الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«بهلول» ترصد الصعود من أدنى السلم الاجتماعي إلى أعلاه بـ «الشطارة»

«بهلول» ترصد الصعود من أدنى السلم الاجتماعي إلى أعلاه بـ «الشطارة»
23 مارس 2012
(الشارقة)- تتواصل على خشبة معهد الفنون بمنطقة الشويهين بالشارقة القديمة فعاليات الدورة الثانية والعشرين لأيام الشارقة المسرحية التي تتنافس على جوائزها الثلاثة عشرة تسع فرق مسرحية محلية، وتختتم مساء الثامن والعشرين من الشهر الجاري. وقد شهدت خشبة معهد الفنون مساء أمس الأول عرض “بهلول” لفرقة مسرح بني ياس من تأليف جمال سالم وإخراج الدكتور حبيب غلوم. “بهلول” ليست من ذلك النوع من المسرحيات التي تلجأ إلى شخصية “بهلول” الذي يضحك الناس، في حين هو مملوء بالحزن والقهر والعذابات الفردية، كما يمكن ان يحيل إلى ذلك استخدامات هذه الشخصية التراثية والحديثة معا في المسرح العربي الحديث بل هي هنا تتصدى مع بعض الحكايا التي تناقلتها العرب شفويا عن أولئك “الشطار والعيّارين” للتورية في الحديث عن نوع من الناس الذين صعدوا من أدنى السلم الاجتماعي إلى أعلاه من دون أن يتورعوا الاحتيال والنصْب الذي يأخذ مسمّى “الشطارة”، بهذا المعنى فإن “بهلول” بتوقيع حبيب غلوم هي توصيف لفعل وسلوك اجتماعيين راهنين لا أخلاقيين في محل إدانة. أما فيما يتصل بالمشهدية المسرحية فقد لجأ المخرج حبيب غلو إلى تقسيم الخشبة إلى جزأين: المقدمة حيث يدور الفعل المسرحي، ويحدث تبعا لخط درامي غلبت الحكاية، والعمق الذي هو عبارة عن طاولة تم إعدادها لما يسمى بتدريبات الطاولة، أي القراءة المسرحية السابقة على تجسيد المشاهد والتمرن عليها. وحتى هذه اللحظة بدا أن هناك نزعة تجريبية لدى حبيب غلوم أراد من خلالها التأكيد على أن العمل المسرحي “لعبة” في نهاية الأمر أو أنه حاول كسر الإيهام وإدخال المتفرج ذاته في اللعبة المسرحية بوعي كامل لديه بأنه يخوض تجربة مسرحية تجري أمامه، وهو شريك فيها، بمعنى من المعاني. لكن ما الذي حدث؟ أو لماذا بدا العرض كأنما هو بلا إيقاع وبلا خط درامي متصاعد؟ وما هي الرؤية الإخراجية التي وقفت لتبرر هذا العرض على المستوى الفني؟. يبدو أن المخرج كان يدرك مسبقا أن هناك استعجالاً في صياغة العرض نصا ومشهدية وفضاء تتحرك فيه الشخصيات، لذلك كان رهانه الأول على الشخصية الرئيسية “بهلول” في حمل عبء مهم من المستوى الفني للعمل، وهو ما حققه الممثل جمعة بن علي خلال النصف الأول من العمل، لكن الإطالة في العمل زمنيا وحاجته إلى التكثيف التي بدت واضحة قد أرهقت الممثل بالفعل، هو الذي قام بكل ما يمكن أن يقوم به ممثل محترف ومجتهد لديه الاستعداد لتجسيد الشخصية تبعا لشروطها وظروفها الخاصة. في الوقت نفسه ظلّت علاقة مقدمة المسرح، حيث الفعل المسرحي منفصلة إلى حد بعيد عن العمق، حيث طاولة تدريبات القراءة المسرحية، يأتي ممثلون ويأخذون مقاعدهم حول الطاولة، وعندما يأتي دورهم في الفعل المسرحي يتقدمون كيفما اتفق، فمرة يجيء ممثل من اليمين إلى اليسار فيما يدخل ممثل آخر من اليسار أو اليمين ثم مع انتهاء الدور يعود إلى الطاولة أو يختفي في الكواليس من دون أن يفهم المتفرج طبيعة هذه الحركة ولماذا حدثت وما هو دورها في تصعيد التوتر الدرامي، وهذا كله مضافا إليه الحوار الذي ظلّ في مستوى حاجته إلى تكثيف دلالاته ووقوعه في أخطاء لغوية فادحة في كثير من الأحيان يشدّ العمل إلى أرضيته الأولى ومستواه الأول كلما ارتقى به الممثل جمعة بن علي إلى الأعلى. ومع تسليط الإضاءة، التي كانت موفقة في حد ذاتها في تنفيذ مهمتها الأساسية، على مقدمة المسرح بدا أن المسرح كله قد تعطل في العمق من دون مبرر عندما يكون الحدث بعيدا عن الطاولة التي ستشهد تحولا في رمزيتها ومعناها، إلى الحد الذي يدفع المرء إلى التساؤل عن جدوى هذا الحلّ الإخراجي إذا كان نصفه معطلاً وقد غرق في العتمة. وما يخلص إليه المتفرج بعد أن يفرغ من رؤية العمل نتيجة مفادها بأن الاستعجال في صياغة العرض وعدم منحه الفرصة الكافية للنضج الفني بكل عناصره على الخشبة قد أربك الدلالة الواسعة والكبرى لهذا العمل والتشويش عليها، وجعل الرؤية الإخراجية بعيدة عن إدراك المتفرج باستثناء ما برز منها على سطح العرض ليبقى الكامن خلف العرض غارقا في عتمة المسرح وضبابية المشهد. إن ما قدمه الدكتور حبيب غلوم في “بهلول” كان من المنتظر منه أن يصعّد من المنافسة داخل المسابقة ومن الجدل الدائر حول أفضل العروض التي تمّ تقديمها حتى الآن، ولكن العرض كان أقل من المأمول به. يعرض اليوم يعرض اليوم في السابعة مساء على خشبة مسرح معهد الفنون، مسرحية “من هب ودب” لمسرح رأس الخيمة الوطني تأليف أحمد الماجد وإخراج حسن رجب. كما تعرض في الثامنة والنصف على خشبة مسرح معهد الفنون، مسرحية “زهرة مهرة” لمسرح عجمان الوطني، تأليف إسماعيل عبد الله وإخراج أحمد الأنصاري.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©