الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

البعض يلوم الانترنت ووسائل الإعلام بوفيه «الخمس النجوم» يتحول إلى تلال من القمامة

البعض يلوم الانترنت ووسائل الإعلام بوفيه «الخمس النجوم» يتحول إلى تلال من القمامة
9 سبتمبر 2009 00:08
مشهد كثيراً ما نراه يتكرر أمام أعيننا، بقايا القمامة تصطف كالتلال بجانب بعضها البعض، مليئة بكل أصناف الطعام، والفائض منها لا بدَّ له أن يستولي على مساحة كبيرة من الأرض. ظاهرة رمي الطعام في القمامة لا تتكرر سوى في شهر رمضان، مما يدفع الكثيرين إلى التساؤل عن الاهتمام المبالغ فيه بمائدته الباذخة، حتى لكأنَّ الشهر الفضيل لا يعدو كونه مناسبة لملء البطون بكل أصناف الطعام والشراب. وكأنَّه تحول لدى الكثيرين إلى مناسبة تفترض مزيداً من الأكل، وربة البيت تبدو كما لو أنَّها في حلبة سباق، تسعى إلى إرضاء أفراد الأسرة بكل أصناف الطعام، والغلبة لمن يعد أكبر قدر من الصحون المليئة بكل ما لذ وطاب من الهريس واللقيمات والأرز بكافة أنواعه، والمحاشي أيضاً، حتى يكاد من يشاهد السفرة يعتقد نفسه في «بوفية خمس النجوم». حلبة منافسة تعزو نورة العلوي هذا الانفلات في إعداد الموائد الرمضانية إلى شبكة الإنترنت التي دخلت الحلبة حاملة معها وصفات لأحدث وألذ وأشهى المأكولات. وتسترسل نورة في الحديث قائلة: «إن كل ما يحدث في موائدنا، ماهو إلا امتداد طبيعي لعاداتنا المتوارثة خلال شهر رمضان، لكن العامل الرئيسي، الذي ساعد على ترسيخ هذا النمط الاستهلاكي، يتمثل في وسائل الإعلام التي تتفنن في تقديم وإفراد مساحات كبيرة وواسعة من الموائد الباذخة، وقد تنفق عليها الملايين، للإعلان عن المأكولات والمشروبات الرمضانية، أو أن يكون هناك نقل حي لكيفية إعداد بعض الأطباق الشهية خلال أيام الشهر المبارك. تنافس الموائد من جهته يتأسف سالم المرزوقي من جراء سعي ربات البيوت للبحث الدائم عن أطباق ومأكولات يضفنها إلى موائدهنَّ الرمضانية. يصمت قليلاً قبل أن يشرح الأمر قائلاً: «إنَّ هذا السلوك من وجهه نظري هو نوع من الانقلاب في فهمنا لمقاصد الشهر الكريم، ويبعدنا عن روحانيات هذا الشهر». يضيف محدثنا: «أصبح رمضان لدى الكثيرين شهراً للتنافس بين الناس في إعداد الموائد، متناسين حكمة الصوم في إراحة المعدة خلال الشهر الكريم، والتفرغ للعبادة والعمل، دون إسراف في تناول الطعام والشراب». ولا يفوت المرزوقي أن يلقي باللوم على وسائل الإعلام التي «كرست هذا المفهوم الخاطئ عن الصوم»، لكنَّه في الوقت نفسه لا يعفي الأسرة من مسؤولياتها في تثقيف أفرادها بحكمة الصوم وأهميته، وتوصيفه كشهر للعبادة والذكر وقيام الليل وتلاوة القرآن الكريم، وليس مناسبة لملء البطون». شهر الطبخ من جانبها ربة المنزل سليمة القاضي لا تتردد في إبداء الاختلاف مع كل هذه الآراء، باعتبار شهر رمضان فرصة لتعلم الطبخ بالنسبة للكثير من الفتيات اللاتي يقمن بمساعدة أمهاتهن في إعداد مائدة رمضان، وكذلك هو شهر الخير والصدقات وتوزيع الطعام على الجيران». تشرح القاضي وجهة نظرها قائلة: «صحيح نحن معشر النساء نطبخ كل مالذّ وطاب من الطعام، تأكل العائلة بعضه والباقي قد يرمى في القمامة، ولكن ما العمل حيال ذلك؟ فبعض الأزواج، إن لم يجد السفرة الرمضانية تعج بكل أصناف الطعام، يعتقد أنَّ زوجته لم تطبخ شيئاً، وعن نفسي إن كان هناك فائض من الطعام أحاول أن أوزعه على الجيران، أو أضعه في الثلاجة لليوم التالي». وفيما يتعلق ببعض من يقوم برمي الطعام في القمامة، تدعو سليمة النساء لأن يحاولن، وعلى قدر الإمكان استغلال الطعام الفائض بدلاً من رميه». نشعر بالجوع امَّا طلال راشد فيعلق على الأمر قائلاً: «تجعلنا المائدة الرمضانية نشعر بعدم الجوع، عندما تكون مملوءة، لكنها لا تكفينا، ونود أن تكون متعددة الأطباق لكي نشبع، ولكن ما يحدث أنَّنا نتناول القليل من اللبن والتمر، مجرد أن يبدأ آذان الإفطار، وإلى جانبها بعضاً من حبات اللقيمات التي تشعرنا بالشبع، حتى لا يعود بإمكاننا إكمال الشوط الثاني بعد الصلاة، فنضطر إلى رمي باقي الطعام». يضيف طلال: «اعتماداً على التجارب التي مررنا بها، أصبحنا الآن