للحلقة الثانية على التوالي من حلقات المرحلة الثانية من مسابقة «شاعر المليون» في موسمها السادس، يتألق الشعر، ويرتفع عالياً بجمهوره الذي ينتصر للنص الجميل، الذي يخضع لاعتبارات كثيرة تحددها تقييم لجنة التحكيم، وبالتالي إذا كان تصويت جمهور الموقع الإلكتروني، وتصويت جمهور المسرح منحازاً في غالبيته إلى شعراء دون آخرين، فإن اللجنة لا تفوّت نصاً من دون أن تقدم فيه نقداً موضوعياً ،وإن كان قاسياً، وخصوصاً رأي غسان الحسن، الذي يحسب له الشعراء أكثر من حساب، فمشرط النقد عنده حاد ومتميز، فيما يلقب رأي سلطان العميمي بـ «الرادار» لدقته في كشف الأخطاء وأيّ خلل في الوزن، فيما يعد رأي حمد السعيد «حبة المهدئ» التي يستأنس بها الشعراء.
نتائج الحلقة الماضية
قبل أن يُعطي المخرج الإشارة لشعراء الحلقة الثانية من المرحلة الثانية، اجتمع على خشبة مسرح شاطئ الراحة شعراء الحلقة الماضية، الذين كانوا بانتظار نتائج تصويت الجمهور عبر الرسائل النصية القصيرة، وانتهى الانتظار بفوز الشاعر كامل ناصر البطحري/ سلطنة عُمان بـ85%، فيما كان الفائز الثاني حمد سعيد البلوشي/ من الإمارات الذي حصل على 52%.
وقبل أن يترجل بقية الشعراء عن مسرح المسابقة؛ استفاد الشاعر بدر بندر العتيبي/ الكويت من المفاجأة، التي أعلنت عنها لجنة التحكيم أمس الأول، وهي بطاقات التثبيت الثلاث، التي تمكّن ثلاثة شعراء من شعراء المرحلة الثانية من النجاة والتأهل إلى المرحلة الثالثة، التي بدل أن يصل إليها 12 شاعراً كما كان مقرراً، بات العدد 15 شاعراً يتنافسون على مدار ثلاث حلقات. ذلك أن مستوى الشعراء في هذا الموسم فرض على اللجنة اتخاذ ذلك القرار.
ثم اجتمع سبعة شعراء جدد على المسرح، وهم علي القرني ووديع الأحمدي/ السعودية، وأحمد المجاحمة وعبدالله الهذال/ الكويت، وبخيت المري/ قطر، وعلي الغنبوصي/ سلطنة عُمان، وفلاح البدري/ العراق.
وبحسب رأي لجنة التحكيم، فقد كان التأهل للمرحلة الثالثة من نصيب عبدالله الهذال، الذي حصل على 49 درجة، فيما يتوجب على بقية الشعراء انتظار نتائج التصويت حتى مطلع الحلقة المقبلة.
واقعية ورومانسية
بحضور الشاعرين أمير شعراء الموسم الأول من برنامج «أمير الشعراء» الشاعر كريم معتوق، والشاعر زياد بن حجاب بن نحيت حامل بيرق الموسم الثالث من «شاعر المليون»؛ قدّم أحمد المجاحمة نصه، الذي رآه الحسن مقسما إلى قسمين، فكانت بدايته شاعرية ومرتفعة جداً وصلت حد الرومانسية، بالإضافة إلى مفردة المدينة التي يحب الرومانسيون استعمالها للتعبير عن شعورهم بالوحشة، وكان غياب تلك الفتاة هو السبب في ذلك، مشيراً إلى البيت «على زاوية مقهى جلس في يديه كتاب/ ويقرا قصيدن فيك كنتي تحبينه»، الذي يحمل نوعاً من التصوير الواقعي.
ورأى العميمي أن النص يتراوح بين الحزن والرومانسية، مبدياً إعجابه بالبيت الأخير، الذي يكاد يلخص موضوع القصيدة. وأشار السعيد إلى جمال النص رغم كمية الألم الموجود فيه، وقال إنه اقتناصة جميلة على طَرْق المنكوص، ويحمل سيناريو جميلاً ومترابطاً. ألقى بخيت المري نصاً موضوعه الأعذار، إلى ذلك، قال العميمي، إن جمال القصيدة التي أبرز فيها الشاعر شاعريته ووعيه بما يقول، كانت تلقائية، وهي سهلة ممتنعة وسلسة، لا تخلخل في بنائها ولا تنافر في صورها.
وشكر السعيد المري على النص، معتبرا أنه سهل ممتنع، وأنه مغلف برمزية ذكية. فيما قال الحسن، إن موضوع القصيدة جميل واجتماعي، وهو تجربة خاصة عند الشاعر انتهت إلى عذر الصديق، مشيرا إلى أن النص حمل تصويرات جميلة، لكن الحسن توقف عند بيت استخدم فيه الشاعر النار بطريقة سلبية وإيجابية في ذات الموقع، وهذا لا يجوز.
