الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اليونسكو: الاتفاقية تحرسُ التنوّع الثقافي

اليونسكو: الاتفاقية تحرسُ التنوّع الثقافي
21 يناير 2016 16:40
إيمان محمد شجعت الاتفاقيات الثقافية لليونسكو في تكريس مصطلح «التراث الثقافي غير المادي» عبر العالم، حيث أصبحت أكثر أهمية بالنسبة للشعوب والدول على حد سواء، فهي بمثابة قوة لتكريس القيم الإنسانية والهوية الفريدة للمجتمعات، خاصة مع ما حملته العولمة من تهديد للثقافات المحلية، وخشية المجتمعات على ثقافاتها ومكوناتها الدقيقة وخبرات أفرادها التي راكمت الذاكرة الجمعية. تنظر اليونسكو إلى الاتفاقيات الثقافية كرد على الجهل والعنف والكراهية كونها تكرّس المعرفة، وتحمّل الدول والمجتمعات والأفراد مسؤولية الدفاع عما يمثله التراث من قيمة وميزة خاصة. وفي هذا الإطار قالت سوزان شنتجن، رئيسة وحدة السياسات وبناء القدرات والتراث في قسم التراث الثقافي غير المادي في اليونسكو، لـ «الاتحاد الثقافي»: «من المهم الحفاظ على التراث الثقافي غير المادي، لأنه يمثل قيمة للمجتمعات والجماعات التي تمارسه وتكيفه، فالوظيفة الاجتماعية والثقافية لهذا التراث لا تزال مستمرة حتى اليوم، ولذلك ترغب هذه الجماعات في نقل تراثها إلى الأجيال القادمة». وأضافت: «إن التراث غير المادي أو التراث الحي يعطي الناس الشعور بالانتماء والهوية، وتعد المعارف التقليدية والمهارات والممارسات أساسية للأمن الغذائي، والصحة، والتعليم، والمصالحة، والتماسك الاجتماعي والحفاظ على التنوع البيولوجي. ومع ذلك، فإن العديد من هذه الممارسات مهددة اليوم وبالتالي تشكل تهديداً لـالتنوع الثقافي الغني في العالم. إن الاعتراف بقيمة التراث الثقافي غير المادي والتهديدات التي تواجهه أدى إلى اعتماد اتفاقية صون التراث الثقافي غير المادي عام 2003، ويلتزم المجتمع الدولي بحماية هذا التراث، وهو ما يعني ضمان استدامة واستمرار تناقل التراث الثقافي غير المادي والمعترف به من قبل المجتمعات المحلية المعنية». وتلفت شنتجن إلى أن «163 دولة وقعت على الاتفاقية حتى الآن، وقد بذلت هذه الدول جهوداً كثيرة للوفاء بالتزاماتها على المستوى الوطني، والمشاركة بنشاط في آليات التعاون الدولي، وكلاهما مهم لضمان الحفاظ المستدام على التراث». مهمّات وترتِّب الاتفاقية على الدول الأطراف «تحديد وجرد التراث الثقافي غير المادي، على المستوى الوطني، بمشاركة المجتمعات المحلية المعنية، واعتماد سياسات ومؤسسات لرصد وترويج التراث وتشجيع البحث فيه، واتخاذ تدابير الصون الملائمة الأخرى، بالشراكة مع المجتمعات المحلية المعنية. كما تلتزم الدول بتقديم تقارير دورية عن ذلك، فبعد ست سنوات من التصديق على الاتفاقية على كل دولة طرف أن تقدم تقريراً إلى اللجنة فيما يخص التدابير التي اتخذتها لتنفيذ الاتفاقية على الصعيد الوطني، وقد قدمت دولة الإمارات تقريرها الدوري بشأن تنفيذ الاتفاقية في عام 2014، وهو متاح على الموقع الإلكتروني للاتفاقية، وتعاونت اليونسكو مؤخراً مع مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث في دبي لتنظيم سلسلة من ورش العمل لبناء القدرات لموظفيها لتنفيذ اتفاقية صون التراث الثقافي غير المادي، وهو جزء من البرنامج العالمي لبناء قدرات اليونسكو». أما