاصمة اللبنانية بيروت، معربة عن شعور اللبنانيين بالامتنان لذلك الدور· فهناك لافتة عريضة اعتلت الطريق المؤدي إلى مطار بيروت الدولي وقد كتبت عليها عبارة ''شكراً قطر''، بينما اعتلت لافتـــة أخرى أحد محال بيع ''الآيس كريم'' في قلب العاصمة بيروت، وهي تصور عرضاً لزبائن المحل عبارة عن مخروط من الآيس كريم كتب عليه ''اتفاق الدوحة''· على أن دور قطر لم يقف عند هذا الحد في حل النزاع اللبناني، وإنما تعداه إلى انهماك الدوحة في حل كافة النزاعات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط· ففي العام الماضي وحده، سافر وزير الخارجية القطري، حمد بن جاسم آل ثاني، أكثر من مرة، إلى كل من المغرب وليبيا واليمن، مقدماً العروض والحوافز الاقتصادية الكبيرة لشتى أطراف النزاع، مصحوبة بعزم جاد أكيد على حل النزاعات· وقد تمكن خلال هذه الجولات، من إحراز درجات متباينة من النجاح هنا وهناك· وبالطبع فإنه من الصعب القول إن هذا الجهد، قد قوبل بالرضا العام في عالم عربي منقسم على نفسه وشعوبه· وفيه قدم القطريون أنفسهم على أنهم وسطاء مستقلون منفتحو الذهن والتوجه، وأنهم لا يتحفظون إزاء التفاوض مع جميع الأطراف: إيران، إسرائيل، وانفصاليو الشيشان، بحثاً عن أداة رافعة لكفتهم على طاولة المفاوضات· تعليقاً على هذا الدور، قال حسن الأنصاري مدير الدراسات الخليجية بجامعة قطر:''نحن ليست لنا أجندة، ولا نضع بيضنا كله في سلة واحدة''· ذلك هو التعبير الناعم عن الموقف القطري· غير أن للدوحة علاقاتها الوثيقة مع طهران، إلى جانب وجود إحدى أكبر القواعد العسكرية الأميركية فيها· ويقيم فيها جنباً إلى جنب، كل من المسؤولين الإسرائيليين والإسلاميين المتشددين الذين يدعون إلى محو إسرائيل من الوجود· ومنها تنطلق برامج قناة الجزيرة الفضائية المثيرة للجدل، بقدر ما تقيم فيها أرملة الرئيس العراقي السابق صدام حسين· وتربطها بالعاصمة السعودية الرياض، علاقات تحالف موثوق بها، بقدر ما تربطها علاقات قوية بدمشق التي تكن لها الرياض جفاء· ''وهكذا تبدو قطر وكأنها تضع متناقضات الشرق الأوسط كلها في سلة واحدة''· ذلك هو ما قاله محلل الشؤون الأمنية بأحد مراكز البحوث في الخليج· هذا ويدعم القطريون جهودهم الدبلوماسية هذه ببعض المشاريع الاستثمارية والجهود الخيرية المتنوعة· فعلى سبيل المثال يعلم الكثير من الأميركيين عن المنحة المالية البالغ قدرها 100 مليون دولار التي قدمتها الدوحة لضحايا إعصار ''كاترينا''· غير أن لها مشروعاً عملاقاً لبناء مصفاة للنفط في زيمبابوي تبلغ تكلفته 1,5 مليار دولار· ولها كذلك مجمع سكني ضخم في السودان، إلى جانب إقامتها مشروعاً سياحياً في سوريا بتكلفة 350 مليون دولار· وهناك من ينظر إلى هذه المشروعات باعتبارها تشتيتاً للموارد والجهود، إلا أن القطريين أنفسهم يرونها ذات فائدة كبيرة لبلادهم· فالمعلوم أن لقطر موارد طاقة هائلة، تتألف من النفط والغاز الطبيعي، وأنها تحاط بعدد من الدول المجاورة الطموحة: إيران، المملكة العربية السعودية، والعراق· ولهذه الأسباب فقد أصبحت الدبلوماسية أداة مهمة لها في الدفاع عن أمنها وثرواتها· فهي تنشط