الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عبدالله العروي يناقش التاريخانية في السنة والإصلاح

عبدالله العروي يناقش التاريخانية في السنة والإصلاح
22 يناير 2009 00:26
صدر مؤخراً عن المركز الثقافي العربي في الدار البيضاء وبيروت أحدث كتاب للمفكر والمؤرخ المغربي المعروف عبدالله العروي وحمل عنوان ''السنة والإصلاح''، وقد جاء في حوالي 213 صفحة من الحجم المتوسط· في هذا الكتاب نرى عبدالله العروي صاحب ''مفهوم الدولة''، ''مفهوم الحرية''، ''مفهوم العقل''، ''الإيديولوجيا العربية المعاصرة''، ''العرب والفكر التاريخي'' ومؤلفاته الأخرى وفيا لنهجه التاريخاني· يقول العروي في كتابه هذا: ''لم أرفع أبدا راية الفلسفة ولا الدين ولا التاريخ، بل رفعت راية التاريخانية''· حوار مع أميركية يفتتح عبدالله العروي كتابه هذا باستعراض توصُّله بعدد من الأسئلة أرسلتها له سيدة من أميركا، اعتنقت الإسلام وتعيش داخل مجتمع متعدد الديانات والثقافات والتقاليد وتجد نفسها في تحدّ صعب· يكتب العروي عن هذه الطالبة ''المحجبة'': ''جاءتني رسالتك في وقت مناسب· مرت علي شهور وأنا أبحث عن وسيلة سهلة وواضحة أرتب بها أفكاري· هل أفعل ذلك في شكل اعترافات أم عقيدة أم حوار أم عرض مسلسل؟ أرى يوما محاسن هذا الأسلوب أو ذاك وفي اليوم التالي تتضح لي نواقصه· فجاءت رسالتك لتضع حدا للتردد''· يكتب العوي لهذه السيدة قائلا: ''إنك امرأة، والدتك سيدة أجنبية، تلقيت تعليما علمانيا صرفا، لغتك الانجليزية، تخصصك البيولوجيا البحرية، مطلقة من رجل شرقي حسب تعريفك له، تعيشين في محيط جد مختلط، لك ولد يقارب التاسعة تحبينه كثيرا وتشفقين على مستقبله· هذه مواصفاتك الثماني، وهل كنت أحلم بمراسلة أفضل؟ ما أكثر الدلائل والتأويلات المعهودة لدينا والتي لا تنفع في حقك بسبب هذه المواصفات بالذات· لا ينفع معك التلاعب ولا المراوغة· وكم نكسب من وقت! تقولين إنك استمعت إلي مرة وأنا أحاضر في إحدى مؤسسات الشاطئ الشرقي من الولايات المتحدة الأميركية· تذكرت اسمي وبحثت عنه في الشبكة· فعثرت على عنواني وقررت مراسلتي· بيد أني أشعر من خلال ما كتبت نوعا من التحفظ، تتساءلين هل أستطيع، وأنا أقيم حيث أقيم، أن أتصور حجم المشكلة، أن ألمس حقا خطورة ما يخيفك على نفسك وعلى مستقبل ابنك· تخشين ألا أكون مسلحا بما هو ضروري لأجيب عن أسئلتك، تلك التي تراودك الآن وتلك التي قد يطرحها عليك ابنك في المستقبل· سيدتي الكريمة، أسديت إلي خدمة كبرى باتصالك بي وفي الشكل الذي اخترته· هل أستطيع أن أساعدك بالمقابل؟ لا أدري· كل ما يمكن أن أعدك به هو أني سأجتهد وبحسن نية''· ونرى العروي يحاول أن يخلع عباءة الفيلسوف الصارم حين يقول لمراسلته ''لا أرى نفسي فيلسوفا ـ من يستطيع اليوم أن يقول إنه فيلسوف؟ ـ ولا أرى نفسي متكلما ولا حتى مؤرخا همه الوحيد استحضار الواقعة كما وقعت في زمن معين ومكان محدد''· ويقول: ''لم أرفع أبدا راية الفلسفة ولا الدين ولا التاريخ، بل رفعت راية التاريخانية في وقت لم يعد أحد يقبل إضافة اسمه إلى هذه المدرسة الفكرية لكثرة ما فُنِّدت وسُفِّهت· لماذا؟ فعلت ذلك بدافع الواقعية والقناعة· وأعني بالقناعة الكفاف· ولم أتوصل إلى موقفي هذا دفعة واحدة، بل مررت بمراحل عدة· كنت أميل إلى التجريد فلم أنفلت منه إلا بمعانقة التاريخ، عندما قررت، في لحظة ما، الاندماج الكلي في المجموعة البشرية التي أنتمي إليها وأن أربط نهائيا مآلي بمآلها· الخروج من الدائرة الخاصة، التعالي عن أنانية الشباب، يعني اكتشاف الواقع المجتمعي الذي لا يدرك حقا إلا في منظور التاريخ· مر علي وقت طويل قبل أن أفهم أن ما يحرك المجتمع ليس الحق بقدر ما هو المنفعة''· تجارب وصور يدافع عبدالله العروي عن ''المؤرخ'' ضد ''الفقيه''، وهو إذ يستعرض نظرة الإسلام إلى الديانات الأخرى بنظرة ''المؤرخ'' ليس من خلال النصوص لكن من خلال التجارب، كما ناقش العروي صورة الإسلام لدى الآخر· وينصح مراسلته بقراءة القرآن الكريم، قائلا ''لا أنسى الغرض من هذه المكاتبة، أيتها السائلة· وهو أن تستعدي لقراءة متمعنة لكتابنا· لا بد أن تستعدي بعناية تليق بما استغرق من وقت تنزيله وجمعه· قبل القرآن عليك أن تتعرفي على النبي الذي عاش ثلثي حياته الأرضية عيشة عادية متواضعة· وقبل النبي عليك أن تتعرفي على العرب، المخاطبين بالرسالة، والعالم الذي أحاط بهم والذي شاركوا بقدر ما في إحداثه طوال قرون، إن لم يكن آلاف السنين''· كما نرى العروي في هذا الكتاب ينتقد استغلال الدين في أمور سياسية، كما يطرح هواجس عن فرضية العلاقات مع الآخر في ظل التحديات الجديدة والصراع مع الآخر، وهو صراع يراه العروي سيكون حتما صراعا ثقافيا· الكتاب: السنة والإصلاح المؤلف: عبدالله العروي الناشر: المركز الثقافي العربي في الدارالبيضاء وبيروت
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©