الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

العلماء: الصدقة الجارية.. الاستثمار الصالح

العلماء: الصدقة الجارية.. الاستثمار الصالح
19 مايو 2017 15:45
أحمد مراد (القاهرة) وصف علماء في الأزهر الصدقة الجارية بأنها من أبواب الاستثمار الصالح الذي يربح منه المسلم في حياته وبعد مماته، داعين المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها إلى التمسك بها باعتبارها قيمة وفضيلة إسلامية لها منافع وآثار طيبة في الدنيا والآخرة، وأكدوا أن الصدقة الجارية تدفع عجلة التنمية في جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والرعاية الصحية، مشيرين إلى أن لها أبواباً كثيرة، مرتبطة بحاجة الناس في دينهم ودنياهم، ومن هذه الأبواب بناء المساجد ورعايتها، وإنشاء المراكز الطبية الخيرية، وزراعة الأشجار والنباتات، وبناء البيوت، وبناء دور للمسنين وللأيتام واللقطاء والمشردين، والجامعات والمدارس. قيمة طيبة الرئيس الأسبق للجنة الفتوى بالأزهر، فضيلة الشيخ عبدالحميد الأطرش، وصف الصدقة الجارية بأنها قيمة وفضيلة إسلامية لها منافع وآثار طيبة في الدنيا والآخرة، ففي الدنيا تعد من عوامل تنمية المجتمع والمحافظة عليه، وفي الآخرة يكون لفاعلها ثواب عظيم عند الله سبحانه وتعالى، وهو الأمر الذي أدركه السلف الصالح جيداً، حيث كانوا يتسابقون في فعل الصدقة الجارية، حتى يعم خيرها على المتصدق حياً وميتاً، وتعود بالنفع على بقية أفراد المجتمع المسلم. وقال الأطرش: حث الرسول على الصدقة بصفة عامة، والصدقة الجارية بصفة خاصة، فقال صلى الله عليه وسلم: «ما من مسلم يغرس غرساً إلا كان ما أكل منه له صدقة، وما سرق منه له صدقة، وما أكل السبع منه فهو له صدقة، وما أكلت الطير فهو له صدقة ولا يرزؤه أحد إلا كان له صدقة».. ولقد اتسمت الحضارة الإسلامية بخصائص عدة تفردت بها،&rlm ورسم الطابع الخيري ركناً أساسياً منها، ليتجسد التفاعل بين أبناء الأمة الذي ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين قال: «ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى عضواً تداعى له سائر جسده بالسهر والحمى»، وقد كان الوقف الإسلامي، وهو نوع من الصدقة الجارية من الخصائص التي انفرد بها الإسلام في مجال العمل الخيري، ودعا المسلمين إلى تطبيقها، حرصاً على ديمومة أعمال البر والإحسان، بهدف التقرب إلى الله سبحانه وتعالى، وتوثيقاً للعلاقات بين أفراد المجتمع، وقد لعب الوقف الإسلامي دوراً تاريخياً في دفع عجلة التنمية في جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والرعاية الصحية، فقد انتشرت الأوقاف على نطاق واسع في محيط العالم الإسلامي شرقاً وغرباً، حيث تبارى المسلمون في إنشاء الأسبلة باعتبارها نوعاً من الصدقة الجارية. وأضاف: لم يتوقف المسلمون عند ذلك، بل امتد الوقف الخيري إلى عمارة الأرض فأوقفوا على المساجد والمدارس والمستشفيات، ثم تجاوز الوقف الإسلامي حاجات الناس إلى حاجات الدواب والحيوان، فوقفوا أوقافاً لها، والناظر في تاريخ الحياة العلمية للمسلمين يعرف أن دعم النشاط العلمي قد قام على نظام الوقف على مدى قرون عدة في التاريخ الإسلامي، وكان أكبر مثال لذلك الجامع الأزهر. ثواب لا ينقطع وأوضح الدكتور عبدالفتاح عاشور، أستاذ التفسير بجامعة الأزهر، أن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: (... وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ...)