على الصعيد الدولي، فالدول مدعوة إلى اقتراح عناصر لإضافتها إلى قائمة التراث الثقافي غير المادي الذي يحتاج إلى صون عاجل، والقائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية، وكذلك برامج الحماية لتسجيلها كأفضل ممارسات الصون. وحتى الآن تضم القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي 336 عنصراً اقترحتها الدول الموقعة على الاتفاقية، فيما تشجع اللجنة الحكومية الدولية على إدراج عناصر على قائمة التراث التي تحتاج إلى صون عاجل، والتي تضم 43 عنصراً فقط، وتهدف قائمة الصون العاجل إلى حشد الاهتمام والتعاون الدولي من أجل صون التراث الثقافي غير المادي المهدد بالاندثار رغم الجهود التي تبذلها الدول والمجتمعات. بينما تهدف القائمة التمثيلية إلى تسليط المزيد من الضوء على التراث الثقافي غير المادي بشكل عام، وزيادة الوعي بأهميته، وتشجيع الحوار في ظل احترام التنوع الثقافي. وتقول شنتجن: «هناك فرصة للتعاون الدولي تشجع عليه اللجنة الحكومية الدولية بشكل متكرر، ويتمثل ذلك في تسجيل عناصر التراث الثقافي غير المادي باعتبارها متعددة الجنسية وخاصة تلك التي توجد على أراضي دولتين أو أكثر. على سبيل المثال، تشجع اللجنة الدول الأطراف على تقديم ترشيحات متعددة الجنسية للعناصر المشتركة بين مختلف الجماعات والمجموعات والأفراد من أجل تسهيل الحوار بين الثقافات والمجتمعات. حتى الآن لدينا 27 عنصراً مدرجاً كملفات دولية، 26 منها في القائمة التمثيلية وواحد يجري إدراجه كآلية تعاون دولية في إطار الاتفاقية، وهو سجل أفضل ممارسات الصون. وكانت دولة الإمارات العربية المتحدة نشطة بشكل خاص في اقتراح ترشيحات متعددة الجنسية، بما فيها العيالة، فن الأداء التقليدي في سلطنة عمان ودولة الإمارات العربية المتحدة، والصقارة التي قادت ترشيحه مع 13 دولة». وأضافت: «أود أن أعرب عن شكر اليونسكو للدعم المالي السخي الذي تقدمه دولة الإمارات لتطوير مشاريع بناء القدرات في البلدان الأخرى لتمكينهم من تنفيذ تلك الاتفاقية على نحو فعال، وقد انتهت اليونسكو مؤخرا من تقييم الاحتياجات في 7 دول في إفريقيا وبعض الدول العربية بدعم من الإمارات، وتشمل هذه الدول: جزر القمر، جيبوتي، مصر، ومدغشقر، وفلسطين وجنوب السودان والسودان». وتخضع العناصر المعتمدة في قائمة اليونسكو إلى عملية مراقبة مستمرة، فالدول ذات العلاقة مطالبة بتقديم تقرير عن حالة العناصر المدرجة على قائمة الصون العاجل، والتي يجب أن تتضمن تقييماً للحالة الفعلية للعنصر، وتأثير خطط حماية ومشاركة المجتمعات في تنفيذ هذه الخطط. ويتعين على الدول أيضا تقديم معلومات عن المؤسسات والمنظمات المشاركة في جهود حماية المجتمع، بالإضافة إلى ذلك على الدول الأطراف أن تقدم تقارير دورية عن التدابير المتخذة لتنفيذ الاتفاقية كل ست سنوات، حيث يجب تقديم تقرير عن الحالة الراهنة لجميع العناصر الموجودة على أراضيها، والمدرجة على القائمة التمثيلية، وتتضمن هذه التقارير معلومات مفصلة عن الجدوى والإجراءات المتخذة لحماية العناصر المدرجة. وترى شنتجن أن عواقب الفشل في حماية العناصر المدرجة تقع على المجتمعات التي تمارسها، «فذلك يعني أن الوظيفة الاجتماعية للتراث قد انتهت، وهي وظيفة تعطي الشعور بالانتماء، والبهجة