الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

في الحرب التجارية.. صين اليوم تختلف عن يابان الثمانينيات

في الحرب التجارية.. صين اليوم تختلف عن يابان الثمانينيات
19 ابريل 2018 00:01
ينظر البيت الأبيض إلى الحرب التجارية الأميركية ضد اليابان، في الثمانينيات والتسعينيات من القرن العشرين، للاستفادة منها كدرس في معركته التجارية الحالية ضد الصين. لكن ما يثير الدهشة أن الحقبتين تتشابهان بنفس درجة اختلافهما. ويقدّر المسؤولون التجاريون الأميركيون استخدام الرئيس السابق رونالد ريجان للتعريفات الجمركية لجعل اليابان تفتح سوق أشباه الموصلات، وتحد صادرات الصلب وغيرها من الصادرات إلى الولايات المتحدة. وتجدر الإشارة هنا إلى أن الممثل التجاري الحالي للولايات المتحدة روبرت لايتايزر، كان في السابق مسؤولاً في إدارة ريجان، حيث ساعد في تنفيذ تلك الاستراتيجية ضد اليابان. اليابان في ذلك الوقت، مثل الصين اليوم، كانت تنعم بفائض تجاري كبير مع الولايات المتحدة. وأيضاً اليابان، مثل الصين، سنت قوانين لتسمح لشركاتها بالحصول على مزايا تفضيلية تجعلها قوى تجارية عالمية كبرى، ومثل الصين كانت اليابان تسعى للحصول على التكنولوجيا الأميركية بأي طريقة ممكنة. والأداة الرئيسية التي استخدمتها الولايات المتحدة لجعل اليابان تغير مسارها، هي تفعيل البند 301 من قانون التجارة الأميركي لعام 1974، وهي الأداة نفسها التي تستخدمها إدارة الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب لمواجهة الصين. ويمنح هذا البند الرئيس صلاحيات واسعة للانتقام من الغرماء التجاريين من خلال فرض التعريفات الجمركية، وغيرها من الوسائل المستخدمة في النزاعات التجارية. ويقول كلايد بريستوفيتش، وهو ما يمكن أن نطلق عليه مناضلاً تجارياً جمهورياً بارزاً عاصر حقبة النزاع التجاري مع اليابان: «آخر مرة تم استخدام هذه الطريقة مع اليابان، نجحت». لكن حتى بريستوفيتش يشك في أن مثل هذه التكتيكات ستأتي بنتائج إيجابية مرة أخرى، حيث يصف ترويض الصين بقوله إن «الصين حيوان مختلف». إلى جانب استهداف اليابان، استخدمت الولايات المتحدة البند 301 للضغط على الهند. وهددت واشنطن بتعريفات ما لم تقم الهند بتحرير سوق التأمين الذي كان يحظى بالحماية. وكانت الهند غاضبة جداً، ورفضت التفاوض. وقال وزير المالية الهندي آنذاك: «ليس من أجل الولايات المتحدة نقرر السياسات الهندية». وبالفعل تراجعت الولايات المتحدة عن تهديداتها للهند. والصين اليوم أشبه بالهند في تلك الحقبة من اليابان. فمثل الهند، الصين بلد قومي كبير. ويعتقد قادتها أنهم مصممون على استعادة مكانة الصين كرائد عالمي، وأنهم يقومون ببناء جيش قوي يحظى بمكانة عالمية. أما اليابان فكانت دولة صغيرة نسبياً، وكانت تطلعاتها لتصبح قوة عالمية قد تلاشت خلال الحرب العالمية الثانية. كما أنها كانت تعتمد على واشنطن للحفاظ على أمنها. وبسبب العوامل السابقة شعرت الولايات المتحدة بالإحباط بسبب موقف اليابان التجاري معها. ولكن بعد تأخير نسبي، فقد اضطرت في النهاية إلى تلبية مطالب واشنطن. ويقول بريستوفيتس: «اليابان احتاجت إلينا لحمايتها من الصين». ومن الناحية العملية، فإن اليابان لم ترد أبداً على الإجراءات التجارية الأميركية. ولم تضع تعريفات مضادة على البضائع الأميركية. بل في الواقع، إنها لم تهدد حتى بالرد. على النقيض من ذلك، فالموقف مع الصين اليوم، أنه بعد أقل من 24 ساعة من تهديد إدارة ترامب بتعريفات تبلغ 50 مليار دولار من الواردات الصينية إلى الولايات المتحدة، نشرت الصين قائمتها الخاصة البالغة 50 مليار دولار من السلع الأميركية. عندما أضاف ترامب 100 مليار دولار أخرى من السلع الصينية الخاضعة للرسوم، أطلق متحدث