قتل محمد مراح، منفذ اعتداءات مونتوبان وتولوز، ظهر أمس بعدما اقتحمت عناصر من الشرطة الفرنسية الخاصة الشقة التي يتحصن داخلها، لتسمع أصوات انفجارات وتبادل كثيف للنيران استمر 5 دقائق. وأصيب في عملية الاقتحام 3 من عناصر الشرطة أحدهم إصابته خطيرة، فيما أصيب اثنان بصدمة. وهنأ الرئيس الفرنسي ساركوزي أمس الشرطة بعد انتهاء العملية، وحذر الفرنسيين من الأفكار الانتقامية ودعا إلى عدم الخلط بين الإسلام والإرهاب. كما حذر من عقاب جنائي لمن يستخدم الإنترنت لتصفح “مواقع الكراهية” التي تدعو للإرهاب، وكذلك كل من يسافر إلى الخارج لمتابعة نشاطات نشر عقائد تؤدي إلى الإرهاب. وقال إن نشر هذه الأفكار داخل السجون الفرنسية سيخضع أيضاً للمراجعة.
أعلنت مصادر أمنية فرنسية أمس مقتل محمد مراح (24 عاماً) المشتبه به في ارتكابه 3 هجمات أوقعت 7 قتلى في جنوب غرب فرنسا الاثنين، بعد اقتحام عناصر من الشرطة الفرنسية الخاصة الشقة التي تحصن فيها لأكثر من 32 ساعة، داخل أحد المباني في مدينة تولوز بجنوب غرب فرنسا. وتقدمت الشرطة في الشقة بصعوبة، بعد عدة تفجيرات وتبادل لإطلاق النار استمر 5 دقائق. وقتلت عناصر الأمن مراح بينما كان يقفز من شرفة وهو يواصل إطلاق النار. وأضافت المصادر أن 3 من قوات الشرطة الخاصة أصيبوا في العملية، أحدهم “إصابته خطيرة”، فيما أصيب آخران بصدمة.
وناقضت هذه التصريحات ما أعلنه كلود جيون وزير الداخلية الفرنسي في وقت سابق من أن “المشتبه به عثر عليه ميتاً على الأرض”. وكان جيون قال إنه “عندما تم إدخال وسيلة مراقبة (كاميرا) إلى الحمام خرج منه القاتل وهو يطلق النار بعنف وكثافة شديدين، وحاول عناصر وحدة النخبة في الشرطة بالطبع حماية أنفسهم فردوا” بإطلاق النيران. وأشار إلى أن مراح “كان يطلق النار من عدة أسلحة في الوقت نفسه بعنف شديد”. وأضاف أنه “قفز من النافذة وسلاحه في يده ويواصل إطلاق النار، وعثر عليه ميتاً على الأرض”.
وشدد جيان على أن رجل شرطة ذا خبرة كبيرة قال له إنه “لم ير أبدا تبادلا لإطلاق النار بمثل هذا العنف والكثافة”. وسقط مراح من الشرفة وهو يحمل جعبة لم يعرف محتواها. وكان وزير الداخلية الفرنسي أعاد التأكيد صباح أمس على أن السلطات تسعى للقبض على منفذ الاعتداءات حيا لتتمكن من استجوابه، خاصة بعد إعلانه تنفيذ الاعتداءات باسم تنظيم “القاعدة”. لكن جيان أشار إلى أن مراح تشدد في موقفه مساء الأربعاء وأكد أنه “يريد أن يموت والسلاح في يده”، بعد أن قال إنه يريد الاستسلام مرتين ووافق على الحديث مع الشرطة.
ولم يطلق مراح رصاصة واحدة ليل الأربعاء- الخميس على الشرطة، التي قامت بعدة تفجيرات قرب نوافذ شقته لمنعه من النوم، ما دفعهم للاعتقاد بأنه مات أو انتحر. وفي الوقت نفسه سلطت شعاعا ضوئيا على واجهة المبنى الذي قطعت عنه الماء والغاز والكهرباء. وألقى مراح مسدس من طراز كولت 45 من شرفة مقابل هاتف محمول لم يحصل عليه. وكشف مراح خلال مفاوضات مع الشرطة انه منفذ هجمات 11 و19 مارس في تولوز ومونتوبان التي قتل فيها 3 عسكريين من أصل مغاربي و3 أطفال وأستاذ في مدرسة يهودية. وقالت الشرطة الفرنسية أمس الأول إنها ألقت القبض على صديقته وشقيقه، وهما أيضاً متشددان معروفان للسلطات. كما فجرت سيارة المشتبه به بعد أن عثرت بداخلها على أسلحة.
على الصعيد نفسه، هنأ الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي مسؤولي الأمن الذين أشرفوا على اقتحام المبنى الذي اختبأ فيه محمد مراح. وقال بيان لقصر الإليزيه إن “الرئيس يعرب عن تهانيه لجميع قوات الشرطة بعد الأحداث المأساوية التي شهدتها مونتوبان وتولوز”. وقال ساركوزي لاحقاً في كلمة من قصر الإليزيه بثتها وسائل الإعلام إن “السلطات الأمنية نجحت في التحقق من هوية مرتكب سلسلة جرائم القتل في مدينة تولوز الفرنسية والتخلص من خطره”. وأشار إلى فشل جميع محاولات القبض على مرتكب هذه الجرائم حيا.
وحذر ساركوزي الفرنسيين من الأفكار الانتقامية، وقال إن “مواطنينا المسلمين لا علاقة لهم بالدوافع الجنونية للإرهابي”. وأكد أنه “يجب عدم الخلط إطلاقاً، فقبل استهدافه لأطفال يهود، أطلق هذا الرجل النار على مسلمين”. وقال إن فرنسا ستتعلم مما حدث في تولوز وستعاقب مستقبلاً كل شخص يستخدم الإنترنت في الدعوة للكراهية، وكل من يتردد بشكل منتظم على المواقع الإلكترونية التي تحث على الإرهاب وتدعو للكراهية والعنف”. وأضاف ساركوزي أيضاً أنه “من الآن فصاعدا أي شخص يتصفح مواقع على الإنترنت تمجد الإرهاب أو تدعو إلى الكراهية والعنف سيعاقب جنائياً”. وأن “أي شخص يسافر إلى الخارج ليتابع نشاطات نشر عقائد تؤدي إلى الإرهاب سيعاقب جنائياً”. وأكد أنه طلب من وزير العدل التفكير بعمق في انتشار الأفكار المتطرفة داخل السجون وكيفية منع ذلك.
عدد اليوم
