الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العلماء: رمضان يوحّد الأمّة.. ويرسخ التعاون

العلماء: رمضان يوحّد الأمّة.. ويرسخ التعاون
19 مايو 2017 16:50
القاهرة (الاتحاد) جعل الله لعباده مواسم للطاعة والمغفرة، واقتضت حكمته تفضيل بعض البشر والرسل، والأماكن والأزمنة على بعض، ورمضان من الأشهر الفاضلة، أنزل الله فيه القرآن، وشرع فيه الصوم، قدره عظيم، وفيه تصفد الشياطين، وكتب الصيام على المؤمنين لغاية مقدسة وهي التقوى، فالصوم يخلص الإنسان من عبودية الجسد والغرائز، ويكسر الشهوة بالمراقبة الصادقة، فيكون رمضان وسيلة إلى التقوى. ورمضان من أهم المناسبات التي تمر على المسلمين كل عام، فالأمة لا تكاد تتوحد على شيء مثلما تتوحد على ترقبها لشهر الصيام، وفيه تتقارب وتتكاتف وتتوجه إلى الله بالعبادات في أوقات معلومات، ودعا علماء الدين إلى الاستفادة واستغلال النفحات المباركة في الشهر العظيم من بدايته، وعدم تضييع هذه الأيام والليالي الكريمة. أمة واحدة ويقول الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن الصوم يقوي في نفس المسلم الارتباط بالجماعة، ويرسخ معنى الاتحاد للتعاون والتناصر، فالمسلمون يصومون ويفطرون عن عند رؤية الهلال، ويمسكون عند الفجر ويفطرون عند المغرب، ولسان حالهم يردد مع قول الله تعالى: (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ)، «سورة الأنبياء: الآية 92»، (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا...)، «سورة آل عمران: الآية 103». وأضاف: لا يوحد لدى الأمة مثل شهر رمضان، يتفق فيه المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها على تعظيمه، يجتمعون على العبادة والطاعة، يدعو إلى وحدة الصف، وتتجلى فيه تربية الصائمين على الصبر وقوة الإرادة، واحتمال المتاعب، والتقشف وضبط النفس، وتكتمل الوحدة على أساس متين من الدين، وتنبع من ساحة الصوم. وأوضح أن الأدلة من الكتاب والسنة تضافرت على طلب الشارع لوحدة المسلمين، وبصيغ تؤكد وجوبها، وترتب العقوبة على التفريط في تحقيقها في الواقع، قال تعالى: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)، «سورة الأنفال: الآية 46»، أمرهم بالطاعة لله ولرسوله، ونهاهم عن التنازع وهو تجاذب الآراء وافتراقها، وأكد النهي عن التنازع بذكر مفاسده وأضراره وأخطرها الفشل وذهاب الريح، قال الإمام الرازي: بيّن تعالى أن النزاع يوجب حصول الفشل والضعف، وقال البغوي: بعث الله الأنبياء كلهم بإقامة الدين والألفة والجماعة وترك الفرقة والمخالفة. شهر القرآن وقال الدكتور عبدالفتاح إدريس، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر: رمضان شهر القرآن، ومن أفضل ما تعمر به الأوقات في هذا الشهر الاهتمام بالقرآن حفظاً وتلاوة وتدبراً وعملاً، وأخبر سبحانه بخصوصية شهر الصيام من بين سائر الشهور بأن اختاره لإنزال القرآن العظيم فيه، وربط بين صوم رمضان، والقرآن الكريم، فقال: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى? وَالْفُرْقَانِ...)، «سورة البقرة: الآية 185»، وقال تعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ)، «سورة القدر: الآية 1»، وقال: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ...)