نقلل الطعام في السفرة، بعدما عرفنا طاقتنا في الأسبوع الأول من رمضان». ظاهرة سيئة بدوره يعلق سيد متوكل على الأمر قائلاً: «رمي الطعام الفائض في رمضان بالقمامة «ظاهرة سيئة»، خاصة أنَّ بعضاً من ربات البيوت يبالغن في سفرة الإفطار، ويعمدن إلى إمدادها بالحلويات والمقبلات والمحاشي والمشاوي والمشروبات، وكل ذلك قد لا يلزم الصائم منه سوى القليل». وينتقد متوكل بعض تلك الأسر قائلاً: «نرى الكثيرين يستعدون لاستقبال رمضان بكميات كبيرة من المواد الغذائية، تفوق بأضعاف مضاعفة مثيلتها المستهلكة بقية أشهر السنة، وبكميات تفيض عن حاجتهم الفعلية، ليلقى بالفائض في صناديق القمامة». للأكل فقط ليس الأمر بعيداً عن وجهة نظر حسين قمبر الذي يقول: «لقد بات التبذير في شهر رمضان عادة درج عليها الكثير من الناس، فبدلاً من أن تقضي المرأة نهارها في التعبد وقراءة القرآن نراها تمضي جلَّ وقتها في المطبخ لتعد ما لذ وطاب من الأطعمة، وكأنَّ شهر رمضان شهر للأكل فقط»، حيث نجد السفرة بعد انتهاء وجبة الإفطار ما زالت تكتظ بما لذ وطاب من الأطعمة الزائدة عن الحاجة». ويطرح قمبر وجهة نظره في المسألة: «من المفروض أن تعد كل أسرة من الطعام ما يكفيها فقط، وإذا زاد تكون الزيادة معقولة، لكن ما نراه، ويلاحظه الكثيرون، أن الزيادة أحيانا تكون أكثر من الاستهلاك». اقتراح مؤقت بدوره عبدالكريم الملا يقترح حلاً لمسألة الأكل الذي يُرمى في القمامة قائلاً: «لماذا لا تكون هناك لجنة متخصصة من البلدية، مثلما هو موجود في بعض الدول، تتولى استلام الطعام الفائض من المنازل، خاصة عندما يقيم البعض ولائم باذخة في الشهر الفضيل، تقوم اللجنة بتسليم الطعام لجمعية متخصصة تتولى توزيعه وفق آليات مدروسة. خطر الإفراط عن خطر الإفراط في تناول الغذاء، يقول الدكتور سمير سامي ، ماجستير تغذية،: «إنَّ تناول الغذاء الغني بالسكريات والدهون يؤدي إلى اختزان السعرات الحرارية الزائدة عن حاجة الجسم، على هيئة دهون تسبب السمنة التي تزيد من احتمال الإصابة بأمراض القلب والشرايين وارتفاع ضغط الدم، ومرض السكر والتهاب المفاصل والنقرس، وأمراض المرارة، وقد يصاب المرء بالسرطان أيضاً، ومن المفيد الإكثار من الفاكهة الطازجة غير المحلاة والعرقسوس، والبعد عن المشروبات الغازية والشاي الذي يعيق امتصاص الحديد ويؤدي للأنيميا، والاهتمام بتناول السلطة على مائدة الإفطار والتركيز على العصائر الخالية من السكر، والابتعاد عن المقليات واستخدام أسلوب الشواء وتناول الخبز الأسمر والقيام بالحركة والنشاط البدني، لأن الجهد العضلي يساعد على هدم المخزون من الطاقة». أكدت دراسة صادرة عن مركز البحوث الاجتماعية والجنائية‏‏ والجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن ‏83 %‏ من المصريين يغيرون عاداتهم الغذائية في رمضان فيرتفع استهلاك الحلوي بنسبة ‏66.5%، بينما يتزايد استهلاك اللحوم والطيور بنحو ‏63% والمكسرات بنسبة25%‏، نتيجة تبادل الزيارات والولائم التي تزيد بنسبة‏ 23% مقارنة بباقي شهور العام. وقالت الدراسة ، بحسب صحيفة الأهرام ، إن المصريين ينفقون علي الغذاء سنويا‏ 200‏ مليار جنيه‏ ليستأثر شهر رمضان وحده بـ ‏15‏% من هذه النسبة، بما يعادل ‏30‏ مليار جنيه شهريا بمعدل مليار جنيه يوميا‏.‏ وإشارات الدراسة إلى أن 60% من الطعام على الموائد المصرية خلال رمضان يلقى في القمامة ويتجاوز‏ 75‏% في المناسبات والولائم. أما في الأسبوع الأول من رمضان فإن المصريين يأكلون خلاله ‏2.7‏ مليار رغيف‏‏ و‏10‏آلاف طن فول و ‏40‏ مليون دجاجة‏.‏ وكان تقرير لمركز المعلومات برئاسة الوزراء قد كشف عن أن الأسرة المصرية تنفق 44.9% من إجمالي إنفاقها على الطعام سنويا، وأن الطعام يأتي في المرتبة الأولى من حجم إنفاق الأسرة المصرية، فيما يتوقع خبراء اقتصاد أن يتضاعف هذا الرقم في السنوات المقبلة، خصوصا في الأسر الفقيرة والمتوسطة بسبب الارتفاع الحاد في أسعار السلع الغذائية المصرية خلال الأشهر الستة الماضية، والذي بلغ نسب غير معقولة تتراوح بين 100% و250% خصوصا أسعار الزيوت والدقيق.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©