الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

موليم العروسي: المهاجرون العرب يقومون بثورة معرفية

موليم العروسي: المهاجرون العرب يقومون بثورة معرفية
9 سبتمبر 2009 23:31
يمكن القول إن الدكتور موليم العروسي الباحث المغربي المتخصص في حقل جماليات الصورة أنه أحد العلامات العربية البارزة في مجال النقد الفني راهنا. إنه إشكالي حقا بطروحاته المختلفة إلى حدّ استفزاز الآخرين أحيانا إسهامات كثيرة في سياق مقاربته للعمل التشكيلي على أدوات خاصة ومتميزة. في الدورة الحالية من مهرجان الفنون الإسلامية «فلك الفسيفساء» الذي تقيمه إدارة الفنون بدائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، يشارك الدكتور العروسي في الندوة الدولية التداولية «الحقيقة والمجاز ـ الخط العربي في ميزان الجماليات الإنسانية المعاصرة» الموازية للفعاليات، وقد التقاه «الاتحاد الثقافي» وكانت هذه الحصيلة: العروسي: حرب الصور هي الأمضى ثمة نقطة إشكالية في طروحاتك الأكاديمية وتلك التي تمارسها بوصفك مثقفا معنيا بالشأن العام، وأتوجه بها إليك بوصفها سؤالا: هل ما نزال نعيش في «زمن الصورة» من وجهة نظر علم الجمال؟ هل ما نزال نعيش في زمن الصورة؟ دقة السؤال حول الصورة تأتي من أننا لا نزال محاطين بالصور، إذن أقول وبسرعة إننا غادرنا زمن الصورة ودخلنا إلى زمن المرئي، على اعتبار أنّ زمن الصورة بدأ في أزمنة دينية وامتد إلى الأزمنة الحديثة. كانت الصورة تعبر عن مشاعر وأحاسيس وربما عن ما هو مقدّس أيضا. أما اليوم فالصورة عِوَض أنْ تعبّر عن الإنسان من داخله فهي تخترقه وتأتيه من الخارج، والدليل على ذلك هو هذا الكم الهائل الذي نبتلعه يوميا دون أن نستطيع تحويله إلى شيء آخر. وعلى سبيل المثال، الرسامون الرومانسيون في أوروبا مثلا كانوا يقولون إنهم يلتهمون الطبيعة بأعينهم ويهضمونها ثم يحاولون إنجازها بطريقة جديدة حاملة لأحاسيس وتعبيرات معينة، أما اليوم فلا، إننا كمَنْ يجلس أمام الشاشة بل الشاشات المتعددة وتخترقنا هذه الصور التي هي ليست بالحقيقة في حدِّ ذاتها بل هي صورة لأشياء حقيقية ربما أو افتراضية وتخترقنا وتدخل بنا إلى علاقات معقدة داخل أذهاننا في محاولة لفك رموزها ولكننا في هذا العالم، عربا، تائهون. هذا لا يعني أنني أفترض أن هناك شيطانا ما مختبئا في مكان ما هو الذي يقوم بتسيير هذه الصور ويحاول أن يجعلنا ضحيةً لهذه الصور، لا، بل إننا معرّضون في العالم جميعا مرسلون للصور ومعرضون لها في الوقت نفسه ونحاول أنْ نخرج من هذا البحر الهائل من الصور بثيمة نضعها أمامنا ونتأملها لكن لم تتح لنا الفرصة بعد للقيام بهذا الأمر لذلك أقول إننا في زمن المرئي ونرى أشياء متعددة دون أنْ نحاول أنْ نشعر بها كما نشعر بالصور الذهنية أو الشعرية أو البلاغية أو التشكيلية. من هذا الإشكال تحديدا من الممكن أنْ ننطلق للتفكير بالمستقبل، لكن ليست لديّ الأدوات لأتحدث في هذا الأمر الآن. ورطة معرفية هل يعني هذا أننا بالمعنى الجمالي خارج هذا الزمن تماما؟ لا، لكنّ سؤالك يضعنا في «ورطة» معرفية على هذا الصعيد. حقيقة فعلم الجمال كما أسسه الأوائل، بدءا من هيجل أقلّها هو أنّ الصورة هي الحقيقة الباطنية التي ينتجها العقل أو الروح، ولهذا كان علم الجمال ممكنا لأنه يتحدث عن فرد يتحمل مسؤوليته كمبدع ويقدم لنا صورة تنبئنا عن دواخله وبالتالي إذا كانت عميقة جدا فهي تنبئنا عن دواخل متعددة تحيط به، أما اليوم فلا، نحن في مواجهة صعوبة تحديد مَنْ هو المرسل في حدّ ذاته، إننا نتلقّى بل العالم كله يتلقى، مما يعني أنّ الصورة باتت هي الشيء الذي يخترقنا ولا يتوقف قليلا لنتأمله. لأنه كي نبدع خطابا جماليا فإنّ هذا الأمر مسبوق بأنْ يتوجه إلينا مبدع ونجعل لإبداعه، بوصفه فردا، أنْ يخترقنا داخليا ونتأمله، لكنّ التأمل بات صعبا جدا، وإلى اللحظة فإن الخطابات التي يمكن أنْ ننتجها حول هذه الأعمال من الممكن أنْ تنتمي إلى علم النفس والسياسة وسواهما من العلوم الإنسانية لكن من الصعوبة بمكان أن نحدد منها موقفا جماليا الآن، وأنا هنا أتحدّث كممارِس. هل تستشعر أن هناك خطابا سياسيا يوجه هذه الصور، بالمعنى الثقافي للكلمة؟ بالتأكيد ثمة خطاب سياسي مهم، فما كان يوازي العمل التشكيلي على مستوى الحياة في المجتمع الإنساني وفي مستوى الصورة هو الكاريكاتور أو الدعاية بصفة عامة، السياسية منها وغير السياسية، فلم يكن الرسامون يعيشون في قلعة عاجية، فالرومانسيون المستشرقون ومنهم العباقرة قد رافقوا الجيوش ورسموا المعارك وكانوا يرسلون رسوماتهم إلى الجرائد، وكان هذا الجانب سياسيا يمارسه الفن ويوازيه خطاب سياسي يتناول «الآخر» وطريقة التعامل معه، إذن فليس غريبا أنّ خطاب الاستعمار قد نشأ في برفقة خطاب ضرورة معرفة الآخر والتوجه إلى الآخر عند الرومانسيين. في الحالة هذه نرى أن نشوء الفكر السياسي الموازي للصورة هو غالبا موجود، ومن الممكن تحديده بطريقة من الطرق ولكن ليس في مدارس الفنون الجميلة ولا في كليّات الآداب والنفس حيث كان علم الجمال يدرَّس بل في مدارس الإعلام والاتصال، هذا العلم هو الذي يستخدم الصور بذكاء وهو الذي ينتج خطابا موازيا للصور وتحليلا لها وليس العلوم الأخرى التي باتت في حيرة من أمرها تجاه هذه المسألة. إنه علم يدّعي تحليل ملابسات الصورة وتأويلها تبعا لمصالح ليس من الضرورة أنْ تتسم بالنزاهة دائما. حرب الصور وبالتالي يحدد هذه الجهة أو تلك التي يذهب إليها الخطاب؟ خذ مثلا، حرب العراق، ألم تكن حرب صور؟ لكن ليست حرب صور في فراغ، إنما انبنت على تخطيط أساسي، وجرى توجيهها بطريقة معينة أوجدت خطابا سياسيا مدمرا لكنها في الوقت نفسه وعلى نحو مضاد لهذا الخطاب قد أوجدت خطابا سياسيا مضادا قد يبدأ تأثيره في المستقبل، وهذا الخطاب إن استطعنا أنْ نفكك رموزه ربما يكون بمقدورنا أنْ ننتج خطابا جماليا جديدا. وهل بوسعنا أنْ نحدد ملامح لخطاب جمالي عربي مواز؟ إن الخطاب الجمالي العربي خطاب تابع أصلا، للخطابات الجمالية الموجودة في العالم وفيه القليل من الأصالة، ومَنْ يمارسونه حقيقة وباحتراف هم قلّة قليلة جدا، إذا فصلنا عنه الخطاب السيميائي أو التحليلي الأدبي أو التاريخي، أحاول أنْ أقصر الخطاب الجمالي على الخطاب الفلسفي الذي يعتمد علم النفس التحليلي على وجه الخصوص. وبالتالي ليست هناك أبحاث عميقة تتعلق بعلم جمال الصورة عربيا بل ربما تكون قليلة جدا، وقلة أيضا من الباحثين الذين ينتجون أفكارا في هذا العلم. هناك اقتراب