الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كريستيفا.. هل كانت عميلة للاستخبارات البلغارية؟

كريستيفا.. هل كانت عميلة للاستخبارات البلغارية؟
18 ابريل 2018 20:54
«أحدهم يريد إلحاق الضرر بي»، هكذا أكدت جوليا كريستيفا بعد نشر مجلة «لوبز» قبل أيام قليلة موضوعاً عن عضويتها «كعميلة» للاستخبارات الشيوعية البلغارية (داجارنا سيغورنوست). وأضافت: «تلك حكاية بوليسية عن الافتراء والاستخبارات السرية (DS) التي تصنع تحقيقات قذفية». وبحسب النفسانية واللغوية الفرنسية - البلغارية، 76 عاما، يتعلق الأمر بمعلومات «مضحكة وزائفة». رد فعل كريستيفا هذا، لم يجد القبول عند ايفتيم كوستادينوف، مدير لجنة تصنيف وثائق أمن الدولة (الجهاز البديل لاستخبارات الـ (كي جي بي) البلغارية) الذي قال: «نحن نطبق القانون»، معتمداً قرار نشر الوثائق كاملة على موقع اللجنة، «لكي يعرف الجميع نشاطات العميلة«سابينا»، الاسم المستعار لكريستيفا». تفاصيل التجنيد «كلما أصبحت عالمة معروفة، أصبحت مفيدة لنا»، هكذا كتب العميل «بتروف»، الذي بدأ الاتصالات الأولى وعمليَّة «تجنيد» جوليا كريستيفا في تقريره. بدأ أول لقاء قبل رحيل الشابة ذات الأربعة وعشرين عاماً إلى باريس، بعد حصولها على منحة دراسية: «في حال الحاجة لها، سوف يتم استخدامها طوال إقامتها في فرنسا، كما كتب ضابط الاستخبارات، وأضاف:«لقد وافقت جوليا على العمل». ولإعداد المثقفة لممارسة الدور المنوط بها مستقبلاً، ذكر في رسالة ترجع إلى عام 1966، أن العميل«سترلتسوف» (فلاديمير كوزتوف) استخدم كريستيفا بناء على«قواعد رسمية». لقد طلب منه«إعداد الصحافية جوليا كريستيفا نفسياً» للاستفادة منها في العمل الرسمي. وفلاديمير كوزتوف، صحافي ومدير عدد من المجلات الموجهة للشباب، عمل في خدمة الاستخبارات البلغارية حتى عام 1976، عام سفره إلى باريس وطلبه اللجوء السياسي منها. كانت السنوات الأولى لكريستيفا مرحلة مراقبة أكثر منها«تعاون»، حتى وإن قامت بإرسال بعض المعلومات، بدءا من عام 1976، إلى«محركها»المباشر،«لوبوميروف»، مثل انطباعات فرانسيس كوهين، عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي الفرنسي، عن زيارته لبلغاريا، حيث عبر عن عدم رضاه عن«الشدة» التي يمارسها الحزب في صوفيا. في 12 نوفمبر 1970، أجرى بتروف لقاء تجنيدياً مع كريستيفا وصفه«بالناجح»، مقترحا ضم الشابة إلى جهاز الاستخبارات ومنحها اسم«سابينا». بعد شهر من التجنيد، أخبرت سابينا (كريستيفا) لوبوميروف عن«الأوساط الثقافية الفرنسية»، مبينة له أن«الحكومة تعين في مراكز المسؤولية بالمعاهد الثقافية والعلمية التابعة للدولة، مثقفين ذوي أفكار رجعية يعملون لصالح المؤسسات البورجوازية». وبحسب كريستيفا، فإن الإذاعة والتفلزة الفرنسية ممتلئة«بالصهاينة» الذين«يمررون بمهارة الأفكار المناصرة لإسرائيل»،«وهذا ما يجري أيضاً مع المجلات والدوريات ذات المواقف التقدمية»، كما أضافت. ولكي توضح تقريرها، اتهمت