باسم وزارة التجارة في بكين تهديدات جديدة قائلاً: «الصين مستعدة تماماً للرد بقوة». وقامت اليابان بتخفيض حدة المعارك التجارية مع الولايات المتحدة من خلال السماح لبعض شركاتها الكبرى في مجال صناعة السيارات والإلكترونيات ببناء مصانع في داخل الأراضي الأميركية، واليوم توظف مئات الآلاف من العمال الأميركيين الذين يعملون في تلك المصانع، وعملت هذه الخطوة على خلق حلفاء سياسيين لليابان، لا سيما من الجمهوريين. هذا الخيار غير متاح بالنسبة لبكين. فقد بلغت الاستثمارات الصينية في الولايات المتحدة 29 مليار دولار أميركي في عام 2017، بانخفاض بلغ الثلث، مقارنة بالعام الذي سبقه، حسب مجموعة «روديوم» لأبحاث السوق. كما تقوم الولايات المتحدة بشكل متزايد بمنع الصين من شراء أشباه الموصلات وغيرها من شركات التكنولوجيا؛ بسبب المخاوف بشأن الأمن القومي الأميركي. وتكافح الصين الإجراءات الأميركية باستهداف سلع تمثل حساسية للقادة السياسيين، مثل المنتجات الزراعية والطائرات التجارية الأميركية. وتسعى الصين من وراء ذلك إلى جعل الحرب التجارية مكلفة للغاية على الإدارة الأميركية، حتى تتراجع الولايات المتحدة عن إجراءاتها التجارية، حتى لو أضر الصراع بالاقتصاد الصيني. وعندما يتعلق الأمر بفرض التعريفات، هناك درس آخر من المعارك مع اليابان.. المعارضة المحلية تُضعف خطط البيت الأبيض. ففي عام 1995، كان من المقرر أن تضع إدارة كلينتون 100% من الرسوم الجمركية على السيارات اليابانية الفاخرة المستوردة للضغط على اليابان لشراء المزيد من قطع غيار السيارات الأميركية. عدد قليل من المستهلكين الأميركيين سيتأثرون، هكذا افترض المقربون من كلينتون، وكانوا بشكل رئيسي من الجمهوريين. لكن المعارضة الشرسة التي أبداها تجار السيارات بالولايات المتحدة مارست ضغوطاً متزايدة على البيت الأبيض في ذلك الوقت، ما عمل على تعديل الإجراءات لتنصب حول توسيع اليابان لعمليات إنتاج سياراتها داخل الولايات المتحدة. وهو ما كانت تفكر فيه اليابان بالفعل. وفي المعركة الحالية مع الصين، يركز أعضاء جماعات الضغط في الولايات المتحدة المعارضين للإجراءات التجارية مع الصين، على الضرر المحتمل الذي سيتعرض له المزارعون، ويضع هذا الرئيس ترامب في موقف صعب؛ لأن جماعات الضغط التي تهتم بالمزارعين تشكل حجر أساس في التأييد الذي يحظى به ترامب داخل الولايات المتحدة. وقال الرئيس الأميركي مؤخراً لمحاولة طمأنة جماعة الضغط إن إدارته ستتوصل إلى خطة «لحماية مزارعينا»، لكنه لم يقدم أي تفاصيل. ولطالما عبّر الرؤساء الأميركيون عن الثقة المفرطة في استخدام الحرب التجارية ضد الدول الأخرى. ففي أوائل القرن التاسع عشر، فرض الرئيس توماس جيفرسون حظراً على الصادرات البريطانية لإيقاف بريطانيا عن مضايقة السفن الأميركية، معتبراً أن هذه الخطوة ستضر بالاقتصاد البريطاني. الخطة جاءت بنتائج عكسية. فعندما انهارت التجارة، كانت الولايات المتحدة هي الخاسرة. ويقول المؤرخ التجاري دوجلاس إيروين: «كان جيفرسون واهماً». ويقول الممثل التجاري الأميركي السابق، ميكي كانتور، الذي ساعد في التفاوض على صفقات الولايات المتحدة مع اليابان في تسعينيات القرن الماضي لصالح إدارة الرئيس بيل كلينتون، إن أكبر الدروس التي تعلمها خلال تلك الفترة هو أنه يجب أن تمضي الإدارة الأميركية قدماً في تنفيذ خططها ومواصلة الاستراتيجية التي أعلنت عنها بسرعة وثبات. وكان الرئيس دونالد ترامب قد هدد بالانتقام بصورة موسعة ضد الصين، لكن مساعديه حاولوا تهدئة الأسواق من خلال الادعاء بعدم وجود حرب تجارية. وحول هذا الأمر يقول كانتور: «إن هذا التخبط يقوض مصداقيتك محلياً ومع الصينيين».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©