نص خطير
«مذهبي شنّي» كان نص الشاعر عبدالله الهذال الذي قال عنه السعيد إنه نص ذكي لا يكتبه إلا شاعر محترف، كما أنه نص شاعر مثقف، وهو ما تؤكده قافية العجز، فالنص مليء بالثقافة وبالإسقاطات التاريخية.
وقال الحسن، فقد ارتكز نص الهذال على مخاطبة الشاعرة الإيرانية، وكان يكفي القول (هيلا صديقي ومن ضفة الخليج العرب)، والنص فيه شاعرية متدفقة وخطيرة جداً، ويحتار المرء فيما يتحدث، ففيه نوافذ ثقافية، وكلمات استُخدمت لها دلالتها مثل الرموز وأسماء الأعلام والوقائع والأحداث والأماكن.
وأثنى العميمي على النص، وعلى حضور الشاعر الذي كان جميلاً، وما ميز الشاعر ليلة أمس ثراء قاموس مفرداته، وبنائه المحكم للنص، واستحضار الرموز أيضاً، فالنص مميز وثري.
وقدم علي الغنبوصي نص «البيت الخليجي»، الذي أعجب جمهور الموقع الإلكتروني للمسابقة، وقد وصفه الحسن بأنه حماسي ووطني، مشيرا إلى أن أحداث المنطقة تتطلب أبيات كتلك. ولأن النص كذلك فإن ذلك تطلّب من الشاعر الوضوح واستخدام أبيات غير مركبة، إنما قريبة المتناول، معتبراً أن في النص كنايات من التراث المحلي المعاصر. وأشاد العميمي بفكرة النص، وبالموضوع المتميز، وبالأسلوب السلس السهل الممتنع، مشيراً إلى أنسنة الجمال في كثير من الأبيات.
جمال الفكرة
علي القرني ومن خلال نص جميل استطاع أن يكسب إعجاب النقاد بما قدم من صور ومعانٍ في نص «الجار»، واعتبر السعيد الحديث عن الجار في نص القرني جميلاً للغاية، وما لفته مدخل القصيدة المتميز. وعن النص قال الحسن إن صياغته محكمة جداً، كما أعطى الشاعر كل جملة حقها من التصوير، معتبرا أن لدى الشاعر أسلوبه الخاص في إبراز الصور الشعرية. ووجد العميمي أن القصيدة مليئة بالشعر، إذ لا حشو في مفرداتها وصورها.
ومثلما تمكّن وديع الأحمدي من طرح نص مختلف في المرحلة الأولى كذلك فعل هذه المرة، فهو يذهب بالشعر النبطي إلى جهة أخرى من الجمال الذي طرحه من خلال نصه الذي دار حول الأم. وهو نص اعتبره الحسن مذهلاً، وأن التصوير فيه جاء شاملاً وجزئياً. كما أشار الحسن إلى أن القصيدة قريبة من الفصحى، وتستحق الإشادة.
وركز العميمي على الأم كقيمة دالّة عن الأمومة والوطن والجنة، وقد أعجبه تعامل الشاعر مع ذلك، والجميل الذي رآه العميمي من أول النص إلى آخره وجود الجمال شعري فيه بشكل واضح، ثم لفت إلى استحضار المكان في نص الشاعر، وإلى التجربة كابن، والتي أنتجت صياغة شعرية متميزة.
وقال السعيد إنه نص شامخ بشموخ الأم، مضيفاً «كان مسك الختام للحلقة، فإحساس الأحمدي جميل وراقٍ، وفيه تسلسل عجيب، وتأثر واضح بالبيئة». (أبوظبي - الاتحاد)
مقارنة غير موفقة
انتقدت لجنة التحكيم المقارنة التي لجأ إليها الشاعر فلاح البدري بين سفينة نوح، وسفينة التيتانيك. وقد اعتبر العميمي مقدرة الشاعر البدري أكبر مما قدمه ليلة أمس الأول، مشيراً إلى استمتاعه بالأبيات الخمسة الأولى، إلا أن بقية الأبيات لم تمثل شاعرية الشاعر، الذي يعتبره العميمي أقدر وأكفأ، خصوصاً وأن الموضوع لا يحتمل تلك المقارنة. ووجد السعيد أن المقارنة جميلة من شاعر جميل جداً، وتأكيداً على كلامهة فقد طلب من البدري عدّ أبيات أخرى من قصائد قديمة للشاعر، إلى جانب الأبوذية، غير أن الحسن اكتفى بالنص الذي قدمه الشاعر أمس الأول، وقال إنه ينقسم موضوعياً إلى قسمين، في القسم الأول كانت الصور الناجحة في طروحات كثيرة، في حين أن القسم الثاني بدا منفصلاً كلياً، وليس فيه من الشعر شيء، وقد كانت المقارنة بين السفينتين عجيبة.
منافسة الأبيات الثلاثة
كان المطلوب في حلقة أمس الأول من الشعراء السبعة إعادة صياغة معنى أبيات ثلاثة للشاعر محمد الصقري النجدي، والتي جاء موضوعها في الجار، شرط أن تكون مختلفة الوزن والقافية، والتي قال فيها الصقري أحدٍ على جاره بختري ونوّار وأحدٍ على جاره صفاةٍ محيفه
عدد اليوم