، «سورة الدخان: الآية 3»، فأهل الصيام هم أهل القرآن، وشهر رمضان فرصة لمدارسة القرآن ومعرفة أحكامه، ولم يقتصر الأمر على التلاوة. وأضاف: يقول ابن كثير: يمدح تعالى شهر الصيام من بين سائر الشهور بأن اختاره من بينهن لإنزال القرآن العظيم، وكما اختصه بذلك قد ورد الحديث بأنه الشهر الذي كانت الكتب الإلهية تنزل فيه على الأنبياء، وقال الإمام أحمد بن حنبل، عن ابن الأسقع أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «أُنزلت صحف إبراهيم في أول ليلة من رمضان، وأنزلت التوراة لست مضين من رمضان، وأنزل الإنجيل لثلاث عشرة خلت من رمضان، وأنزل الزبور لثماني عشرة خلت من رمضان، وأُنزل القرآن لأربع وعشرين خلت من رمضان». وأشار إلى قول ابن عباس، أنزل القرآن جملة واحدة إلى السماء الدنيا، وكان بمواقع النجوم، وكان الله ينزله على رسوله صلى الله عليه وسلم بعضه في إثر بعض، وقال، أنزل الله القرآن إلى السماء الدنيا في ليلة القدر، فكان الله إذا أراد أن يوحي منه شيئاً أوحاه. تصفيد الشياطين ويؤكد العلماء أن هذه فرصة لتجديد التوبة في هذا الشهر الكريم، لأن مردة الشياطين تصفد، كما روى أبو هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أتاكم رمضان شهر مبارك فرض الله عز وجل عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب السماء، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه مردة الشياطين، لله فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم»، وفي رواية: «إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن...». وقد أيّد الله عباده بأن حجب عنهم الشياطين وسلسلهم وصفدهم عوناً منه جل وعلا لعباده حتى يستزيدوا من الصلاح ويسارعوا لأبواب الجنان والفلاح، فإن الملائكة تتنزل في هذا الشهر تحف بالمسلمين وتستغفر لهم وتحفظهم من الشياطين ومردة الجن، فالمسلم بالطاعة والإكثار من البر والخير، يستطيع أن ينتصر عليهم ويهزمهم. ونقل الحافظ ابن حجر في الفتح عن القاضي عياض قوله: إن لدخول الشهر وتعظيم حرمته، إن الشياطين يقل إغواؤهم فيصيرون كالمصفدين. وقال القرطبي، المصفد بعض الشياطين وهم المردة لا كلهم، أو المقصود تقليل الشرور، إذ لا يلزم من تصفيد جميعهم أن لا يقع شر ولا معصية، لأن لذلك أسباباً غير الشياطين كالنفوس الخبيثة والعادات القبيحة والشياطين الإنسية، وقال ابن حبان: الشياطين تسلسل وتغل في رمضان على ظاهر الحديث أو المراد مردة الشياطين كما في هذا اللفظ. وتصفيد الشياطين حقيقي، ولا يلزم منه ألا تحصل شرور أو معاصٍ بين الناس، ومن تيسير الله لعباده المؤمنين سبل طاعته، وتسهيله لهم ترك معصيته، والشيطان عدو لآدم وذريته، إذ لا يوجد الإنسان إلا كان الشيطان بجانبه، يحسده على الخير، ويدبر له ويكيد المكائد ويغريه بالمعاصي، ويزين له الابتعاد عن الطاعة. ثمرات الصوم يقول الدكتور نصر فريد واصل مفتي الديار المصرية الأسبق: من أعظم ثمرات الصوم، الإقبال على الله وتحصيل التقوى التي لا تنال بشيء مثله، وكسر شهوات النفس، والنشاط للعبادة، والتقوى هي الغاية الأولى للصيام والحكمة الأساسية من فرضه، وما عداها من الحكم والفوائد فتَبَعٌ لها أو منبثقة عنها، وذكر الله تعالى الحكمة من مشروعية الصيام وفرضه علينا في قوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، «سورة البقرة: الآية 183». وأشار إلى تفسير العلماء، بعض الحكم من مشروعية الصيام، وكلها من خصال التقوى، فالصوم وسيلة إلى شكر النعم، وكف النفس عن الطعام والشرب والجماع، وترك المحرمات، وسبب لاتقاء محارم الله، والتغلب على الشهوة، لأَن النفس إذا شبعت تمنت الشهوات، والتقوى جامعة لخصال الخير والبر في الدنيا والآخرة، وتعني خشية الله ومراقبته، والالتزام بما كتبه على عباده، فمن أهم ما يثمره الصيام في الصائمين، تقوى الله عز وجل، وقد جمع للمتقين، دخول الجنة، والوقاية من النار. وقال إن التقوى طاعة الله عز وجل واتقاء غضبه، ومن تمامها أن يدع الإنسان بعض الحلال مخافة الوقوع في الحرام، فالمؤمن التقي ورع لا يحوم حول الحمى، ولا يدنو من الشبهات، ويترك ما يريبه إلى ما لا يريبه، ومن ثم يخشى ربه في السر والعلن.  
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©