، «سورة المزمل: الآية 20»، ومن فضل الله علينا أن جعل لنا أعمالاً صالحة يستمر ويتضاعف أجرها حتى بعد موت أحدنا، حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا مات ابن آدم، انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علمٍ ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له»، والحرص على ما ينفع بعد الموت من الأشياء التي يتميز بها عباد الله الصالحون، الذين يرجون رحمة الله في الدنيا والآخرة. وقال الدكتور عاشور: وقد روي أنه كانت لرجل من بني غفار عين يقال لها رومه، وكان يبيع منها القربة بمد، فقال صلى الله عليه وسلم: تبعنيها بعين في الجنة؟ فقال: يا رسول الله ليس لي ولا لعيالي غيرها، فبلغ ذلك عثمان: فاشتراها بخمسة وثلاثين ألف درهم، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: أتجعل لي ما جعلت له؟ قال صلى الله عليه وسلم: «نعم»، قال: قد جعلتها للمسلمين، وهذا سعد بن عبادة رضي الله عنه الذي تميز وعرف ببره لأمه، أراد أن يوقف وقفاً لها ينال به الأجر عند الله عز وجل، فقال: يا رسول الله إن أم سعد ماتت فأي الصدقة أفضل أي أكثر ثواباً؟ قال صلى الله عليه وسلم: «الماء»، فحفر سعد رضي الله عنه بئراً، وقال: هذه لأم سعد. وأشار إلى أن للصدقة الجارية أبواباً كثيرة، مرتبطة بحاجة الناس في دينهم ودنياهم، ومن هذه الأبواب الوقف لبناء المساجد ورعايتها، والقيام بشؤونها، أو توزيع الكسوة للفقراء والأرامل والمحتاجين، وإطعام الجائعين، ومنها الوقف على المكتبات العامة كإنشائها وإيقاف الكتب الشرعية بها، وإنشاء المراكز الطبية الخيرية، وأهمها الوقف على نشر دعوة ورسالة الإسلام، وكذلك بناء مراكز الأيتام، ورعايتهم والعناية بهم، ومنها الوقف على جمعيات تحفيظ القرآن الكريم، وتفريج الكرب من ديون وغيرها، ويجد المسلم يوم القيامة عمله حاضراً (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوءٍ)، «سورة آل عمران: الآية 30». استثمار في الحسنات أوضح الدكتور عبدالفتاح إدريس، أستاذ ورئيس قسم الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون في جامعة الأزهر، أن الصدقة الجارية، هي كل عمل يستمر أجره وثوابه حتى بعد موت الإنسان، وانتقاله إلى جوار ربه، وهي بمثابة استثمار صالح في الحسنات، وباب أجر مفتوح لتزداد الأعمال الصالحة في الميزان، فالصدقة الجارية هي التي تبقى مدة طويلة، كبناء مسجد أو حفر بئر، أما الصدقة التي لا تبقى كالصدقة بمال على فقير أو بطعام، فهذه، وإنْ كانت صدقة لها ثوابها إلا أنها ليست جارية، لأنها لا تبقى، وهي سبب لإطفاء غضب الله سبحانه وتعالى، ونيل رضاه ورحمته وعفوه، فتمنع عذاب القبر، وترفع درجة المؤمن في الجنة، وتجعله في أعلى الدرجات. وأضاف: «عن أنس رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «سبع يجري للعبد أجرهن وهو في قبره بعد موته: من علم علماً، أو أجرى نهراً، أو حفر بئراً، أو غرس نخلاً، أو بنى مسجداً، أو ورث مصحفاً، أو ترك ولداً يستغفر له بعد موته»، حيث ينبغي للمسلم أن يعدد مصارف صدقاته، حتى يكون له نصيب من الأجر مع أهل كل طاعة، فيجعل جزءاً من ماله لتفطير الصائمين، وجزءاً آخر لكفالة اليتيم، وثالثاً لدار المسنين، ورابعاً يساهم به في بناء مسجد، وخامساً لتوزيع الكتب والمصاحف، وهكذا ومن الأمثلة على الصدقة الجارية، بناء المساجد والمستشفيات والمراكز الصحية، زراعة الأشجار والنباتات، بناء البيوت والأسوار والاستراحات لمنفعة عامة المسلمين، طباعة القرآن الكريم أو الأدعية النبوية الشريفة والأحاديث القدسية والكتب الدينية وتوزيعها، وتعليم القرآن للناس وتفسيره وتحفيظه لهم، وحفر آبار مياه الشرب أو توصيلها وسقاية الأشجار، ونشر العلم والدين، وبناء دور للمسنين وللأيتام واللقطاء وبناء الجامعات والمدارس ومراكز التعليم، وغير ذلك.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©