من هذه النظرية أو تلك لكن تأمل «حالة» الصورة على ما هي عليه الآن هو قليل جدا. لماذا، لأن العرب الذين لا يتحكمون بإنتاج هذه الصور بالجملة أو بجزء من إنتاجها بالضرورة هم في وضع صعب في ما يتعلق بإنتاج الخطاب حولها؛ صعب جدا. خذ مثلا ذلك الجدل البيزنطي المثار حول قناة الجزيرة مثلا ذات التوجّه المحدد، ولكن حاولت في قالب حديث أو شبه حديث وعربي أنْ تواجه خطابا مهيمنا، ولا يهمني هنا المحتوى كثيرا بل ما استخدمته دفعة واحدة وكيف واجهت به، حيث إنها أفرزت مقاومة عربية داخلية ضد إنتاج هذه الصور، إلى حدّ أنّ أحدا لو قام بتأسيس وسيلة إعلامية غير ايديولوجية وتنتج صورا موازية ومواجهة للخطاب المهيمن فإنها ستقابَل بالطريقة ذاتها، لأن مراحل استيعاب الصورة لدينا لم يتم بالطريقة التي كان يجب أنْ يتمّ بها في مجمل الجغرافيا العربية إلى حدّ أنه يمكنك أن تغلق عينيك وتستمع لفضائيات عربية كثيرة دون الحاجة إلى أنْ ترى. لأنها بالأساس قد انبنت على الخطاب وليس على الصورة. بالتالي الخطاب الجمالي أو ما يؤسس له غير موجود لأن ما هو سائد يتوجه فقط إلى المحتوى اللغوي لهذه الصور، دون تحليل للصور في حدّ ذاتها. ثمن التبعيات هل تقصد أننا ندفع الآن ثمن هذه التبعية على مستوى إنتاج الخطاب الجمالي؟ بل ثمن تبعيات أخرى أيضا، فالإنسانية الآن في صدد خطاب الصورة تتجه إلى الاستغناء عن الخطاب اللغوي ودليل ذلك تلك الصور التي يتبادلها الناس الآن من الأجناس والثقافات والأعراق كلها كلغة عالمية بحيث إذا أردت أن تقول لا أو نعم أو تبدي موقفا ما فإن بإمكانك استخدام الصورة عبر التقنيات التي طرأت على حياتنا في السنوات العشر الأخيرة، وهذا ما ينبغي علينا أن نفككه وأن ننتبه إلى ما يحدث حولنا ونشاهده ونتعامل به. لنلاحظ الشبان الآن الذين يستخدمون هذه التقنيات هم في الوقت نفسه يحسبون أنهم ينتجون الأفكار حول مضامينها بالتالي علينا أن ننتبه جدا إلى ما يجري في عالمهم من إنتاج للصور والخطابات المرافقة لها، فلا ينبغي علينا أن نكتفي بالقول إن هذه الممارسة أو تلك صاخبة لأنها تنتمي إلى عالمهم، فما يحدث الآن داخل هذه الصور هو ما يجب أن نهيئ له في المستقبل. إذن بالضرورة سوف يتأثر الخطاب الجمالي. نعم بالضرورة لذلك ينبغي أن يكون هذا الخطاب ذا نزعة عالمية ويجب أنْ لا يتقوقع داخل الهوية. لنأخذ مثلا بسيطا، خلال الحرب الأخيرة على غزة، وأتحدث هنا عن فرنسا التي أعرفها جيدا، هناك الكثير من الصحفيين المرموقين الذين وجدوا أنفسهم في حال حرجة لأنهم كانوا في السابق هم الذين يفتون في شأن مثل هذه الأمور ويشاركون في ندوات غالبا ما ينظمها اللوبي الصهيوني هناك، ويعتمون بشدة على الأخبار ويقدمون تفسيرا أحاديا لما يحدث. لكنّ الشباب العرب، من الجيل الثالث من المهاجرين الذين يتواجدون في الغرب كله وليس فرنسا وحدها والذين لا يعرفون اللغة العربية غالبا، فقد ردّوا على تلك المزاعم بلغة الصور التي لا تحتاج إلى الكلام أو حتى التعليق عليها، وسعوا عبر الفيس بوك والماسينجر أو الماي سبيس إلى توزيعها على أكبر نطاق ممكن. أعلق ببساطة هنا، لقد تسببوا بمشكلة كبيرة حقا للجهاز الصحفي الفرنسي، وحدث الأمر نفسه في إنجلترا أيضا وسواها من مراكز