الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأمة تحتاج الاجتهاد الصحيح.. وتعاليم الإسلام صالحة لكل زمان ومكان

الأمة تحتاج الاجتهاد الصحيح.. وتعاليم الإسلام صالحة لكل زمان ومكان
3 ابريل 2014 20:44
وسط أمواج متلاطمة من القضايا والنوازل المعاصرة تظهر حاجة الأمة إلى الاجتهاد الصحيح الذي ينبع من تعاليم الإسلام الصالحة لكل زمان ومكان، وينطلق عبر بوابة الثراء الشرعي والفقهي الذي خلفه للأمة علماؤها السابقون، دون النظر إلى الأصوات الناعقة التي تطالب من وقت لأخر بإغلاق باب الاجتهاد، استناداً إلى قاعدة «لا اجتهاد مع نص»، وهو الأمر الذي تصدى له علماء الإسلام. حسام محمد (القاهرة) أكد علماء دين أن الاجتهاد يبدأ مع النص بالأساس، وأنه أداة إسلامية متجددة لفهم صحيح الدين بما يتماشى مع نوازل وقضايا كل عصر، وحددوا ملامح الاجتهاد الصحيح وشروطه وآلياته وكيفية التصدي لمن يدعون غلق باب الاجتهاد والحكمة من غلق هذا الباب بعد القرن الثالث الهجري، وكيف أن ذلك كان فتحاً جديداً للانطلاق من الاجتهاد العام إلى الاجتهاد الخاص كل في مذهبه الفقهي، حيث يقول الدكتور محمود حمدي زقزوق، عضو مجمع البحوث الإسلامية: إن الاجتهاد في الإسلام مبدأ مستمر ومتجدد على مر العصور‏‏ وليس خاصاً بفترة زمنية معينة‏‏ والعلماء والفقهاء في كل العصور مطالبون بالاجتهاد دون توقف‏، وإذا كان صاحب الشريعة قد فتح لنا باب الاجتهاد على مصراعيه فليس من حق أحد كائنا من كان أن يغلق هذا الباب‏، فإغلاقه يعد إغلاقاً لرحمة الله‏‏ وإغلاقاً للعقول ومصادرة على حقها في الفهم والتفكير‏،‏ وهذا يعني ترك الأمور للتقليد،‏ تقليد الأسلاف فيما توصلوا إليه من فهم كان ملائماً تماماً لعصورهم وملبياً لحاجاتهم‏. مواكبة المتغيرات ومن الحقائق التي لا مراء فيها أن الحياة متجددة‏‏ ولا يوجد شيء يبقى على حاله‏‏ فحتى خلايا جسم الإنسان، كما يشير زقزوق تتجدد بصفة مستمرة‏، وقد أراد الإسلام لنا أن نمارس الاجتهاد لنواكب متغيرات كل عصر‏،‏ ونحن نعلم أن الإمام الشافعي عندما جاء إلى مصر واستقر فيها بدأ يعيد النظر في الآراء والفتاوى التي قال بها حينما كان في بغداد‏، لأن الفتوى يجب أن تراعي أعراف كل قطر من الأقطار، وفي هذا المعني يقول الإمام ابن القيم في كتابه أعلام الموقعين‏:‏ «من أفتى الناس بمجرد النقل من الكتب على اختلاف أعرافهم وعوائدهم وأزمنتهم وأحوالهم وقرائن أحوالهم، فقد ضل وأضل وكانت جنايته على الدين»، ونحن تركنا الاجتهاد ولجأنا للتقليد في وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى الاجتهاد من أي وقت مضى‏،‏ والملاحظ أنه حتى يومنا هذا نجد فقهاءنا حين يبحثون عن حل شرعي لمشكلة جديدة فإنهم يبحثون عن حل لها لدى بعض المذاهب الفقهية القديمة وفي بطون الكتب التي ألف الكثير منها في عصور التراجع الحضاري للأمة الإسلامية‏.‏ أما الدكتور محمد الشحات الجندي، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة حلوان وعضو مجمع البحوث الإسلامية، فقال: إن آراء الفقهاء السابقين كانت وستظل مجرد اجتهادات تخطئ وتصيب‏، ولم يدع مؤسسو المذاهب الفقهية أبداً أن ما يقولونه هو الحق المطلق‏، فقد قيل للإمام أبي حنيفة‏:‏ إن هذا الذي تفتي به هو الحق الذي لا مراء فيه‏‏ فرد قائلاً‏:‏ لا أدري‏‏ لعله الباطل الذي لا مراء فيه‏،‏ ومن المأثور أيضاً عن الإمام الشافعي قوله‏:‏ رأينا صواب يحتمل الخطأ ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب‏، وإن الاجتهاد في عصرنا الحاضر هو الفريضة الغائبة‏‏ وممارسة الاجتهاد أصبحت فرض عين على كل من لديه المؤهلات لذلك‏،‏ ولدينا