الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العرب قوم شعر لا علم

العرب قوم شعر لا علم
9 سبتمبر 2009 23:34
على خطى عبدالله القصيمي والمفكرين التنويريين يأتي المفكر السعودي والإصلاحي إبراهيم البليهي بالدعوة إلى الفكر القادر على الإيقاظ، بل ومن ضواحي نجد ومن أسرة فقهاء وعلماء للشريعة وعلى المذهب الحنبلي، ومن خلال حواراته التي جمعها الكاتب السعودي عبدالله المطيري في كتاب صدر حديثا، وبنظرة سريعة على حوارات البليهي نجد أنه اتسم بالانعتاق مما يسمى البرمجة الثقافية والثقافة التقليدية، كما أنه ليس مدينا لأحد بما هو فيه من فكر وتجديد ورؤى فقد مر بعدة مراحل. ومن البدء كانت أهم أسئلته (لماذا تقدم الآخرون وتخلفنا نحن؟) ومن خلال مقالات وبحوث وحوارات كثيرة جمع البليهي كل هذا وأصدره هو الآخر في كتاب عن التخلف العربي والإسلامي. ولم يقع البليهي في فخ الإجابات الجاهزة كما تطرح أيديولوجيات أخرى وقريبة منه، بل سار في خطى مصلحين أوائل من أمثال: الافغاني ومحمد عبده والكواكبي وشكيب أرسلان وحسن البنا والندوي. ولقد مر البليهي بمرحلة سماها المطيري مرحلة الانفتاح على أساس أنه كان يتمرحل في عدة تراتبات فكرية والمطيري يلخص هذه المرحلة بأنها انفتاح البليهي على الفكر العالمي والفلسفات الغربية. ولكن كيف أجاب البليهي على سؤال التخلف ذلك؟ التخلف قائم أساسا كما يقول البليهي على فكرة المقارنة بآخر، وذلك الآخر هو الغربي والغرب يمثل التقدم البشري الآن، ولايكاد يوجد في عالمنا العربي الاسلامي اعترافا بفردية الإنسان ولا بسيادة الشعوب وايضا معاناة التعليم وأنسنة القوانين ومفاهيم كثيرة وكلها مؤثرة في سبيل التقدم. يرى البليهي أيضا أن التخلف هو الأصل والتقدم طارئ وأن التقدم والتخلف صنيعة بشرية ولاعلاقة لهما في أي أمور ميتافيزيقية، ويرى أن التخلف بنية متكاملة وليس مجرد حالة عارضة، وأن التقدم والتخلف يعودان لأسباب ثقافية لا لأشياء أخرى. ويناقش أيضا العقل والجهل ونقد المسلمات والحضارة الغربية باعتبارها جميعا كانت عوامل في طرفي التخلف والتقدم. ومما يلاحظ في فكر البليهي عدة نقاط، لعل أبرزها أنه مفكر تنويري استطاع أن يسد فجوة في علاقتنا مع الآخر الغربي ومع الماضوي والتراثي والعربي بأسئلة جديدة وإجابات محرضة على المزيد من البحث، مساءلات وأطروحات حول المرأة والمجتمع والسياسي والديني على حد سواء، كذلك يحمل البليهي العمق والجانب الفلسفي المنطلق أحيانا من قاعدة عريضة من المعرفة بالديني والفكري والاشتغال الدائم على مواضيع مثل التخلف ووأد الإبداع، وهذا يظهر من خلال أسئلة محاوريه. ومن إجاباته التي تفتح آفاقا واسعة يقول: «من أشد الأوهام ضررا، مقولة أن التطور سنة الحياة، بمعنى أن التحولات تحصل تلقائيا وهذا وهم ينفيه التاريخ ويرفضه الواقع فالتحول لايأتي طوعا فضلا على أن يكون تلقائيا». كما يناقش في حواراته قضايا مثل الكتابة بأسماء مستعارة و11 سبتمبر ومؤثراته الفكرية. يقول البليهي في إحدى إجاباته عن ثقافة العرب ولماذا ترفض الفلسفي: إن ثقافة العرب هي ثقافة لغوية شعرية فنحن كما قيل ظاهرة صوتية فالشعر ديوان العرب ومن المعروف أن الإبداع الشعري مصدره العاطفة وعماده الخيال ومادته اللغة وهو الفن الرفيع الوحيد الذي أجاده العرب في الجاهلية والإسلام، إنه فن البداوة فالإبداع فيه لايتطلب شيئا من العلم، وإنما فيضان لفظي يندلق بارتفاع درجة حرار العاطفة.. ويصل إلى أن العرب لم يعترفوا بالفلسفة لأن الشعر قد أخذ الكثير من تكوينهم.. ويمكن أن يكون هذا مدخلا لمناقشة الكثير من الحقائق والرؤى إذ أن أفكار البليهي في هذه الجوانب قد يعتريها شيء من عدم الدقة. إبراهيم البليهي ظاهرة ثقافية إصلاحية تنويرية استطاع أن يتجاوز عصره بهذه الأفكار ويعيش بيننا كما يشير إلى ذلك شاكر النابلسي.. إنه يشرع لثقافة المستقبل ورفض السائد المستقر والثابت في ثقافتنا دونما حراك أو فاعلية، كذلك هو ومن خلال الحوارات واحد ممن تعهدوا بالحوار مع الآخر الغربي وممن تعد آراؤهم الآن مهمة بصدد الإنسان اليوم وعلاقته مع الدين والمجتمع ومع مقومات الإبداع والنزعة العقلية والحريات. وعن دور المثقف يقول البليهي: «إن المثقف لايمكن أن يخلق لنفسه دورا لايقره له المجتمع فالدور يتحدد بواسطة المجتمع وفي إطار اهتماماته
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©