المثقفة مجلة «لانوفيل أوبزرفاتور»، الفرنسية ذائعة الصيت بأنها تدير البروباغندا الإسرائيلية، والتي كتبت عن موشيه دايان بأنه رجل«مستعد للحل السلمي». وفي نفس التقرير المفصل، المؤرخ في 10 ديسمبر 1970، انشغلت سابينا بموقف الشاعر لوي أراغون:«يواصل عضو الحزب الشيوعي لوي أراغون طريقه المختلف مع الحزب إزاء أحداث براغ». كل تقرير منسق ببطاقة تبين قيمة المعلومات التي أرسلتها سابينا:«ضعيفة» أو«تافهة». في وثيقة ترجع إلى 1977، يجزم الكولونيل فلاديميروف:«قبل التأكد من أن (سابينا) اعتنقت المواقف الموالية لماو، تم استبعادها من جهاز المتعاونين، وذلك بدءا من عام 1973». لم يمنع انضمام العميلة سابينا (كريستيفا) إلى جهاز الاستخبارات الجواسيس البلغاريين من مراقبة حياتها وزوجها فيليب سولرز: سيارة صغيرة لها وكبيرة لفيليب، الشقة تحتوي على أربع غرف وأثاث قديم، وتحف صينية في الصالة. مع قدومها إلى فرنسا، كانت محل شك من اليمين المتطرف، وهناك مقالات وصفتها بالجاسوسة، أو على الأقل وسيلة ابتزاز تابعة للاستخبارات السوفييتية. أحب الحزب الشيوعي (الفرنسي) أن نعيد رسم تاريخ أراغون- إلزا أمام أعينكم، هكذا قال زوجها فيليب سولرز في حوار سابق بصحيفة (ليبراسيون، 24 يوليو 2015). وبالنظر إلى نماذج من روايات فيليب سولرز، يمكن للمرء أن يتساءل: هل يلقي كشف أسرار زوجته، جوليا كريستيفا، الضوء من جديد على كتاباته؟ فمن المعروف أن سولرز، في رواياته، يعطي دوراً مهماً ومعتبرا للعميل السري، يقول:«كل رواياتي تتحدث عن هذه السرية». ففي روايته «هوى ثابت»، كتب:«أنت تحت المراقبة». وفي رواية«سر»، يتبدى العميل السري كاستعارة بطولية للروائي الكبير- بطل الرواية، الذي يهرب، بقوة الأدب المخربة، من رقابة المجتمع الذي يطارده. أما في روايته«نساء»، فتضطهد عميلة سرية الراوي وتتمتع بمراقبته. سولرز: لماذا الاختلاق؟ ولكن هل ظل فيليب سولرز صامتا كعادته؟ هذه المرة، لم يجد أمامه الا موقع«لا ريغل دو جو»(اليميني بامتياز، لصاحبه الصهيوني برنار هنري ليفي)، لكي يكاتبه برسالة قصيرة:«لماذا تقوم الاستخبارات السرية التوتاليتارية العجوز باختلاق «أرشيف» ضد جوليا كريستيفا التي طالما هاجمتها بضراوة؟ لماذا غسلت مطبوعات مرموقة مثل «لوموند» و«لوبز» هذه المعلومات المزيفة؟ ثمة أسباب مجهولة (...) بالتأكيد تقف وراء سرعة تصديق هذه المعلومات. ما يحدث ليس سوى مهرجان ذي خاصية شعبوية فاشية، يستهدف جوليا كريستيفا، وبطريقة ساذجة، يستهدفني أنا أيضا بصفتي كاتباً. لنضع الأمور في نصابها، في عدد يونيو 1971 من مجلة «تل كيل» نرى «لوبز» (لو نوفيل اوبزرفاتور وقتذاك) تجذب ماو، ومحررها (جون دانيال) يُكافأ بصورة تثير الاستياء. ما هي اللذة القابعة خلف تجنيد جوليا كريستيفا، كما يقال في عام 1971، لصالح الشرطة السوفييتية؟ (...) منذ عام 1971، كانت الأمور أكثر وضوحا، بالنسبة للشرطة الروسية، أي البلغارية، أي الفرنسية. إن سرعة تصديق اليسار الفرنسي، بالنسبة «للأرشيف» (...) تثير الدوار، وتبين الجهل المحبط. يتحدثون كثيرا وبلا انقطاع عن كل هذه الأشياء، عن الحرب الباردة وعن جون لو كاريه، أي عن سينما عتيقة بالأسود والأبيض، بينما يتبدى أن التسميم الفرنسي أكثر تأثيراً من ذي قبل في كل ما يتعلق «بالشيوعية». عصرنا مذهل، ظاهرياً، بجهله الأحمق، وتحديداً يساريّوه. (لو ريغل دو جو، 11 أبريل 2018). كريستيفا: هجوم مضاد مع نشر أول خبر عن هذه العلاقة على صفحات«لوبز»، أنكرت جوليا كريستيفا بقوة يوم الأربعاء 28 مارس، كونها كانت عميلة للاستخبارات السرية البلغارية. وقالت لمجلة«لوبز» عن هذه المعلومات المتواترة:«ليست فقط مضحكة ومزيفة»، ولكنها«تصيب شرفها وسمعتها في مقتل». هذه المعلومات«تسبب ضررا لعملها»، كما أضافت. مُهدِّدةً بملاحقة المطبوعات التي تناولت الموضوع قضائياً، اعتبرت مؤلفة«هذا الاحتياج العجيب للاعتقاد»، و«العبقرية النسوية» و«تيريز حبيبتي» أن هذه المعلومات«قذفية». وعند سؤالها عن وجود بطاقة تحمل اسمها لدى قسم الخدمات الخارجية بالاستخبارات البلغارية، أكدت كريستيفا أنها كانت«محل مراقبة» من قبل هذه الاستخبارات. معلومات البطاقة جوليا ستويانوفا كريستيفا تاريخ الميلاد: 24/‏‏ 06/‏‏ 1941 مكان الميلاد: سليفن تجنيد: 19/‏‏ 06/‏‏ 1971 بواسطة الملازم ايفان ديمتروف بوجيكوف متعاونة: داجارنا سيغورنوست، المديرية الأولى (القسم الأول)، المديرية الأولى (القسم الثالث). صفة: عميلة، متعاونة سرية اسم مستعار: سابينا مع عرض هذه الوثيقة عليها، قالت كريستيفا:«أحدهم يريد إلحاق الضرر بي»، وأضافت منهية الحديث:«لا نعرف بعد ما الذي يوجد في هذا الملف»(لوبز، 28 مارس 2018). بيد أن كريستيفا لم تكتف بهذه الكلمات، ونشرت مقالاً بعنوان«حق الرد» في«لوبز»، مساء الأربعاء 11 أبريل قالت فيه:«اختارت (لوبز) ان تنشر تحقيقا طويلاً بعنوان: «جوليا كريستيفا عميلة سابقة للاستخبارات البلغارية»، كرسته لكي تمنحني دوراً روائياً لعميل استخبارات لدى الخدمات السرية البلغارية بين 1970 و1973. ولإثبات الاتهام، نشر تقرير «أرشيف» الشرطة البلغارية، الذي يذكر مشاركتي في أنشطة الاستخبارات تحت اسم مستعار فنتازي «سابينا». لقد أنكرت علانية مضمون هذه التقارير وهذه المعلومات الخيالية. المقال الذي نشرتموه يدفعني إلى الإنكار ثانية: أصر على عدم مشاركتي بأي صورة من الصور في أي أنشطة ذكرها الكشف المفاجئ وغير المقبول والمضر بأبحاثي في مجالات التحليل النفسي واللغوي، والفلسفة والسؤال السياسي للتوتاليتارية، وبالأخص في تحليلي لنتاج هانا آرندت (...). غادرت بلغاريا، بفضل منحة من الحكومة الفرنسية، في ظروف صعبة، تاركة عائلتي ورائي، واعية بأن المواقف التي سوف أتبناها في الناحية الأخرى من الستار الحديدي تعرض عائلتي، وتحديدا والدي لمخاطر نظام توتاليتاري. هذه الرواية قديمة، ولكن يتبدى لي اليوم (...) أن الممارسات المريبة للشرطة السرية في هذه الأنظمة لم تزل نشطة وسامة. باحثون