الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سودان صغيرة في استراليا

23 مارس 2012
يحاول السوداني فتحي شوما جاهداً نسيان الأسلحة وألم المنفى، في بلدة "أورنج" الأسترالية التي تستضيف 300 لاجئ سوداني من رجال ونساء وأطفال، وتنتج الذهب والقمح. ويقول فتحي بلغة إنكليزية متعثرة: "إنها ربما أفضل مدينة في العالم، ولا سيما من ناحية المناخ. إنها شبيهة بالمكان الذي أتينا منه في السودان. 37 ألف نسمة هم سكان "أورنج" وهي بلدة هادئة تنتشر فيها الأراضي الزراعية والمناجم بعيدا عن سيدني والمحيط الهادئ (200 كيلومتر غربا) وبعيدا عن جبال النوبة في جنوب كردفان التي اضطرر فتحي إلى مغادرتها مع زوجته وأولاده، هرباً من الحرب الأهلية. وقد أمضى فتحي مع عائلته ثلاث سنوات كادت لا تنتهي في مخيمات مصرية كانت في الواقع أشبه بمآو للمحتضرين نجوا منها وفيها شهدوا مآسي كثيرة، من نساء اختفين إلى لاجئين قتلوا من أجل سرقة أعضائهم، مرورا بالحر والعطش والأمراض. وتقول زوجة فتحي نعمت درار، وهي تقدم القهوة في المنزل المتواضع الذي اشتروه بعد عثورهم على وظيفة، إن حياة السابقة صعبة جداً... نشكر الله لأنه أوصلنا إلى هنا أحياء". ويعمل فتحي في توضيب اللحوم في أحد المتجر، أما زوجته ففي محطة وقود. ويمثل السودانيون أقل من 1% من سكان البلدة الأصليين و11% من السكان الأجانب الذين لا تتعدى أعمار ثلثيهم 18 عاما. ويواجه السودانيون حواجز عدة تعيق اندماجهم في ذلك المجتمع، منها تعلم اللغة المحلية وتقاليد هذا البلد الشهير برياضتي الركبي وركوب الأمواج. لكن عثمان تاغ الذي أسس الجالية السودانية هناك سنة 2005 مع زوجته وأولادهما السبعة يقول "بما أنها بلدة صغيرة، يسهل علينا بناء صداقات. أنا أتيت من بلدة صغيرة أيضا". لكن السكان الأصليين الذين يشكلون أقلية والذين عانوا من القمع طوال عقود ويعيشون اليوم في فقر مدقع، لم يرحبوا بوصول هذه الجماعات الأقل حظوة منهم والتي أتت لتنافسهم على أراضيهم. وتقول جيني غروسفرنور وهي امرأة متقاعدة احتضنت وزوجها فتحي ونعمت، "لكن الوضع تغير بين ليلة وضحاها بفضل ودهم"، في إشارة إلى السودانيي. وتضيف "لقد حصلنا على نعمة كبيرة فهم رائعون بالفعل. لقد تعلمنا منهم وهم بدورهم تعلموا منا وما زلنا نتعلم حتى اليوم". لكن هؤلاء اللاجئين الأميين الذي اقتلعوا من مجتمعهم التقليدي والقبلي يجدون صعوبة في التأقلم مع الحياة في أستراليا المتشددة والمتحررة في آن. فالشباب، وخصوصا الشابات منهم، يخضعون في السودان لمراقبة ذويهم لفترة طويلة ولا يمكنهم مغادرة منزل العائلة قبل زواجهم. ويقول عميد الجالية السودانية عبد الجبار حسين "هنا، الوضع مختلف. فمنذ سن السادسة عشر، يبدأون بالاعتماد على أنفسهم ويخرجون متى يحلو لهم. ولا يروق لنا ذلك". يذكر أن أستراليا التي تضم مستعمرات بريطانية شهدت موجات هجرة متعاقبة فاستقبلت الصينيين خلال حمى الذهب في القرن التاسع عشر والفيتناميين والايطاليين واليونانيين والأوروبيين الشرقيين وغيرهم. وبما أن معدل النمو السنوي لدى السودانيين يبلغ 20%، فقد ارتفع عددهم من 20 ألفا سنة 2006 إلى ما بين 40 و50 ألفا اليوم وباتوا يمثلون 0,2% من سكان أستراليا.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©