الكثير من الفقهاء المؤهلين للاجتهاد‏‏ ولكنهم في حاجة إلى الشجاعة مرتين، الشجاعة في رفع قيد التقليد‏‏ والشجاعة في وضع قيد العقل الإنساني الذي هو ميزان الله في أرضه. ويضيف: أن القول بإغلاق باب الاجتهاد في الفقه الإسلامي دعوى باطلة تحمل في ذاتها دليل بطلانها، بل يجب على العلماء أن يفهموا الدين على النحو الصحيح ويجتهدوا اجتهادا مناسباً للعصر يعيد إلى الدين مجده، ويجدد النصوص التي تركت، ونحن لا نريد أن يوجد مجتهد مطلق ينشئ مذهباً ينافس مذهب أبي حنيفة أو مذهب الشافعي، إنما نريد مجتهداً قادراً على إفتاء الناس بما يحقق لهم مصلحة حياتهم الدنيوية، موضحاً أن الإسلام جاء في القرآن الكريم بكثير من الأحكام، لكنه جاء بأضعاف هذه الأحكام قواعد عامة تنطبق على حالات لا تحصى يستطيع المجتهد أن يستخرج منها أحكاما تفصيلية جزئية لمسائل لا حصر لها. أرض الواقع ويصف المفكر الإسلامي الدكتور أحمد كمال أبو المجد الفقه بأنه عمل بشري في أغلبه يستمد من أرض الواقع، رافضا قاعدة «لا اجتهاد مع النص»، بل إن الاجتهاد يبدأ مع النص وأن هناك نصوصاً تحض على إعمال العقل وتفضي إلى أمور معينة، لكن هذه الأمور غير نهائية أو جازمة أو غير ملزمة كلما طرأ جديد على المجتمع، ويجب الحظر من الخمول في التجديد الفقهي، مؤكداً أن غلق باب الاجتهاد أضر بالإسلام وأن أسباب غلق باب الاجتهاد لم يعد لها وجود الآن، بل إن العكس هو الصحيح، فظروف المجتمعات الإسلامية المعاصرة ومستجدات العصر تقتضي ضرورة فتح باب الاجتهاد، وهو ما قام به السابقون عندما واجه المجتمع الإسلامي بعد اتساع رقعة الإسلام ودخول شعوب ذات حضارة راقية في حظيرة الإسلام، فلم يتردد الفقهاء في استنباط مصادر جديدة هي الأدلة الاجتهادية تبنى عليها أحكام فنشأت المذاهب الإسلامية، وإن من أهم المشكلات التي ستواجه عملية إعادة النشاط لمجال الاجتهاد قلة عدد المجتهدين، واستحالة الاعتماد على الإجماع كدليل تبنى عليه الأحكام، لأنه من المفترض في المجتهد عدة شروط يصعب تحقيقها في كل مجتهد على حدة في العصر الحالي. ويضيف: إنه يمكن الاسترشاد في تطوير الفقه الإسلامي وتجديده بالقواعد الكلية وبالشروط التي وضعها الفقهاء والاعتماد عليها فيما يستجد في المجتمع من حالات، وبذلك نجمع بين المنهج التحليلي والاستقرائي والمنهج الجدلي، مشدداً على عدم الاكتفاء بالرجوع إلى كتب الفقه المعتمدة لاستخراج الأحكام اللازمة للمستجدات، بل يجب الرجوع إلى الأدلة الاجتهادية. الضرر أساس التحريم في الإسلام لفت الدكتور محمد نبيل غنايم أستاذ الشريعة بكلية دار العلوم بالقاهرة إلى اهتمام علماء الشريعة الإسلامية بوضع قواعد تلحق ما لم ينص عليه بنص، وليس بالضرورة أن تكون كل المحرمات واردة نصاً في القرآن والسنة، والحقيقة أن العلماء الفاهمين للشريعة اختلفوا في: هل الأصل في الأشياء الإباحة أم الحذر؟، وبمعنى آخر أن كل الأشياء مباحة إلا ما ورد نص بتحريمها، أم أن الأشياء كلها بحسب أصلها حرام إلا ما ورد بالشرع إباحتها، وهذا الخلاف بين الفقهاء يفهمه ويدركه الدارسون لأصول الشريعة الإسلامية، لا من يتصفون بالهمجية التي سيطرت على بعض العقول، والتي تجعل الإنسان يقول ما يخطر بباله بغض النظر عن كونه صوابا أم خطأ، فمثلاً أساس التحريم هو الضرر، وعليه فكل ما يضر بالإنسان محرم عليه، ولذلك هناك قاعدة فقهية تقول: «الضرر يزال: وأخرى: «لا ضرر ولا ضرار»، وكذلك: «الضرر الخاص يدفع بالضرر العام»، وتلك القواعد الفقهية نستخدمها فيما لا نص فيه، وهي تعين محترفي الفقه الإسلامي على استنباط الحكم الشرعي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©