والهوية المميزة، أو تعني انتهاء وظيفتها فيما يتعلق بالصحة، والمصالحة وغيرها، ووفق التوجيهات التنفيذية للاتفاقية، تقرر اللجنة الحكومية إلغاء إدراج عنصر من قائمة التراث غير المادي الذي يحتاج إلى صون عاجل بعد تقييم خطة الصون، بعد أن تثبت أن العنصر لم يعد يتطابق مع أحد معايير أو أكثر من معايير الاتفاقية، وفي هذه الحالة يكون الإلغاء من القائمة نتيجة الفشل في حماية العنصر». ضرر سياحي تعني اتفاقية عام 2003 لصون التراث الثقافي غير المادي بالمخاطر والتهديدات المحتملة على عناصر التراث الثقافي غير المادي المدرجة في قوائم الاتفاقية والتي تترتب على زيادة الدخل، وهو أمر لا أساس له من الصحة كما تشرح شنتجن بقولها: «كان أحد أهم نتائج قائمة التراث العالمي (اتفاقية 1972) الزيادة الكبيرة في عدد السياح الزائرين للمواقع التراثية، وفي بعض الحالات كان هذا لمصلحة الاقتصاد المحلي، وفي حالات أخرى كان بمثابة هبة من السماء لوكالات سياحية كبرى من خارج المنطقة، وفي حالات غيرها، لم يتم رصد الزوار إلى المواقع المدرجة بشكل صحيح ما أدى إلى تضرر قيمة المواقع». ممارسات ضارة هناك تهديدات ومخاطر يتعرض لها التراث الثقافي غير المادي بسبب أنشطة غير مناسبة، توضحها شنتجن: «التراث قد يتحول إلى عقبة إذا فقد التنوع والمرجعية وفرص الإبداع والتغيير، بمعنى أن تم إفراغ التراث من معناه بتبسيطه للأجانب، وإبعاده عن وظيفته في المجتمعات المحلية يعد خسارة، وهذا يمكن أن يؤدي إلى الاعتداء على التراث الثقافي غير المادي أو تحقيق منافع غير عادلة وبشكل غير لائق بالنسبة للمجتمعات المعنية والأفراد والدول ومنظمي الرحلات والباحثين أو آخرين من خارج المجال. فضلاً عن الإفراط في استغلال الموارد الطبيعية والسياحة غير المستدامة أو المبالغة في الترويج للتراث الثقافي غير المادي تجارياً». تعريف يقصد بعبارة «التراث الثقافي غير المادي» وفق اتفاقية اليونسكو بأنه الممارسات والتصورات وأشكال التعبير والمعارف والمهارات، وما يرتبط بها من آلات وقطع ومصنوعات وأماكن ثقافية تعتبرها الجماعات والمجموعات وأحياناً الأفراد جزءاً من تراثهم الثقافي. وهذا التراث المتوارث جيلا بعد جيل، تبدعه الجماعات والمجموعات من جديد بصورة مستمرة بما يتفق مع بيئتها وتفاعلاتها مع الطبيعة وتاريخها، وهو ينمي لديها الإحساس بهويتها والشعور باستمراريتها ويعزز من احترام التنوع الثقافي والقدرة الإبداعية البشرية. ولا يؤخذ في الحسبان لأغراض هذه الاتفاقية سوى التراث الثقافي غير المادي الذي يتفق مع الصكوك الدولية. حق الليلة ترى الدكتورة أمينة الظاهري أن تقاليد «حق الليلة» من العادات الاجتماعية التراثية التي لا تزال تمارس، وتتفرد بميزات كثيرة عن العادات المماثلة في المنطقة، فدولة الإمارات الوحيدة في الخليج التي تحتفل به في النصف من شعبان، بينما تحتفل به بقية دول الخليج في منتصف رمضان، ورغم أن الأطفال لم يعودوا يطوفوا في الأحياء كما يقتضي التقليد، لكنهم يمارسون هذا التراث بشكل متطور مثل التجمع في البيوت أو التنقل بالسيارة، كما أن الأهالي لا زالوا يعدون الحلويات والمكسرات لكن بشكل متطور، حيث لا تمانع اليونسكو من التطوير في التراث والمهم أن يستمر.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©