القرار في الغرب، وشعروا في لحظة ما أنْ لا أحد يستمع لهم، وأنّ وجهة نظرهم ليست وحيدة بل ثمة قوة أخرى ناشئة قد تكون بديلة تماما. إنني أعتبر هذا الأمر ثورة في الخطاب الجمالي أنجزها الشبان العرب من المهاجرين الذين ارتضوا بمحض إرادتهم أنْ يكونوا عربا واختاروا موقع الدفاع عن الضحية في الحرب على غزة. ومن جهة أخرى هذا الأمر ينبغي له أن يشجعنا نحن العرب على الخوض في الحركة العالمية للصور، إنتاجا لها وللخطاب الجمالي الموازي، لا الخوف منها، ولا التقوقع على الهوية، فذلك ليس بديلا. بين الجهل والمعرفة هل تعني بذلك أن الخطاب الثقافي الغربي لم يعد خطابا مهيمنا؟ لا أعرف ماذا يحدث في المشرق العربي لكن ما يحدث بالنسبة لنا في الغرب هو أننا نعرف الغرب جيدا وفهمنا جيدا أنه لا يعرفنا، لا يعرف إمكاناتنا الإنسانية ولا حتى مفاصل كان ينبغي عليه أن يعرفها منذ زمن بعيد، لا يعرف أننا عرب ولنا عمق عربي وإسلامي وعمق إفريقي بالتالي لا يمكنه معرفة العالم العربي بحسب ما نعرفه نحن، وهذه أشياء متشابكة دفعت بالعالم إلى التفكير من جديد بالغرب وهيمنته أو مقدرته على الهيمنة فظهرت البوادر القوية لهذا التفكير في أميركا اللاتينية. نعم الخطاب الغربي الثقافي لم يعد مهيمنا، وسوف تظهر قوى جديدة في العالم ما إن ينقشع هذا الضباب كله الذي يحيط بأفغانستان والعراق والسودان نسبيا. وهذا الأمر بات في متناول العالم العربي، ثقافيا أقلّها، إذ تشهد دول مثل البرازيل والأرجنتين وتشيلي رصد ميزانيات هائلة لأخذ موقع تحت الشمس في العالم المقبل، بدلا من الخوف من هذا العالم والتقوقع على الهوية. إنهم واعون تماما أن القوة الوحيدة المهيمنة ما عادت مهيمنة تماما ولا وحيدة تماما، وأنه يجب تهيئة الذات لما هو مقبل. لكننا ، نحن العرب، ما نزال غير مدركين لخطورة مثل هذا الموقف، وعلينا المبادرة قول رأينا على نطاق واسع في مجال الصورة وإنتاج الأفكار حولها لأننا عندها سوف يكون لنا إسهامنا في إنتاج فكر كوني هو في الوقت نفسه أحد تجليات الهوية وليس خرابا لها. هل هذه الجدلية بين الهوية والصورة هي جزء من مشاغلك الفكرية الجمالية راهنا؟ بالطبع هو كذلك، إنني أنشغل ليس بالصورة وحدها بل أيضا بعلاقاتها بما يسمّى بالذاكرة الاصطناعية، وكذلك بالذاكرة تلك التي بدأت بالحفظ عن ظهر قلب لدى الجماعات البشرية الأولى ثم الكتابة التصويرية فالكتابة السابقة على الطباعة وحتى العصر الحديث وصولا إلى إتاحة مكتبات العالم كله عبر الانترنت، فما كنت ترغب في الحصول عليه ويصل إليك سابقا خلال شهرين أو ثلاثة عندما يكون الآخرون قد أنتجوا خطابهم حوله تكون أنت قد عرفته وأنتجت خطابك حوله في الوقت ذاته مع الآخرين. ما أود قوله هنا أن الإنسان بحكم تكوينه ما زال قاصرا على جمع المعلومات وأن الذاكرة معرضة دائما للتلف، فضلا عن أنّ تلك العمليات العقلية التي يقوم بها الإنسان وتتعب عقله بات الحاسوب يقوم بها، بالتالي تتوفر هنا الفرصة للعقل البشري ليتفرغ بدوره لإبداع أشياء أخرى في جميع الميادين، حيث إن الصورة هي الجزء الأساسي من هذا الموضوع، لأن الذاكرة هي خزين الصور. وفي الوقت نفسه بات عليّ بوصفي باحثا في هذا الحقل أن أعرف ماذا يحدث عند الآخرين، على الأقل في ذلك الحقل الذي يتخذ منا، نحن العرب، موضوعا له، وأيضا في مجال الصورة. أخيرا لاحظت أنّ خطابك ينزع إلى التوجه نحو الأفراد لا الجماعات. لكن في سياق شأن الهوية والذاكرة والصورة، هل يمكن للهوية أن تتجزأ على الأفراد لا على الجماعة بمجملها؟ لأقل أولا إن لكل نزعة إيديولوجية مؤسستها الإعلامية وخطابها الإعلامي، وتحول إقناع الناس بأنها الأفضل للبشرية وأنها تمثل «شعب الله المختار» وهذا موجود في كل الكرة الأرضية. ألاحظ هنا أنّ الأمر ببساطة لا يتعلق بجماعات أو أفراد بل بفكرة الفرد عن نفسه وبفكرة الجماعة عن نفسها، وهما غالبا متطابقان، فالذي يخاف على هويته كما لمست من سؤالك عليه القيام بتخزينها ورقمنتها أولا، ثم التوجه بها إلى العالم معبرا بذلك عن وجوده ومنفتحا تجاه الهويات الأخرى في الوقت نفسه. إنني، في هذا السياق، لا أفهم دفاع الكثيرين عن هويتهم في الوقت نفسه الذي يعشقون فيه هوية أخرى كالهوية الأميركية مثلا ومنتجات هذه الهوية. إن الحفاظ على الهوية يأتي من أولئك الذين يذهبون عميقا نحو جوهر الثقافة العربية حتى لو أنني كتبت باللغة الفرنسية مثلا حيث يشعر الجميع من كتابتي أنني لست فرنسيا ولا أريد أن أكون سوى ما أنا عليه بل إنني أضيف للفرنسية عندما أكتب بها محافظا على هويتي. بهذا المعنى الهوية أحيانا تجد تجلياتها في أفراد منفتحين فتنفتح هي أيضا وتتجدد وتتألق بالمزيد. سيرة فكرية يكتب الناقد المغربي بنيونس عميروش عن موليم العروسي: «إلى جوار طوني مارايني، وخليل مرابط، وعبد الكبير الخطيبي،، وموليم العروسي أسماء تشكل في نظرنا، علامات بارزة في مجال النقد الفني». ويريد من ذلك أن يلفت الانتباه إلى الكتابات التي رسمت خريطة الفن التشكيلي بخطاباتها في المغرب. ذلك أن كل إسم من هؤلاء، يرتكز في مقاربته للعمل التشكيلي على أدوات خاصة ومتميزة. ويصف العروسي بأنه تلك «الأركيولوجيا الفكرية للشكل الفني المغربي» إلى حدّ أنّ الرجل بوصفه واحدا من هؤلاء فإنه يعتبر واحدا ممن يمتلكون السلطة المرجعية في حقل الخطاب التشكيلي. بحسب عميروش أيضا. والمتابع للمنجز النقدي والإبداعي لدى العروسي (مواليد مزداد 1957، أستاذ الفلسفة وعلم الجمال بجامعة الدار البيضاء) يدرك أن الرجل لا يقف نقده عند امتلاكه أدوات النقد الخاصة بعلم الجمال وحده، بل يتجاوز ذلك باتجاه مختلف الألوان المعرفية الأخرى التي يتخذ فيها علم الجمال المرتبة القصوى، إلى درجة أنه من غير الممكن أن نحصره في خانة النقد فقط. ويشفع لنا في هذا الادعاء قوله: «إن جل القراء يظنون أنني ناقد كما جرت العادة، في الوقت الذي أقوم فيه بمجهود جمالي ينطلق من الفلسفة ويلتقي بالإبداع». من كتبه: ـ علم الجمال والفن الإسلامي، بالفرنسية. ـ مدارج الليلة الموعودة، رواية، بالعربية. ـ قناديل الليل العاشر، بالاشتراك مع الفنان المغربي أحمد جاريد، بالعربية. ـ اتجاهات التصوير المغربي المعاصر، بالفرنسية. ـ الفضاء والجسد، بالعربية. يرأس موليم العروسي الجمعية المغربية لنقاد الفن، وهو عضو اتحاد الكتّاب في المغرب ومندوب معارض أبسولوتمان فنون منذ العام 1998، ورأس لجنة تحكيم بينالي الشارقة العام 1999.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©