وصحافيون، في هذه الدول الشيوعية السابقة، يتظاهرون اليوم بقوة ضد هذه التلفيقات واستغلالها من قبل لجان مغرضة. أحببت العثور، في المقال الخاص بهذا «الأرشيف»، على أثر هذه الفطنة النقدية، بدلا من سرعة تصديق هذه النفايات الماضوية. يكفي قراءة الجمل العجيبة المنسوبة إلي، بصورة غير مباشرة، عن أراغون والسوريالية، «ربيع براغ» أو «الممارسات المناصرة لفلسطين»، التي أفشلتها «البروباغندا الفرنسية الخاضعة للمنظمات الصهيونية»، وأخيرا، الاستعارة الكاملة (20 صفحة مترجمة إلى البلغارية!) لحواري مع جون- بول انتهوفن عن «المنشقين» في «نوفيل أوبزرفاتور» (عدد 658، 20-26 يونيو 1974)، هذا الحوار الذي جعلني «شخصا تحت المراقبة» أكثر من كوني «عميلة»، مما يبين أن هذه السيطرة تنسجها وتؤولها شبه - مصادر إعلامية على هواها (...). إن اعتماد المقال المكرس عني على معلومات مؤرشفة في بناية ستالينية يشارك – وأخشى من ذلك – في إدامة عمل هذه الأساليب التوتاليتارية بدون أي تعقيدات. ولذا أحببت أن يكون اكتشاف هذا الأرشيف مناسبة لمجلة مثل مجلتكم لإثارة مشاعركم إزاء هذه المؤسسات الشائنة! (...) هذا «الأرشيف» أحافير أيديولوجية شجبتها وقاومتها الديمقراطيات: لماذا يتم اليوم الاعتقاد بها؟ (...) من اللازم دوما طرح السؤال: من المستفيد؟. وثمة سؤال آخر أكثر واقعية، هل من الممكن أن تكون الوثائق زائفة؟ من جهتها، أكدت ايكاترينا بونشيفا، مندوبة المعارضة وعضو اللجنة،«إذا كان لدى السيدة كريستيفا مشكلة مع المنشور، عليها أن تراجع الأمر مع الاستخبارات البلغارية، وليس معنا». أين الفطنة النقدية؟ هناك باحثون وصحافيون في هذه الدول الشيوعية السابقة يتظاهرون اليوم بقوة ضد هذه التلفيقات واستغلالها من قبل لجان مغرضة. تمنيت لو أنني عثرت في، المقال الخاص بهذا «الأرشيف»، على أثر هذه الفطنة النقدية، بدلا من سرعة تصديق هذه النفايات الماضوية. يكفي قراءة الجمل العجيبة المنسوبة إلى، بصورة غير مباشرة، عن أراغون والسوريالية، «ربيع براغ»، أو «الممارسات المناصرة لفلسطين»، التي أفشلتها «البروباغندا الفرنسية الخاضعة للمنظمات الصهيونية»، وأخيرا، الاستعارة الكاملة لحواري مع جون- بول انتهوفن عن «المنشقين» في «نوفيل أوبزرفاتور»، وهو الحوار الذي جعلني «شخصا تحت المراقبة» أكثر من كوني «عميلة»، كل هذا، يبين أن هذه السيطرة تنسجها وتؤولها شبه - مصادر إعلامية على هواها (...). أسئلة منطقية لماذا تقوم الاستخبارات السرية التوتاليتارية العجوز باختلاق «أرشيف» ضد جوليا كريستيفا التي طالما هاجمتها بضراوة؟ لماذا غسلت مطبوعات مرموقة، مثل «لوموند» و«لوبز» هذه المعلومات المزيفة؟ ثمة أسباب مجهولة (...) بالتأكيد تقف وراء سرعة تصديق هذه المعلومات. ما يحدث ليس سوى مهرجان ذي خاصية شعبوية فاشية، يستهدف جوليا كريستيفا، وبطريقة ساذجة، يستهدفني أنا أيضا بصفتي كاتباً. فيليب سولرز، زوج كريستيفا
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©