الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

للدفاع عن الإنسان ثمن!

9 يوليو 2008 23:24
السيدة ''لويز آربور''، المفوض السامي لحقوق الإنسان، عادت هذا الأسبوع إلى وطنها كندا، بعد أن تولت هذا المنصب الدولي الحساس والخطير، وهي أول امرأة تشغل منصب الرئيس الأعلى لهذه الوكالة التابعة للأمم المتحدة· وتميزت السنوات الأربع التي تولت فيها ''لويز آربور'' رئاسة الوكالة بالنشاط الإيجابي وبحيوية عالية أسبغتها عليها من شخصيتها المشهود لها بالإخلاص والعمل الدؤوب دفاعاً عن حقوق الإنسان، وبخاصة بتلك المناطق المهملة من القوى الدولية النافذة، مما أكسبها احترام وتقدير كل العاملين والناشطين في مجالات العمل في حقوق الإنسان، وأكسبها في الوقت ذاته عداءً -غير مبرر- من الإدارة الأميركية والحكومة الإسرائيلية، حرمها من دعم وتأييد حكومة بلدها (حكومة السيد ستيفن هاربر المحافظة)· ورغم أن ''لويز آربر'' لم تشأ أن تفصح علناً عن استيائها من موقف الحكومة الكندية منها، فإن الصحف الكندية على اختلافها، قد نشرت وتحدثت عن هذا ''الموقف المخجل''، واعتبرت أن عدم ترشيح المفوضة السامية لدورة ثانية لرئاسة الوكالة الدولية المهمة والخطيرة، هو خسارة أولاً لوطنها كندا وثانياً للعالم المهتم صدقاً برعاية وتطوير حقوق الإنسان· السجل الشخصي للسيدة ''آربور'' ثري وحافل بأعمال مجيدة، فهي حصلت على درجة الأستاذية ودرست في كلية القانون الأشهر في كندا ''أوسفود هال''· وقد عُينت قاضياً في محكمة الاستئناف العليا في ''أونتاريو''، حتى عينتها الأمم المتحدة كأول مدعٍ عام في المحكمة الجنائية الدولية، وهي التي تولت بنفسها القبض والتحقيق مع ''سلوبودان ميلوسوفيتش'' الرئيس الصربي السابق· وبعد انتهاء مهمتها عادت لتشغل في بلدها منصباً عالياً في المحكمة العليا الكندية· وطوال حياتها العملية -بل ربما قبل ذلك- كان اهتمامها بقضايا العدل الدولي وحقوق ''المظلومين'' في عالم يفتقد العدل ولا يرعى حق المظلوم والمسكين، مما أكسبها هذا الاحترام، الذي ظلت تحظى به في المجتمع الدولي وأيضاً داخل بلدها كندا· أما عداء الإدارة الأميركية لها الذي لم يخفه المسؤولون الأميركيون، فقد بدأ عندما أعلنت بشجاعة وصدق انتقادها لسلوك الإدارة الأميركية في حربها على الإرهاب وانتهاكها لحقوق المعتقلين المحجوزين في ''جوانتانامو'' الرهيب في كوبا، المنافيين للقانون الدولي ومبادئ العدل· هذا الموقف النقدي الشجاع لم يرضِ الإدارة الأميركية، ووضعتها بالتالي في قوائم غير المرغوب فيهم من وجهة نظرها لقيادة المنظمة الدولية لحقوق الإنسان! أما بالنسبة للحكومة الإسرائيلية، فإن ''لويز آربور''، وضعت في قوائم المعادين لإسرائيل عندما صرحت وحذرت أثناء حرب الصيف في عام 2006 بين إسرائيل والمقاومة اللبنانية، ''بأن قتل المدنيين الأبرياء في لبنان وإسرائيل (لاحظ في لبنان وإسرائيل)، قد يرقى إلى درجة جرائم الحرب''· هذا الموقف القانوني والعادل لم يرض كثيرا من القادة اليهود، فأدانوا موقفها هذا ووصفوها بأنها ''معادية لإسرائيل''! وعندما صعدت حكومة ''المحافظين'' الكنديين إلى السلطة، وبسبب تبعيتها السياسية لإدارة الرئيس بوش، وارتباطاتها الأيديولوجية معها، فإن موقفها من مواطنتها المحترمة عند غالبية أهلها قد تطابق مع الموقفين الأميركي والإسرائيلي، وهو موقف وجد رفضاً حتى من بعض نواب حزبهم في البرلمان مما اضطر وزير الخارجية إلى أن يقول في تصريح مختصر: ''إن السيدة آربر هي مواطنة كندية تحظى باحترامنا جميعاً في جهودها لتطوير العمل للدفاع عن حقوق الإنسان''! لكن الاحترام والتقدير المطلوب، والذي لم تجده من حكومة بلدها، فقد وجدته من كثير من المنظمات الدولية والجامعات التي منحتها درجة الدكتوراه الفخرية ومن منظمات النساء في أفريقيا وآسيا، التي أشادت بدورها المتميز في الدفاع عن حقوق المرأة المهضومة وساعدت المنظمات بالوصول إلى قضاياها لقمة المجتمع الدولي· عبدالله عبيد حسن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©