في إقامة التحالفات الإقليمية، بقدر ما تبذل من جهد في بسط الاستقرار والأمن في المنطقة· وعلى حد تعليق مسؤول قطري سابق:''فإن الفكرة هنا أن نحاول إشاعة السعادة في أوساط الجميع، أو أن نقلـــــل مـــــن الأحــــــزان قـــــــدر مــا نستطيع''· واستطرد هذا المسؤول -الذي فضل عدم ذكر اسمه لكونه ليس مفوضاً بالتصريح في شؤون السياسات الخارجية لبلاده- إلى القول:''وفيما لو أغضبت هذه السياسات أحداً، سواء كان الأميركيين أم الروس··· فذاك من سوء الطالع''· وفي الحقيقة، فإن في هذه السياسات ما يثير غضب البعض، فقد ثارت ثائرة الأميركيين بسبب المساعدات التي قدمتها الدوحة لكل من إيران وسوريا، بما فيها الاستثمارات المالية الضخمة، واعتراض قطر على فرض عقوبات على طهران، خلال فترة عضوية قطر في مجلس الأمن الدولي· وبالمثل غضب المسؤولون الأميركيون من المساعدات المالية التي قدمتها قطر لحركة ''حماس'' المتشددة، إثر فوزها بالانتخابات التشريعية الفلسطينية في عام ·2006 وقـــال مسؤول أميركي رفيع المستوى بوزارة الخارجية- امتنع عـــن ذكــــر اسمــــه لحساسية منصبــه-:'' تتسم علاقتنـــا بقطر بقدر كبير من التعقيد، وبها من الجوانب ما يصل حد الخصومة· ومن هذه الجوانب الإشكالية، ما يثيره الدعم الذي تقدمه الدوحة لحركة حماس''· ثم إن للروس أيضاً شكاواهم وانتقاداتهم· ذلك أن الدوحة ظلت تؤوي من قبل، الزعيم الانفصالي الشيشاني ''زليمخان ياندرابييف''، إلى أن تمكــــن جاسوســـان روسيان من اغتياله عام ،2004 عن طريق تفخيخ سيارته إثر خروجه من أحد مساجد الدوحة· وقد تمكنت السلطات القطرية من إلقاء القبض على هذين الجاسوسين وأدانتهما بجريمة القتل، إلا أنه تم تسليمهما لاحقاً لروسيا· غير أن بعض الحكومات العربية نفد صبرها أحياناً إزاء جارتهم الدوحة· ومن أقوى ردود الأفعال الغاضبة على مواقف وسياسات قطر، ما أثارته جهودها التفاوضية مع متمردي اليمن والمغرب، ودورها في إطلاق سراح الممرضات البلغاريات المتهمات بنشر وباء الإيدز بين الأطفال الليبيين· إلى ذلك أعلنت إثيوبيا قطع علاقاتها الدبلوماسيـــة مع قطر، في شهر أبريل الماضي، بسبب اتهامها إياها بدعم إريتريا على حسابها، علماً بأن النزاع الإثيوبي- الإريتري يشكل أحد أكبر مصادر عدم الاستقرار في منطقة القرن الأفريقي· تضاف إلى هذه مشاعر الغضب التي اجتاحت الشعوب العربية إزاء الترحيب الحار الذي يحظى به المسؤولون الإسرائيليون في الدوحة· فليس خفياً أن لإسرائيل بعثة تجارية في الدوحة، تقع قريبــــاً من الفيلا المملوكة لخالد مشعل، أحد قـــادة حركة ''حماس''· غير أن وزير الخارجية القطري، ورئيس الوزراء في ذات الوقت، حمد بن جاسم آل ثاني رفض الاتهامات الموجهة إلى بلاده بسبب تعاملها مع إسرائيل قائلاً:''فنحن نسعى لإقامة علاقات طيبة مع الجميع''· يذكر أن جهود الدبلوماسية القطرية هذه، كانت قد وضعت دعائمها منذ عام ،1995 الذي تولى فيه الأمير القطري الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، مقاليد الحكم في البلاد· روبرت إف· ورث- الدوحة ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©